خطبة عيد الأضحى (1441 هـ) عيدُنا أملٌ وصفاء وأُلفةٌ وفِداء
الكاتب : رابطة خطباء الشام
الأربعاء 29 يوليو 2020 م
عدد الزيارات : 2441
مقدمة:
ما أشبه صبيحة هذا اليوم الأغرّ، وما أشبه العالم الإسلاميّ في هذا اليوم؛ بسفحٍ ممرعٍ أخضرَ، تفتّحت في أرجائه في صبيحة هذا اليوم مختلف أنواع الزّهور والورود، حيث يتلاقى المسلمون تحت مظلّة التّجلّيات الإلهيّة الرّاحمة، يتلاقون بالبسمات، والأُنس المتبادل بينهم، وهذا مَثَلٌ يَصدق على المسلمين وهم يتبادلون التّهنئة القلبيّة، وتعلو شفاههم البسمة والفرحة، وما تفتّحت وازدهرت ألوان هذه الورود، وانتشر عبقها إلّا بسرٍّ من تجلّيات الله تعالى على عباده في هذا اليوم العظيم، وإنّه لكرمٌ إلهيٌّ كبيرٌ يحمل معه رسالةً بل بشارةً عظيمةً ما مِثلُها بشارةٌ، إنّها بشارةٌ تترجمها رحمة الله لعباده ومغفرته لهم، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزّمر: 53].
العيد في الإسلام كلمةٌ رقيقةٌ عذبةٌ تملأ النّفس أنساً وبهجةً، وتملأ القلب صفاءً ونشوةً، وتملأ الوجه نضارةً وفرحةً، كلمةٌ تذكّر الوحيد بأسرته، والمريض بصحّته، والفقير بحاجته، والضّعيف بقوّته، والبعيد ببلده وعشيرته، وتذكّر كلّ هؤلاء باللهعز وجل، فهو أقوى من كلّ قويٍّ، وأعزّ من كلّ عزيزٍ، قال تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة:21].
يا عيدُ جئتَ وأرضُ الشّامِ بركانُ    حممٌ تفورُ يَدُكّ الشّعبَ طغيانُ
هذي المدافعُ في الآذانِ ضجّتُها    لا مدفعُ الفطرِ بل قصفٌ ونيرانُ
قد أُلبسَ الأطفالُ ثوباً بالدِّما صُبغتْ    لا ثوبُ عيدٍ فثوبُ العيدِ أكفانُ
كمْ فيكِ يا شامُ من ثكلى وأرملةٍ    أو من جريحٍ وتخفي الحبيبَ قضبانُ
يا أهلِ سوريّةَ الشّماءَ فاصطبروا    النّصر آتٍ وعقبى البغي خسرانُ
1- افرحوا ولا تحزنوا
الأعياد في الإسلام طاعةٌ تأتي بعد طاعةٍ، حيث ارتبط عيد الفطر بصيام شهر رمضان، وارتبط عيد الأضحى بفريضة الحجّ، ذلك الموسم الّذي يُختَم بالذّكر والتّكبير، قال جل جلاله: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة: 203].
فأعيادنا تبدأ بالتّكبير، وتُعلن للفرحة النّفير، ليحياها الكبير والصّغير، فأيّام أعيادنا أيام فرحٍ وتهليلٍ، وتمجيدٍ وتكبيرٍ، ولكن مع حلول الأعياد كلَّ عامٍ، نجد من يحاول قتل أفراح العيد، ليذكّرنا بمآسٍ خلت، وأحزانٍ مرّت أو لا زالت، غير عابئين بأنّ النّفوس أصابها من الحزن ما يكفيها، في الوقت الّذي نحن مأمورون فيه بأن نفرح، قال سبحانه: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].
فما العيد إلّا فرصةٌ لبثّ الأمل في قلوبٍ كاد أن يحبطها اليأس والقنوط، وإنّ الأعياد فُرَصٌ للرّاحة والتقاط الأنفاس لمواصلة الحياة بحلوها ومرّها، وعونٌ لاستمرار رفع راية الجهاد، ولقد كان أسلافنا يفرحون بالعيد -وهم المجاهدون- وربّما صادف العيد يوم فتحٍ أو غداة العودة من قتالٍ، وبينهم من فقد أخاه، أو أصيب في المعارك، إلّا أنّهم كانوا يطوون صفحة الحزن، ليفتحوا صفحةً جديدةً عنوانها: فرحة العيد، لتكون عوناً على ما مضى، وبارقة أملٍ لما هو آتٍ، فلِمَ الحزن على شهدائنا وهم عند ربّهم سعداء؟ فقد وصفهم ربّنا عز وجل بقوله: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران: 170].
فلننثر الفرحة في الطّرقات، وفي النّفوس والقلوب، فعُمْرُ الأمّة أطول من أعمار كلّ المحن والطّغاة، فَحُقَّ لنا أن نلبس الجديد، ويهنّئ بعضنا بعضاً بمناسبة العيد، رغم وجود جراحات الأمّة و كربها، لأنّ  كلّ ذلك لا يمنعنا من أن نفرح بعيدنا لأنّه سنّة نبيّنا، نفرح ونحن نتذكّر بلدنا الّذي هُجِّرنَا منه، نفرح ونحن نتذكّر إخوةً لنا في السّجون، يعانون الكرب والشدّة، نفرح رغم انتشار البلاء والوباء، نفرح رغم القتل والتّشريد وهدم البيوت واغتصاب الحرمات، نفرح: لأنّ ديننا علّمنا ألّا نيأس، قال جل جلاله: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]. 
 فلنحسنِ الظّنّ بربّنا، ولنجمعْ الأمل مع العمل، ولنعلمْ أنّ الشدائد الّتي تمرّ بها الأمّة هي علامة ميلادٍ جديدٍ، وتمكينٍ للمسلمين بإذن الله، قال سبحانه: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 4].
ولنعلمْ أنَّ الفرحة تزداد وترقى بذكر الله، فالذّكر يزيل الهمّ والقلق، ويجلب الفرح والسّرور، وينوّر القلب والوجه، وإنّها لتزدهر وترقى أكثر وأكثر، عندما تمسح دمعة يتيمٍ، وتُفرحُ طفلاً مسكيناً، وتزرع البسمة على شفاه المحرومين، وتفرّج كربةً عن المكروبين.
2- في العيد: اجتماعٌ وألفةٌ لا خلافٌ وفرقةٌ
إنّ مبنى هذا الدّين كلّه في جملة عقائده وأحكامه وآدابه على جمع هذه الأمّة على كلمةٍ واحدةٍ، وسحب أسباب الخلافات ممّا بينها، فلئن وجدتم أنّ الله سبحانه يأمر عباده بمعرفته وتوحيده وإخلاص العبادة له -كما في قوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البيّنة: 5].
فإنّ ذلك يصبّ في هذا الهدف، وإن رأيتم أنّ الله تعالى جعل للأزمنة والأمكنة مواسم عظيمةً، فإنّ ذلك يصبّ في الهدف نفسه، وما العيد الّذي جعله الله تعالى مثابة لقاءٍ وتضامنٍ، وإعادة ألفةٍ بين المسلمين إلّا أساساً لهذا المعنى أيضاً، ولقد جعل الله عز وجل أعظم العبادات وأبرزها في الشّعائر أساساً لهذه الوحدة، شرع اجتماع المسلمين على مستوى الحيّ الواحد، وجعل ضمانةً لذلك مشروعيّة صلاة الجماعة، كما شرع لهم الاجتماع والتّلاقي على مستوى البلدة كلّها، وضمن ذلك إذ شرع لهم صلاة الجمعة، وجعلها في كلِّ أسبوعٍ مرّةً، ثم إنّه شرع لهم التّلاقي والتّآلف على مستوى العالم كلّه، وشرع لذلك الحجّ إلى بيته الحرام وجعله في العام مرّةً واحدةً، فانظروا إلى مدى أهمّيّة التّآلف في ميزان النّظر الإلهيّ، بل انظروا كيف يتجلّى ذلك واضحاً في قوله جل جلاله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10].
ينبغي أن نتفهّم قدسيّة هذا المعنى في صبيحة هذا اليوم، فما الفائدة الّتي يعود بها الإنسان من وراء هذا العيد الّذي شرعه الله تعالى إلّا أن يعيد هذا اليوم ما تناثر من تماسك المسلمين ووحدة كلمتهم؛ ليجمع شملهم من جديدٍ، ويسدّ ما تفتّح من الثّغرات في حياتهم لأسبابٍ شتّى، ويحارب الخلافات التَّافهة الّتي من أجلها هجَرَ المسلم أخاه، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ). صحيح مسلم: 2560
 ألا كم مِن أسرٍ مسلمةٍ تعاني من التّفكك والتّدابر؟ ويمرّ بنا هذا العيد وأفراد هذه الأسرة غير عابئين بأوامر الله عز وجل بأن يصلحوا من شأنهم ويصلوا أرحامهم، ويتراحموا فيما بينهم حتّى تأتي رحمة الله تعالى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَالرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، مَنْ وَصَلَهَا، وَصَلَتْهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا، بَتَّتْهُ). مسند الإمام أحمد: 6494
3- عيد الأضحى فداءٌ وتضحيةٌ
إنّ عيد الأضحى يوم التّضحية والفداء، يوم الفرح والصّفاء، يوم المكافأة من رب السّماء؛ للنّبيَّين الكريمَين إبراهيم وإسماعيل عليهما السّلام؛ صاحبي الفضل والعطاء، فلقد أراد الأعداء بإبراهيم سوءً فجعلهم الله من الأسفلين، كما يجعل كلّ أعداء الدّين إلى يوم الدّين، قال سبحانه: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} [الأنبياء: 70].
يُمتحَنُ إبراهيمُ لِيُمنَحْ، ويُبتلى لِيسمُو، يُبتلى برؤيا يرى فيها الأمر بذبح ولده الوحيد طاعةً لله سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} [الصّافّات: 102].
فليتأمّل علماء التّربية اليوم هذا الأسلوب الرّائع من الحبّ المتبادل والأدب المتبادل في أحلك الظّروف وأصعب المواقف، حيث يردّ الغلام بالمستوى نفسه من الشّجاعة والإخلاص والأدب الرّفيع والذّوق العالي وتقديم المشيئة، لأنّ الموقف موقف اختبار وفتنةٍ، ولا يتنصر عليها المرء إلّا بإذن الله وعونه، {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصّافّات:102].
وجاءت لحظة الحسم: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصّافّات: 103].
فكان الاستسلام من النّبيَّين لأمر الله، وكان الحبّ من الكريمَين لطاعة الله بالمستوى نفسه، فلمّا حصل الصّدق في التّنفيذ جاء النّداء بالجزاء للمحسنين: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصّافّات: 104-105].
امتحانٌ ما أشدّه!  واختبارٌ ما أصعبه! وابتلاء ما أعظمه! {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصّافّات: 106].
لكنّ إبراهيم عليه السلام اجتازه بامتيازٍ مع مراتب الشّرف، فكان الفداء من السّماء في يوم الفداء، {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصّافّات: 107].
ورفع الله ذِكرهما إلى يوم الدّين، فقال سبحانه: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41].
وليس هذا فحسب، بل سلسلةٌ من الابتلاءات اجتازها إبراهيم عليه السلام، ومن أعظمها: يوم أن أَمَرهُ الله تعالى بأن يترك زوجه هاجر وابنها في وادٍ غير ذي زرعٍ، قال سبحانه وتعالى: {وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت: 26].
وهذه لا تقتصر على إبراهيم وحده، بل هي باقيةٌ لكلّ مسلمٍ إلى يوم القيامة، قال جل جلاله: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النّساء: 100].
أسرةٌ ثابتةٌ قدَّمت للإسلام، وعاشت الإيمان واليقين، فهل مِنْ هاجَرَ جديدةٍ تفدي الإسلام، وتعلّم المسلمين حقيقة التّوكّل على الله، وروعة اليقين بالله ربّ العالمين؟ ألا من إسماعيل جديدٍ يقدّم روحه وحياته طاعةً لله وطلباً لمرضاته.
ألا ما أحوج الأمّة اليوم في هذه الظّروف الحرجة الّتي ذلّت فيها الأمّة وهانت، ما أحوجها إلى درسٍ كبيرٍ في التّضحية لدين الله تعالى، تضحيةٍ في المال والوقت والولد والرّوح من أجل الله تعالى، فنحن نريد رجالاً يعلّمون أمم الأرض كلّها عظمة عقيدتنا، وأنّه يهون في سبيلها كلّ غالٍ ونفيسٍ، فإن وجد هؤلاء الرّجال المضحّون والنّساء المضحّيات -وكلّنا أملٌ بالله تعالى أن يوجدوا فالأمّة ما زالت معطاءةً ولوداً تنجب كلّ يومٍ لهذا الدّين من يتمنّى أن يبذل نفسه في سبيل الله- فلسوف تتحوّل الأمّة من جديدٍ لتتبوّأ عرش السّيادة والقيادة للدّول والأمم أجمع، ولن يكون هذا إلّا بصدق إيماننا، ونصرتنا لدين ربنّا.
4- من شعائر العيد (الأضحية)
لقد شرع الله عز وجل لنا في هذا اليوم المبارك: ذبح الأضاحي تقرّباً إلى الله وزلفى، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162].
فضحّوا -عباد الله- وطِيبوا نفساً بضحاياكم، واذكروا الله على ما رزقكم وهداكم، فإنّه ما عُبِدَ اللهُ في يوم النّحر بمثل إراقة دمِ الأضاحي، وإنّ الدّم ليقع من الله بمكانٍ قبل أن يقع على الأرض، ولنعلمْ أنّ الله لا يقبل إلّا ما كان خالصاً وابتُغِي به وجهُه، ولا يصعد إلى الله لحم الأضاحي، فالله غنيٌّ عنّا وعن لحوم أضاحينا، قال سبحانه: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحجّ: 37].
فتقوى العبد هي الّتي تصعد إلى الله،  فواجبٌ على المضحّي أن يخلص لله في الأضحية، وأن يحذر من المفاخرة بكثرتها، أو غلاء أسعارها، فإنّها من أجلّ الشّعائر في يوم العيد.
 

http://shamkhotaba.org