مقدمة:
إنّ تذكّر أيّام الله تعالى مطلبٌ عظيمٌ من أعظم المطالب الّتي جاء بها رسل الله صلوات الله عليهم، بل إنّه من مهمّات شؤون الحياة، لما فيه من زيادة الإيمان، وزيادة الخوف من الله عز وجل والتّوكّل عليه وتسليم الأمر له، ولذلك فإنّ الله جعل في السّنة مواسم يتذكّر فيها النّاس أيّام الله سبحانه، وسرعة أخذه لأعدائه من طواغيت الأرض، وما أحلّ بهم من العذاب العاجل، وما توعّدهم به من العقوبة الآجلة، ومن ذلك هذا الموسم الّذي تعيشون لحظاته، فأنتم الآن في اليوم التّاسع من شهر الله المحرّم، والّذي هو أحد الأشهر الحُرمِ، قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التّوبة: 36].
1- عاشوراء نجاة موسى وهلاك فرعون
يتذكّر المؤمن أيّام الله عز وجل الّتي نصر فيها أنبياءه وأتباعهم، وخذل فيها أعداء الرّسل وأتباعهم، فيتوجّب على المؤمن شكر الله سبحانه على ذلك، ففي شهر الله المحرّم كانت نجاة نبيّ الله موسى عليه السلام وقومه، وهلاك فرعون وجنوده، بعد أحداثٍ كثيرةٍ وغريبةٍ لم يُبد القرآن ويُعيد مثل ما أبدى في هذه القصّة وأعاد، وما ذاك إلّا لكثرة العبر والدّروس العظيمة فيها، وحسبنا أن نسلّط الأضواء على بعضها:
أوّلاً: إنّ الأمر كلّه بيد الله جل جلاله: القضاء قضاؤه والمشيئة مشيئته، مهما دبّر البشر وكادوا، فها هو موسى ينشأ في قصر فرعون، وأين؟ في حضانته! وعند زوجته أيضاً، فرعون الّذي أصدر مرسومه بقتل كلّ مولود ذكرٍ -بعد أن حُذِّر من غلامٍ يولد وستكون نهاية مُلكه على يد هذا الغلام- ولكنّ القضاء الرّبّانيّ يقضي بأن ينشأ ويترعرع في حضانة فرعون نفسه، قال تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8].
وتتوالى الأيّام والقدر يمضي لما سبق في علم الله، فيُميت الله سبحانه وتعالى هذا الطّاغية المجرم في البحر غرقاً بهذه الطّريقة، ويُنزله من كبريائه وعلّوه المزعوم، ليوقن هو -وكلّ من تسوّل له نفسه من طواغيت الأرض الّذين يأتون بعده-أنّ الربّ الأعلى هو الله عز وجل ولا أحد معه! وأنّ هذا الطّاغية الّذي كان يفتخر بجريان الماء من تحته، أصبح الماء يجري من فوقه، فالله يريد، والعبد يريد، ولا يتمّ إلا ما يريد ربّ العبيد، فسبحان من إذا قال للشّيء كنْ فيكون.
ثانياً: يقيننا بأنّ الحقّ منتصرٌ وأنّ الباطل مندحرٌ: إنّ المؤمن لا ييأس مهما ادلهمّت الخطوب، لأنّه يوقن أنّ الله يسخّر له جنده، قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدّثّر: 31].
فهذا طاغيةٌ جبّارٌ معه قوّة الرّجال والسّلاح، ورهبة السّلطان والملك، خرج في طلب جماعةٍ قليلي العدد والعدّة، لكنّ الله جل جلاله معهم بنصره وتأييده، وفي لحظةٍ حاسمةٍ تتحطّم قوّة الباطل على صخرة الحقّ، وبضربةٍ من عصاً على حجرٍ قاسٍ تتفتّح أبواب الفرَج.
يأتي موسى البحر فيتسرّب القلق إلى كثيرٍ ممّن كانوا معه، فالبحر أمامهم، وفرعون خلفهم، فيقول لهم موسى بكلّ ثقةٍ ويقينٍ بوعد الله ونصره: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشّعراء: 62].
فيأتي الفرج ممّن بيده مفاتيح الفرج {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشّعراء: 63].
انفلق البحر اثني عشر طريقاً، فصار هذا الماء السّيّال بين تلك الطّرق ثابتاً كأطواد الجبال، فدخل موسى عليه السلام وقومه يمشون بين جبال الماء في طرقٍ يابسةٍ، أيبسها الله في لحظةٍ واحدةٍ، آمنين، فلمّا تكاملوا خارجين، وتكامل فرعون وقومه داخلين، أمر الله البحر أن يعود إلى حاله، فنجّى الله المؤمنين، وأغرق الله الكافرين، فأين الموقنون؟!
فهل نعي هذا الدرس جيّداً، خصوصاً ونحن نعيش ما نعيش من آلامٍ وشدائد تمرّ بها الأمّة منذ سنواتٍ عديدةٍ؟! فلنوقن أنّ طريق النّصر ليس مفروشاً بالورود والرّياحين، بل هو: إيمانٌ وجهادٌ، ومحنةٌ وابتلاءٌ، وصبرٌ وثباتٌ، وتوجّهٌ إلى الله وحده، ثمّ يجيء النّصر، قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51].
ولنستيقنْ أيضاً أنّ نور الله عز وجل مهما حاول المجرمون طمس معالمه فإنّه غالبٌ وظاهرٌ، وأنّ الطّغاة وإن أثّروا في عقول أتباعهم من السّذّج بالمنح والعطايا فإنّ القلوب بيد الله يصرّفها كيف يشاء، ولنتأمّل حالة سحرة فرعون، فقد كانوا أوّل النّهار سحرةً، وآخره شهداءَ بررةً، وإنّ هذا درسٌ حاسمٌ يقضي بانتصار الحقّ على الباطل، ولكنّ الأمر يحتاج إلى صبرٍ ومصابرةٍ، قال تعالى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128].
2- عاشوراء بين الاتّباع والابتداع
إنّ الله جل جلاله اختصّ اليوم العاشر من أيّام شهر الله المحرّم، وهو ما يسمّى بيوم عاشوراء، وهو يومٌ مباركٌ منذ القدم، فقد كانت اليهود تعظّمه وتصومه، ويتّخذونه عيداً لهم، ويُلبسون فيه نساءهم حلّيهم وأجمل ثيابهم، والسّرّ في ذلك: أنّه اليوم الّذي أنجى الله فيه موسى من فرعون، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُوم يوم عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: (مَا هَذَا؟)، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ)، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِه.
وإنّ النّصارى كانوا يعظّمون يوم عاشوراء أيضاً، والظّاهر أنّهم في هذا تبعٌ لليهود، لأنّ كثيراً من شريعة موسى عليه السلام لم يُنسخ بشريعة عيسى عليه السلام، قال تعالى: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 50].
بل حتّى قريش فإنّها -وهي على وثنيّتها- كانت تصوم يوم عاشوراء وتعظّمه، وأمّا سرّ صيامهم هذا: فلعلّه ممّا ورثوه من شرع مَنْ قبلهم، وعندما أوجب النّبيّ صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء، كان ذلك في أوّل السّنة الثّانية، فلمّا فُرض رمضان في السّنة الثّانية للهجرة، انتقل صومه من الأمر إلى التّطوّع، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ".
وهكذا علّمنا موسى عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعده بصيامهم يوم عاشوراء أنّ نعم الله تُقابل بالشّكر، وأنّ من أبلغ أنواع الشّكر أن يتقرّب العبد إلى الله بعبادته والّتي من أجلّها الصّيام، فسبيلهم شكرٌ في الرّخاء، وصبرٌ في الضّراء، فإنّ موسى عليه السلام صام هذا اليوم –الّذي أعزّ الله جل جلاله فيه الحقّ وخذل فيه الباطل- شكراً لله عز وجل، وصامه نبيّنا صلى الله عليه وسلم وأمرنا بصيامه شكراً لله جل جلاله على ما وُفّق له أخاه موسى عليه السلام، ذلك أنّ سنّة الأنبياء واحدةٌ، فرحٌ بظهور الحقّ، وخذلان الباطل، ومقابلة ذلك بالشّكر، لا كما هو حال أهل البطر والغفلة.
وأمّا ما أحدثته الرّافضة في هذا اليوم من جعله يوم حزنٍ ونياحةٍ على مقتل الحسين، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، فإنّهم بذلك قد خالفوا السنّة وما يستحبّ فيه من الطّاعة، وأبدلوا ذلك بالحزن والنّياحة، وضرب الأجساد إظهاراً للجزع على قتل الحسين رضي الله عنه، فهم يعذّبون أنفسهم ويُسيلون دماءهم، ظانّين أنّهم يتقرّبون إلى ربّهم بضرب أبدانهم بالسّلاسل والسّكاكين، والحقّ: أنّ هذا ليس من الإسلام في شيءٍ، بل هو من البدع المنكرَة المحدَثة ومن كبائر الذّنوب، ولا ريب أنّ قتل الحسين مصيبةٌ نزلت بالمسلمين، فهو من علماء الصّحابة، ومن سادات المسلمين في الدّنيا والآخرة، وما وقع من قتله أمرٌ شنيعٌ مؤلمٌ ومحزنٌ للمسلمين، ولكنّ المصائب لا تُقابل بالجزع والنّياحة، فإنّ هذا من أمور الجاهليّة كما لا يخفى، بل تُقابل بالصّبر والرّضى، فلقد مرّت بالأمّة مصائب أعظم من مقتل الحسين، والصّحابة لم يحدثوا لذلك مأتماً أو نياحةً وعويلاً، وها هو والد الحسين -علي رضي الله عنه- وهو أفضل من ابنه بلا ريبٍ، يُقتل غدراً وهو ذاهبٌ إلى صلاة الفجر، وما أقامت له الرّافضة مأتماً، ولكنّها البدع لا تَجرّ إلّا إلى التّناقض والضّلال.
3- مخالفة الكفّار مقصدٌ من مقاصد الشّريعة
إنّ المؤمنين أعزّةٌ، وإنّ عزّتهم مستمدّةٌ من عزّة الله القويّ العزيز، فهي عزّةٌ دائمةٌ وباقيةٌ بقاء اللّيل والنّهار، لا يرفعها تأخّرٌ حضاريٌّ، ولا انكسارٌ عسكريٌّ، بل هم الأعزّاء بالله إن صدقوا الله في عبوديّتهم له، قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:139].
وتأكيداً لهذه العزّة فقد نهى الله تعالى عن اتّباع سبيل الكافرين من اليهود والنّصارى وغيرهم من أمم الكفر، قال تعالى: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [المائدة:48].
ولا شكّ أنّ تقليد الكفّار والتّشبّه بهم من أعظم صور الطّاعة لهم، وقد نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أيضاً وحذّر من مشابهة الكفّار، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى، فَإِنَّ تَسْلِيمَ اليَهُودِ الإِشَارَةُ بِالأَصَابِعِ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الإِشَارَةُ بِالأَكُفِّ).
ولمّا صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قال الصّحابة رضوان الله عليهم: يا رسول الله: إنّه يومٌ تعظّمه اليهود والنّصارى، عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ) قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
ومن تأمّل كلام الصّحابة هذا يتبيّن له أنّ أصل مخالفة المسلمين للمشركين أمرٌ مقرّرٌ عند الصّحابة رضوان الله عليهم.
ففي ترك إفراد عاشوراء بالصّوم درسٌ عظيمٌ، فإنّه مع فضل صوم ذلك اليوم وحثّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم على صومه، وكونه كفّارةً لسنةٍ ماضيةٍ -عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ).
إلّا أنّه أمرٌ بمخالفة اليهود، وعزمٌ على ضمّ التّاسع إليه، مع أنّ صوم عاشوراء مشروعٌ، فكيف بما كان دون ذلك من المباح أو المحرّم؟! وإنّ النّهي عن التّشبّه بالكفّار لا يقتصر على التّشبّه بهم في العقائد والعبادات فحسب، بل هو عامٌّ في عاداتهم وجميع شؤون حياتهم.
لقد أخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ مشابهة الكفّار ومتابعتهم ستقع في الأمّة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ)، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: (فَمَنْ).
فها هي بعض فئام الأمّة اليوم تحاكي أمم الكفر شرقيّةً وغربيّةً في الزّيّ واللّباس، وتتشبّه بهم في آداب الأكل والشّرب، وأساليب المعاشرة والمخالطة، وطرائق الكلام والمعاملة وغير ذلك، بل وتتلّقى عنهم الآراء والأفكار، حتّى صاغ فئاتٌ غير قليلةٍ من الأمّة حياتهم وأفكارهم وأساليبهم على نهج الحياة الغربيّة والفكر الغربيّ، والسّبب في هذا التّشبه هو: الغفلة عن سبب العزّة والسّعادة الحقيقيّة، ألا وهو: الإيمان بالله عز وجل.
ختاماً:
إنّ ذكرى عاشوراء عندما تمرّ بنا -في ظلّ الإحباط واليأس الّذي تسرّب إلى نفوس بعض أبناء الأمّة، من شدّة المؤامرات الّتي تُحاك ضدّ المسلمين المستضعفين، ومن قتلٍ وتهجيرٍ وتعذيبٍ- تجدّد روح الأمل والثّقة بالله وحده، وتذكّرنا أنّه: من آمن بربّه وقاه، ومن توكّل عليه ونصره وأيّده و كفاه، فإنّ ربّنا الّذي أنجى موسى عليه السلام ومن معه، وأهلك فرعون وجنوده، هو ذاته جل جلاله الّذي يؤيّد أولياءه، ويهلك أعداءه في كلّ زمانٍ ومكانٍ، فما علينا إلّا أن نتمسّك بكتاب ربّنا، وسنّة نبيّنا صلى الله عليه وسلم، ونحذر المعاصي والبدع، وأهل الفسق والفجور، والمنحرفين عن هدي سيّد المرسلين، فإنّ من تمسّك بكتاب الله سبحانه وبسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم نجا وأفلح، وطُرد عنه شبح الهمّ والقلق، وعاش في أمانٍ واطمئنانٍ.
http://shamkhotaba.org