مقدمة:
أيُّ معنىً للسّلاح من غير بوصلةٍ تضبطه؟ أيّ قيمةٍ لحامل السّلاح إذا كان يشهره في كلّ حادثةٍ دونما أصلٍ يرجع إليه؟ أيّ طعمٍ للثّائر إذا كان سلاحه عرضةً للاستخدام في كلّ موقفٍ؟!
يا سادة...! بإمكان أيّ إنسانٍ أن يحمل سلاحاً، لكن ليس بإمكان أيّ إنسانٍ أن يحمل تربيةً تجعل منه عنواناً للمحبّة بين النّاس، ورمزاً للتّوازن المطلوب بين حالة العسكرة والرّباط، وبين زرع قيم الثّورة وأخلاق الثّائرين.
لعلّ أبلغ رسالةٍ ينبغي أن تصل إلى العالم كلّه؛ أنّ الثّائر الحقّ وباغي العدل والحرّيّة والكرامة منضبطٌ بقيم الشّرع الحنيف، وملتزمٌ بتربية الحبيب صلى الله عليه وسلم الخالدة الّتي زرعها في قلوب الأصحاب الأبرار الأطهار الأخيار، والّتي حُقّ لها أن تُسطّر في القرآن الكريم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].
لا كمَن يبطش بطش الجبّارين بكلّ أنواع الأسلحة بحجّة الإرهاب، فالتّربية وحدها هي الفارق بين الثّائر الحقّ وبين إجرام الطّغاة.
1- من هنا كانت البداية
كانت التّهيئة الرّبّانيّة للحبيب صلى الله عليه وسلم طويلةً وطويلةً جداً، مدّتها أربعون سنةً من الإعداد والتّربية والتّهيئة النّفسيّة لحمل الأمانة الثّقيلة، مع أنّ الباري سبحانه قادرٌ أن يعدّه في لحظةٍ واحدةٍ، وأن يثبّت قلبه فلا يخاف ولا يتردّد، لكنّ الحكمة من وراء هذا الإعداد الطّويل أن يعلّمنا الباري التّأنّي في التّربية، والثّبات عليها مهما حصل للمسلم من فتنٍ ومهما نزلت بساحته من مدلهمّاتٌ، {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].
وكم هي الحكمة بالغةٌ في ابتلاء المؤمنين: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2].
لا بدّ من بلاءٍ، لا بدّ من فتنةٍ حتّى تصقل النّفوس على التّربية وذلك تحقيقاً لإرادة الله تعالى في هذه الأمّة، كي تقود العالمين، إذ قيادة العالمين تحتاج إلى طرازٍ فريدٍ من البشر لا يهتزّ أمام العواصف والمحن، "كانت دار الأرقم بن أبي الأرقم أعظم مدرسةٍ للتّربية والتّعليم عرفتها البشريّة، كيف لا وأستاذها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أستاذ البشريّة كلّها، وتلاميذها هم الدّعاة والهداة، والقادة والرّبّانيّون الّذين حرّروا البشريّة من رقّ العبوديّة وأخرجوهم من الظّلمات إلى النّور، بعد أن ربّاهم الله تعالى على عينه تربيةً غير مسبوقةٍ ولا ملحوقةٍ".
وعندما أذن الباري بدفاع أهل الحقّ عن حقّهم وجعل من نواميس الكون سنّة التّدافع: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251].
{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحجّ: 40].
كان الحبيب صلى الله عليه وسلم هو القدوة العمليّة في التّربية، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلاَ أَنَّ رِجَالًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لاَ تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَلاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ).
فلمّا علموا ذلك ورأوا حبيبهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بأمّ أعينهم وربّاهم على ذلك فهموا الجهاد مدرسةً عظيمةً في تزكية النّفس وتربيتها، فأخلصوا جهادهم لله تعالى، أنفقوا أموالهم وقدّموا أنفسهم لله تعالى قُرباناً على صدق المحبّة.
2- التّربية دليل صدق المدّعين
بالتّربية الجهاديّة يظهر الصّادق من الكاذب، يظهر المدّعي من صاحب الحقيقة:
وكلٌّ يدَّعي وصلاً بليلى وليلى لا تُقرّ لهم بذاكَ
إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ ليظهر من بكى ممّن تباكى
تأمل صورةً على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم لرجلٍ يقاتل المشركين: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التَقَى هُوَ وَالمُشْرِكُونَ، فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقَالَ: مَا أَجْزَأَ مِنَّا اليَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ)، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ، قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ، قَالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: (وَمَا ذَاكَ؟) قَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ).
فبالتّربية يظهر صدق تقديم الرّوح لبارئها، إذ بالجهاد يُمحّص ما في القلوب، ويُبتلى ما في الصّدور، ويتّخذ الله من شاء من عباده شهداء.
"لَمَّا كَثُرَ الْمُدَّعُونَ لِلْمَحَبَّةِ طُولِبُوا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى، فَلَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى الْخَلِيُّ حُرْقَةَ الشَّجِيِّ، فَتَنَوَّعَ الْمُدَّعُونَ فِي الشُّهُودِ، فَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الدَّعْوَى إِلَّا بِبَيِّنَةٍ {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].
فَتَأَخَّرَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ، وَثَبَتَ أَتْبَاعُ الْحَبِيبِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَخْلَاقِهِ، فَطُولِبُوا بِعَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ بِتَزْكِيَةِ {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54].
فَتَأَخَّرَ أَكْثَرُ الْمُحِبِّينَ وَقَامَ الْمُجَاهِدُونَ، فَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّ نُفُوسَ الْمُحِبِّينَ وَأَمْوَالَهُمْ لَيْسَتْ لَهُمْ. فَهَلُمُّوا إِلَى بَيْعَةِ {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التّوبة: 111].
فَلَمَّا عَرَفُوا عَظَمَةَ الْمُشْتَرِي، وَفَضْلَ الثَّمَنِ، وَجَلَالَةَ مَنْ جَرَى عَلَى يَدَيْهِ عَقْدُ التَّبَايُعِ: عَرَفُوا قَدْرَ السِّلْعَةِ، وَأَنَّ لَهَا شَأْنًا، فَرَأَوْا مِنْ أَعْظَمِ الْغَبْنِ أَنْ يَبِيعُوهَا لِغَيْرِهِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ، فَعَقَدُوا مَعَهُ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ بِالتَّرَاضِي، مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ خِيَارٍ، وَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نُقِيلُكَ وَلَا نَسْتَقِيلُكَ.
فَلَمَّا تَمَّ الْعَقْدُ وَسَلَّمُوا الْمَبِيعَ، قِيلَ لَهُمْ: مُذْ صَارَتْ نُفُوسُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ لَنَا رَدَدْنَاهَا عَلَيْكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ، وَأَضْعَافَهَا مَعًا {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 169 -170]".
3- التّواضع وخفض الجناح؛ أهمّ أمارات التّربية
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54].
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: "هُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ كَالْوَالِدِ لِلْوَلَدِ وَالسَّيِّدِ لِلْعَبْدِ، وَهُمْ فِي الْغِلْظَةِ عَلَى الْكُفَّارِ كَالسَّبُعِ عَلَى فَرِيسَتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]".
إنّ الّذي يتصدّر لقيادة النّاس وتوجيههم وكسب قلوبهم والّذود عنهم والدّفاع عن أرضهم؛ لا بدّ إلّا وأن يتمتع بقدرٍ كبيرٍ من التّواضع وخفض الجناح للمؤمنين، ولذا تلحظ أنّ الله أمر سيّد الخلق وحبيب الحقّ صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشّعراء: 215].
وما أجمل الانصهار بين عموم النّاس، لا سيما للمجاهد في سبيل الله، (طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ).
إنّ حمل السّلاح من غير التّربية الإيمانيّة على الحبّ والتّواضع؛ لهو إشارةٌ خطيرةٌ على توجيهه في غير محلّه الصّحيح، والدّافع لهذا هو الكِبر، والكِبر يدفع إلى البغي والعدوان، وإلى هذا أشار النّبيّ صلى الله عليه وسلم بتعريفه للكِبر؛ أنّه عدم الخضوع إلى الحقّ ونظرة الازدراء للنّاس، فقال صلى الله عليه وسلم: (الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ).
يكفي المتواضع ذا التّربية أنّ الله يرفع شأنه، وأنّ عباد الله يحبّونه، وأنّه ممّن يحظى بقول الله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].
ختاماً: في الذّكرى السّنويّة الأولى لاستشهاد السّاروت والدّكتور مرسيّ، ونحن نرى صورتهما تملآن أرجاء المعمورة وتغصّ بهما الشّاشات ومواقع التّواصل، نتساءل بأيّ شيءٍ جعل الله تعالى لهما هذا القبول والرّفعة؟
نحسب أنّها التّربية بشكلٍ عامٍّ، والتّواضع وخفض الجناح بشكلٍ خاصٍّ، وإنّهما لدرسٌ صارخٌ في دنيا المادّة الّتي استولت على القلوب؛ بأنّه من الممكن أن يعيش الثّائر التّربية اليوم، وليست حكراً على زمن الحبيب صلى الله عليه وسلم وصحابته، بل نستمدّ ضياء التّربية من معينهم العذب الزّلال، ولن نبالغ إن قلنا: إذا كنّا على تلك الدّرجة من التّربية والشّفافية فيما بيننا؛ فسيشهد لنا الأعداء قبل الأصدقاء، والحقّ ما شهدت به الأعداء.
http://shamkhotaba.org