أيها السوريون: النصر بضاعة محلية
الكاتب : رابطة خطباء الشام
الأربعاء 12 يوليو 2017 م
عدد الزيارات : 1849
مقدمة:
أمام تلك التضحيات الجسام، البيوت الخاوية على عروشها، دماء الشهداء التي لم تجف بعد، أنين الأسيرات والمعتقلين، ذل المهجرين والمشردين، الآلاف المؤلفة من الأرامل والأيتام، جيل كامل جاهل لم يعرف مقاعد الدراسة والتعليم.
وأمام ما يحاك لبلاد الشام من مكرٍ كبَّارٍ، مؤامرات للتقسيم، وتثبيت للمجرمين، وتخطيط للقضاء على ما تبقى من المجاهدين..
يتساءل الكثيرون: ما المخرج، وما الواجب علينا أمام هذه المحنة العظيمة، وما دور كل فرد ومؤسسة؟
سؤال ثقيل، وإجابة ثقيلة، وكل ذلك يسير على من يسره الله عليه.
1- هل ستذهب التضحيات؟
ليست هذه آخر مؤامرة تحاك ضد ثورتنا ثورة الحق على الباطل، ولكنها الأخطر والأعنف!
فهل ستنجح المؤامرة؟ وهل سيكون التقسيم بالفعل؟ وهل سنخسر التضحيات الجسام؟
سبع سنين والجروح ما زالت نازفة فهل سيذهب الدم هدرا؟
هل ستطوى صفحة عذاب المعتقلين فلن يُذكروا بعد اليوم بل سيزيدون؟
هل ستندم الأرامل على أزواجها والأيتام على آبائها والأمهات على أولادها؟
هل سنصير مضطهدين في ديننا ودنيانا ويحكمنا أرذل البشر؟
نعم سيحصل كل هذا وغيره كثير إن استسلمنا ووضعنا أوراقنا بين أيدي جلادينا وتركنا الخونة والعملاء يتحكمون بمصير الشرفاء.
سيحصل هذا وغيره كثير إن اعتمدنا على غير ربنا ولم ننصره كما أمرنا..
سيحصل هذا وغيره كثير إن لم نجتمع ونتوحد في صف واحد بمختلف مسمياتنا ومدارسنا واتجاهاتنا، {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]
إن سنن الله لا تحابي أحداً لا نبياً ولا ولياً، وليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب، وقد مضت سنة الله {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 7-8].
2- ماذا تعلم عن سايكس بيكو؟
كان دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى أو استدراجها على وجه الدقة كان يعتبر المرحلة الأخيرة في مراحل الصراع الطويل بين العالمين الإسلامي والغربي، وهي مرحلة تمزيق أشلاء الدولة العثمانية واقتسام تركتها بين أباطرة الاستعمار الأوروبي وقتها(إنجلترا ـ فرنسا ـ روسيا) في منتصف سنة 1334هـ ـ 1916م، والحرب العالمية الأولى على أشدها، والقتال مشتعل على عدة جبهات، والحكومة البريطانية تواصل خداعها للشريف حسين أمير الحجاز وتستدرجه للقيام بثورة كبيرة على الدولة العثمانية باسم العروبة والاستقلال.
فقد أرسلت بريطانيا أحد أشهر العملاء في التاريخ وهو “توماس إدوارد لورنس” أو ما عُرف لدى العرب باسم “لورانس العرب”، والذي استغل رغبة القبائل العربية بقيادة الشريف الحسين بالاستقلال عن الدولة العثمانية وقام بالاتصال ببريطانيا لكي تقوم بتسليح القبائل مع وعدها بالحصول على الاستقلال بعد انتصار الحلفاء في الحرب، وبالفعل وافقت بريطانيا على ذلك وبدأت في دعم القبائل العربية بالسلاح لمحاربة الدولة العثمانية مما يسبب عبئا كبيراً على الدولة العثمانية أثناء الحرب. 
في هذه الأثناء والأوقات العصيبة يجتمع مندوبون من إنجلترا وفرنسا وروسيا بمدينة بطرسبرج الروسية، وذلك من أجل التباحث ووضع الخرائط النهائية للمناطق التي ستلتهمها كل دولة منهم.
وقد مثَّل إنجلترا في هذه المفاوضات "مارك سايكس" عضو البرلمان البريطاني وهو المندوب البريطاني لشئون الشرق الأدنى، ومثَّل فرنسا فيها "جورج بيكو" قنصل فرنسا السابق في بيروت، ومثل روسيا المعتمد "سازونوف"، وقد انتهت هذه المفاوضات بتوقيع معاهدة "سايكس - بيكو" الشهيرة في 14 رجب 1334هـ / 16 مايو 1916م.
وضربت بريطانيا باتفاقها مع زعيم القبائل العربية الشريف الحسين عرض الحائط، فقد اُستغلت رغبة القبائل في الاستقلال وأن يكون لها حكماً ذاتياً وأن تحكم نفسها بنفسها في تحقيق مصلحة للغرب.
وبموجب هذه الاتفاقية أصبحت فلسطين والأردن والعراق من نصيب إنجلترا، وسوريا الكبرى وجزء كبير من جنوب "الأناضول" من نصيب فرنسا، على أن تكون القسطنطينية مع أراضي واسعة على جانبي البوسفور وشرق الأناضول من نصيب روسيا.
وقد ظلت هذه الاتفاقية سرية حتى قيام الثورة الشيوعية بروسيا، فأذاعت بنود هذه الاتفاقية وانسحبت روسيا منها، ومع ذلك دخلت بنود المعاهدة ولم تستطع الدولة العثمانية وقف النهاية المأساوية لدولة الخلافة.
والجدير بالذكر أن هذه المعاهدة ظلّت سرًا لا يدري به العرب، إلى أن نشرتها الحكومة السوفييتية (سابقا عام 1917م). وسارعت بريطانيا عندئذ إلى طمأنة العرب إلى أن المعاهدة أصبحت ملغاة بعد انسحاب روسيا من الحرب وانضمام العرب إلى جانب الحلفاء.
تقسيم العالم الإسلامي:
تم تقسيم المنطقة بموجب الاتفاق فحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من بلاد الشام وجزء كبير من جنوب الأناضول ومنطقة الموصل في العراق، أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالاتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية.
كما تقرر وضع المنطقة التي اقتطعت فيما بعد من جنوب سوريا "فلسطين" تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا لاحقاً وبموجب وعد بلفور لليهود، أعطيت فلسطين للصهاينة لبناء دولة إسرائيل المزعومة.
إن الدول الكبرى اليوم بمساندة خونة العرب لترسم مخططاً جديداً يغيرون به ديمغرافية بلاد المسلمين، ويضعفوا أهل السنة بعد أن شعروا بأن مقومات عزتهم بدأت ترتسم.
فهل سيمر مخططهم وتنطلي ووعودهم علينا ام ان هناك عقلاء ما زالوا بيننا سيتداركون الموقف وينتشلون أرضنا بعد ان كادت السفينة أن تغرق؟
3- موقف النبي تجاه التحديات الخارجية
قرر رسول الله بعد غزوة الأحزاب قرارًا خطيرًا هو نقطة تحول بارزة في صراع المسلمين مع أعدائهم؛ فما ذلك القرار؟ وكيف تم تنفيذه؟ وما آثاره؟
روى الإمام أحمد والبخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين أجلى الله تعالى عنه الأحزاب: (الآن نَغْزُوهُمْ وَلا يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ).
كان هذا القرار نقطة تحوُّل بارزة في صراع المسلمين مع أعدائهم في عصر النبوة؛ انتقلت فيها المبادرة إلى أيديهم لأول مرة في تاريخ هذا الصراع، وترتَّب على هذا الانتقال آثار بعيدة المدى... فطوال الفترة التي قضوها في المدينة من يوم الهجرة إلى ما قبل غزوة الخندق، كانوا يتلقون هجمات أعدائهم، ويواجهونها بمعارك دفاعية؛ كان أبرزها: غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، وغزوة أحد في السنة الثالثة، ثم كانت غزوة الخندق في السنة الخامسة؛ التي واجهوا فيها هجوم قريش والقبائل العربية واليهود.
فقرار الرسول القائد صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الخندق (الأحزاب): (الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلا يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ). 
معناه: أن يتحوَّل المسلمون من الدفاع إلى الهجوم، وأن يسيروا إلى أعدائهم بدلاً من البقاء انتظارًا لضرباتهم، وبعبارة آخري: فإن معنى القرار أن يتحوَّل المسلمون من حالة ردِّ الفعل إلى الفعل.
أيها المسلمون في الشام: إنه لا ينبغي لنا أن نكون دائما في وضعية رد الفعل تجاه ما يحاك لنا، بل ينبغي علينا أن نصنع نحن الحدث وأن يخطط العالم ويمكر مكره الزائل حسب ما نرسم نحن على الأرض، فكما أننا أصحاب الأرض فيجب أن نكون أصحاب القرار.
في خلال تلك الفترة كانت قريش تملك زمام المبادأة؛ لكنها لم تستطع تحقيق هدفها الأساس؛ وهو القضاء على الإسلام، أو القضاء على المسلمين في موطنهم الجديد، لقد قاتلت المسلمين في عدَّة معارك، أهمها: بدر، وأحد، والخندق بلا جدوى.
حتى في تلك الغزوة الأخيرة (الخندق) التي أرادت لها أن تكون فاصلة، فحشدت لها كل ما أمكنها من قوى أخرى إلى جانب قوتها متمثِّلة في القبائل العربية واليهود، لم تُجْدِها شيئًا..
وهنا تظهر عبقرية الرسول صلى الله عليه وسلم في فهمه لطبائع البشر، وفراسته في رصد ملامح الضعف في قوة خصمه، وسرعته الفائقة في اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الملائم لتوجيه الضربة القاضية: (الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلا يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ)!!
والله ثم والله لقد فشلت أربع دول عظمى في كسر إرادة الثلة الصابرة المصابرة في بلدكم، والله ثم والله إنه حسب الموازين الأرضية والفكر العسكري ينبغي ألا يكون هناك شعب في سوريا!
آلة عسكرية لا تبقي ولا تذر، ودول عظمى تتناوب على قلة مؤمنة، ثم تفشل؟!
نعم والله فشلت ثم جاءت لتغطي فشلها بهدن ومناطق خفض توتر!
لا غرابة فقوة الله الخفية الكامنة وراء قوة المؤمنين تفعل أكثر من ذلك، وستتجلى أكثر يوم النصر الأكبر، يوم يخذل الله الكافرين ويعلي ويعز عباده المؤمنين.
{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ..} [آل عمران: 196-197].
{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ..} [النور: 57].
وخلال تلك الفترة نجح المسلمون في فرض الحصار الاقتصادي على قريش؛ وذلك بالسيطرة على طريق التجارة إلى الشام، ثم على طريق العراق الذي تحولت إليه: فبعد أن أصبح طريق الشام محفوفًا بالمخاطر، تحوَّلت قريش إلى طريق العراق، فقد قال صفوان بن أمية: "إن محمداً وأصحابه قد عوَّروا علينا متجرنا، فما ندري كيف نصنع بأصحابه وهم لا يبرحون الساحل، وأهلُ الساحل قد وادعهم ودخل عامَّتُهم معه، فما ندري أين نسلك، وإن أقمنا في دارنا هذه وأكلنا رءوس أموالنا فلم يكن لها من بقاء، وإنما حياتنا بمكة على التجارة إلى الشام في الصيف وإلى الحبشة في الشتاء"، فأشار عليه الأسود بن عبد المطلب أن يتخذ طريق العراق، ففعل، وتجهز من البضائع والفضة بما قيمته مائة ألف درهم، غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث زيد بن حارثة في مائة راكب فاستولى على القافلة وهي في طريقها عند ماء يقال له: (القردة) من مياه نجد.
هكذا هي سياسة المبادئة، قطع طرق الإمداد، واستهداف اقتصاد العدو، ورصد تحركاته، والإغارة على مواقعه، كلها حركة وعمل دؤوب ومتواصل لحماية حوزة الدين وأرض المسلمين.
وجدير بالذكر ألا يغيب عنا موقف قائد المسلمين قطز في موقف أشد حلوكة مما نمر به الآن، فماذا كان موقفه؟
أرسل هولاكو رسالة مع رسله إلى قطز وأهل مصر يقول فيها: "إنّا نحن جند الله في أرضه، خُلقنا من سخطه، وسلّطنا على مَن حَلَّ به غضبه، فلكم بجميع البلاد معتبر، وعن عزمنا مزدجر، فاتّعظوا بغيركم وأسلموا لنا أمركم، قبل أن ينكشف الغطاء، فتندموا ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرقّ لمن شكى، وقد سمعتم أنّنا قد فتحنا البلاد، وطهّرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب، وعلينا الطلب، فأيّ أرض تؤويكم، وأيّ طريق تنجيكم، وأيّ بلاد تحميكم؟! فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرّمال، فالحصون عندنا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع، فمن طلب حربنا ندم، ومن قصد أماننا سلم، فإن أنتم لشرطنا وأمرنا أطعتم، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خالفتم هلكتم، فلا تهلكوا نفوسكم بأيديكم، فقد حذّر من أنذر"
فلمّا سمع قطز ما في هذا الكتاب جمع الأمراء والعلماء، واتّفقوا على قتل رُسُل هولاكو، فقبض عليهم وأمر بإعدامهم فأُعدموا وعُلقت رؤوسهم على أحد أبواب مصر، وإنّما فعل قطز هذا لكي لا يترك لأحدٍ فرصةً غير الحرب، وكان قراره نهائيّاً لا رجعة عنه.
وتواترت المعلومات الموثوق بها عن زحف التتار باتّجاه مصر، وهي آخر ما بقي من حواضر الإسلام الكبرى بعد اجتياح التّتار لمعظم بلاد المسلمين، فعقد قطز اجتماعاً مع وجهاء الدّولة وعلمائها، وكان الرّأي أن يتوجّهوا لقتال التّتار في الشّام وأنّ من الخطأ انتظارهم حتّى يصلوا مصر، لكنّ الأمراء والقوّاد المترفين امتنعوا‏ وتردّدوا من الفكرة.
فما كان من قطز أمام هذا التّخاذل إلّا أن ألقى كلمته المأثورة مخاطباً إياهم قائلاً: "يا أمراء المسلمين، لكم زمانٌ تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزو كارهون، وأنا متوجّهٌ، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، فإنّ الله مطّلعٌ عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخّرين"
فمن اليوم لمثل هذا الإقدام..
4- النصر بضاعة محلية
لا بد أن يفهم المسلمون أن النصر بضاعة محلية لا تستورد من الخارج، وإنما تصنع في بلاد المسلمين وفي أمة الإسلام.
إن أمم الكفر وإن تظاهرت بنصرة المسلمين فإنها كاذبة؛ لأن الله يقول: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].
فلا تعلقوا قلوبكم بهم فتخسروا ولاية الله ونصرته.
قرار النصر لا يكون إلا من عند الله، ولا يصدر القرار من الله حتى يحين موعده، {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} [الكهف: 59].
توكلوا على الله ولا تعلقوا قلوبكم بغيره، فالنصر لا يكون إلا من عنده، {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160].
ألا يجتمع العقلاء على كلمة سواء ويزيحوا هذا الهم الكبير الذي أثقل كاهل الناس؟
ألا يجتمعون فيستنزلوا نصر الله باجتماعهم؟ 
فيا أيها المؤمنون ويا أيها المجاهدون:
{أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}
{كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ}
(عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد)
(من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة)
(لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً)
(لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)
(إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث)
(إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة)
(إياكم والظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)
(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره)
(بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)
(كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله)
(من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)
5- أذرع الخارج
لم يكن العدو لينجح لولا أذرع له خائنة لدينها وعرضها وأرضها، هؤلاء الخونة لا يخلو منهم زمان، فقد أرهقوا أمتهم عبر العصور والدهور.
هم كلاب العدو، وجنودهم المتطوعون، باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل، فضلوا الدنيا على الآخرة.
ستلعنهم دماء الشهداء كل حين، وستلاحقهم دعوات المعتقلين في الأسحار، هم من أخروا نصرنا، وجعلوا العدو يتكالب علينا..
عندما كنا ننادي بفتح الجبهات تجدهم يتهربون، أو يعدون وعوداً كاذبة، أو يفتحون معارك وهمية ثم يزجوا العناصر في مقتلة وينسحبون.
هؤلاء ماذا نسميهم؟
ماذا نسمي من ينام على مفاتيح مستودعات الأسلحة والذخيرة؟
ماذا نسمي من يبيع السلاح الذي أتى لصالح أكثر من معركة، بيع للخوارج ولغيرهم من أعداء الملة؟
هؤلاء الخونة يجب أن يعزلوا، وتقام ثورات ضدهم، ويجب أن ينزل بهم أشد العقاب.
إن السلاح القليل الذي كنا نملكه أول الثورة والطلقات المعدودة التي كنا نعدها واحدة واحدة كنا نحرر بها ونغنم.
أما الآن فنملك أضعافها بمئات المرات وأثقل منها ولم نحرر ما حررناه سابقا، بل تقدم العدو وأخذ مما حررناه!!
ما كان هذا ليكون إلا بفعل أولئك الخونة الذين يمنعون السلاح عن عناصرهم وجبهاتهم، ويغلقون المستودعات في وجوههم، وينفذون أجندة الخارج الذي ينفذون مخططاته حذو القذة بالقذة.
إن على المحاكم الثورية وهيئات الإصلاح وكل جهة مسؤولة ان تفتح باب رفع الدعوات ضد هؤلاء الخونة، وأن تفرد ملفاتهم أمام العدالة، وأن يفضحوا على رؤوس الأشهاد، وأن ينفذ بهم الحكم الشرعي.
إن المؤامرات التي تحال في الليل المظلم في الخارج لم تكن لتنجح إلا بمساندة هؤلاء الخونة باعة الدين والعرض والأرض، وإن الاتفاق الأخير (الأمريكي، الروسي، الأردني) ليدعونا لأن نتخذ موقفاً حاسماً تجاه العملاء حتى لا تتكرر سايكس بيكو ثانية لمئة سنة قادمة، قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الانفال: 25].
وقال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} [إبراهيم: 28-29].
إننا وإياهم نركب في سفينة واحدة فإن تركنا واجب البيان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتغييره أيضاً سنغرق جميعاً، فلن نسمح لمثل هؤلاء أن يحلوا بنا دار البوار وأن يصيبونا بفتنة لا تبقي ولا تذر.
قال صلى الله عليه وسلم: (فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا) البخاري/2493
أيها السوريون:
- إن توقيع الاتفاق مع قاتل الأطفال بدعوة مصلحة الثورة وأنه راع للسلام في سوريا، هذا لا يقبله أي ثائر عاقل على أرض الوطن..
- نحن مع أي اتفاق يخفف عن شعبنا آلامه ولكن ضمن ضوابط ومحددات المجلس الإسلامي السوري الخمسة...
- آن ثقتنا بالصادقين من قادة الفصائل وخاصة في الجبهة الجنوبية لتدعونا للاطمئنان، وأنهم لن يوقعوا على اتفاقات رسمت من وراء الحدود ولا تصب في مصلحة الثورة..
- نطالب القادة الذين لم يبينوا موقفهم من هذا الاتفاق، أن يبينوه لأن الشعب لن يرحم من سيخذله أو يتآمر مع قاتله...
- وإننا ندعو قادة الفصائل على أرض الشام وفي أرض حوران خاصة أن يوقعوا على ميثاق ثوري ينطلق من ثوابت الثورة، ليقطع الطريق على المتسلقين على انتصارات الفئة الصابرة الثابتة.
- كما ندعو شعبنا الحبيب أن يخرج بمظاهرات تندد بهذا الاتفاق الذي من شأنه تقسيم سوريا ورفضه، لأن شعبنا هو من يملك القرار على الأرض..
 

http://shamkhotaba.org