مقدمة:
ريحٌ عاتيةٌ من التّشاؤم والقنوط؛ تجتاح قلوب فئاتٍ كثيرةٍ من النّاس اليوم، نظراً لهذا الواقع الممزّق الأشلاء، والانتشار المستفحل للدّاء والوباء، وإنّ أخطر ألوان الهزيمة أن تمتلئ القلوب باليأس والقنوط من رحمة الله سبحانه، وأن تتفرّغ القلوب من الأمل في وعد الله، ووعد رسوله ومصطفاه، بيد أنّ ديننا الحنيف جاءنا داعياً إلى أحسن الأخلاق، وأجمل الصّفات، وأنبل القيم، وناهيًا عن كلّ ما هو مذمومٌ من الطّباع والعادات، وإنّ من جملة هذه الأخلاق الحميدة والصّفات النّبيلة الّتي دعا إليها الإسلام: التّفاؤل والأمل الّذي يشرح الصّدر للعمل، ويبعث النّشاط في الرّوح والبدن، ويدفع الكسول إلى الجدّ، والمجدّ إلى المداومة.
التّفاؤل شعاعٌ يضيء في المعالم والظّلمات، ويوضّح السّبل، وتنمو به شجرة الحياة، ويذوق به المرء طعم السّعادة، ويبعث في القلوب حسن الظّنّ بالله جل جلاله، والله عند ظنّ العبد به، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي...).
فحريٌّ بنا أن نتخلّق بهذا الخلق العظيم، وأن نعلي من قيمته في قلوبنا بل وفي حياتنا، لأنّنا بأمسّ الحاجة إلى أن نعيش هذه الحياة المُرّة وكلّنا أملٌ في الله سبحانه، حتى نُوفَّق للعمل بما يحبّه مولانا ويرضاه.
1- في الطّيَرة والفَأْل
ليس شيءٌ أضرّ بالرّأي، ولا أفسد للتّدبير من اعتقاد الطّيرة، ومن ظنّ أنّ خوار بقرةٍ أو نعيق غرابٍ، يردّ قضاءً أو يدفع مقدوراً فقد جَهِلَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ الصَّالِحُ: الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ).
فالعدوى ما يظنّه النّاس من تعدّي العلل والأمراض بنفسها إلى غير المريض، ولكنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أخبر أنّها لا تعدي، وبيّن بطلان تأثيرها، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ، وَلاَ هَامَةَ) فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا بَالُ الإِبِلِ، تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيُخَالِطُهَا البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ).
إنّ هذه الأحاديث تدلّ على تحريم التّطيّر والتّشاؤم، وأنّه من الكبائر، لأنّه من خصال الجاهليّة.
إنّ أصل الطّيرة منسوبةٌ إلى الطّير، حيث كانت العرب -إذا أراد أحدهم سفراً- يراقبون السّانح (صفةٌ للطّائر إذا طار يميناً) والبارح (صفةٌ للطّائر إذا طار يساراً) فكانوا يتطيّرون، والمرء له أن يتساءل: ما فقه الطّيران يميناً وشمالاً؟! ولقد أجاب الرّسول صلى الله عليه وسلم بأنّه ليس شيئاً حقيقيّاً، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ، قَالَ: (ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَلَا يَصُدُّهُمْ).
أي لا حقيقة له، فنهى النّبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك نهياً رفيقاً، ولقد كان أهل الجاهليّة يتطيّرون أشدّ ما يكون التّطيّر عندهم في ثلاثة أشياء: المرأة والدّار والفرس، عن عبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي الفَرَسِ، وَالمَرْأَةِ، وَالدَّار).
ولكنّ الإسلام أبطل ذلك كلّه، وعلّمنا أنّ قضاء الله غالبٌ، وكلّه خيرٌ للعبد.
لقد دعا النّبي صلى الله عليه وسلم -بدلاً من الطِّيَرة- إلى الفأل الحسن، والفأل ضدّ الطّيرة، ولمّا استشكل فهْمُ ذلك على الصّحابة سألوا: ما الفأل؟ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَأْلُ) قَالَ: وَمَا الفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ).
إنّ التّفاؤل من حسن الظّنّ بالرّحمن، وإنّ التّشاؤم من الشّيطان، فانظر أيّ الطّريقين تختار؟
إنّ التفاؤل فيه معنى الصّبر والرّضا، والتّشاؤم فيه معنى السّخط والهزيمة.
2- حاجتنا إلى التّفاؤل
إنّنا في هذا الزّمان العصيب نعيش أحداثاً وشدائد قد تورث المرء لوناً من اليأس والقنوط؛ الّذي يثبّط العزائم ويحطّم الآمال، وليس أنجع في ساعة اليأس والشّدائد من الادّراع بالتّفاؤل، واستصحاب الأمل والاستبشار، حيث إن التّفاؤل سلوكٌ يصنع به الرّجال مجدهم، فهو نورٌ لهم في وقت شدّة الظّلمات، وإنّ المتأمّل في سيرة النّبيّ صلى الله عليه وسلم يجد حرصه على التّبشير في موضع الخوف، وبسط الأمل في موضع اليأس، حتّى لا تُصاب النّفوس بالإحباط، حيث تدرّع بالتّفاؤل في أحلك الأزمات وأصعب المواقف، فقد مكث في مكّة ثلاثة عشر عاماً يدعو إلى الإسلام، فجابهَ طواغيتُ الشّرك دعوتَه بالعداء، غير أنّه لم يضعف عن مبدئه، بل ظلّ متفائلاً رغم الخطب الفادح، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ).
ولقد تفاءل باسم سهيلٍ لمّا جاءه للمفاوضة في صلح الحديبة، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّه لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ).
هكذا غمر التّفاؤل حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم ورسخّه مبدأ سامياً، وربّى عليه الأوائل الأفذاذ، وهكذا يصنع الإيمان بالرّجال في كلّ زمانٍ، يحوّلون الألم إلى أملٍ، والتّشاؤم إلى تفاؤلٍ، فيستمرّ عطاء الحياة وتقدّمها.
نعم: في ظلّ هذا الخطر الدّاهم من الإحباط والاكتئاب، جرّاء انتشار الغلاء الفاحش في الأسعار، والأوبئة المتعدّدة -لا سيما وباء كورونا- وتسلّط الأعداء المجرمين، وفي هذه الأجواء العصيبة الّتي تعيشها الأمّة، وتتعرّض فيها للطّعن في مقدّساتها وثوابتها وتشريد أبنائها وتقتيلهم، فإنّنا بحاجة ماسّةٍ إلى التّفاؤل، حيث إنّ المسلم المتفائل الّذي يقرأ الأحداث على أحسن الوجوه، ويرى النّور من وسط الظّلام، ولا يسمح لمسالك اليأس أن تتسلّل إلى قلبه، قال الله عز وجل: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].
كم وكمْ نسمع اليوم كلماتٍ محبّطةٍ، لو علم قائلها أنّ الله سيتمّ نوره -مهما مكر الأعداء- لما قالها، قال عز وجل: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصّفّ: 8].
3- الحياةُ بين الفألِ والعمل
التّفاؤل ليس مجرّد أمنيةٍ فارغةٍ، فالأماني الفارغة لا تغيّر من الواقع شيئاً، بل إنّ المتفائل الحقّ ينتقل منها إلى العمل الجادّ، حيث لا بدّ من العمل ومن الأخذ بالأسباب، مع التّوكّل على الله وتحقيق النّتائج له وحده، ولقد أنكر الله عز وجل على أهل الكتاب والمسلمين تعلّقهم بالأماني في دخول الجنّة بغير موجباتها من العمل والإيمان، قال جل جلاله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النّساء: 123].
فلذا أمرنا الله تعالى بالعمل والحركة والأخذ بالأسباب، فالسّيّدة مريم وهي في شهرها الأخير من الحمل أُمرت بأن تأخذ بالأسباب، قال عز وجل: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: 25].
وهذا أمرٌ بأن تهزّ النّخلة ليتساقط لها الرّطب مع قدرته تعالى على إنزاله إليها من غير هزٍّ.
هناك رباطٌ وثيقٌ بين التّفاؤل والعمل، فالإنسان الّذي يأمل شيئاً ويتمنّاه لا بدّ أن يسعى جاهداً لتحقيق أمله ومراده بعيداً عن التّواكل والاستسلام، آخذاً بجميع الأسباب الموصلة إلى غايته وهدفه، بعد التّوكل على الله تعالى، ونحن إذ نتحدّث عن التّفاؤل الّذي لا ينفكّ عن الأخذ بالأسباب، و التّوكل على الله عز وجل، علينا أن نتّبع تعاليم الإسلام في التّعامل مع الأوبئة الفتّاكة الّتي انتشر منها في هذه الأيام الأخيرة: (وباء كورونا)، انتشاراً فاحشاً، ولكنْ ونحن نعايش هذا الدّاء ونتخوّف منه، علينا أن نبقى متفائلين بالله عز وجل، مستيقنين بأنّ كلّ مخلوقٍ له أجلٌ قد قُدّر له، ولكنّ هذا التّفاؤل وحسن الظّنّ بالله لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب المطلوبة شرعاً، كالابتعاد عن مخالطة من ظهرت عليه أعراض الوباء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ).
حيث يرشدنا صلى الله عليه وسلم إلى البعد عمّا كان عليه أهل الجاهليّة من اعتقاد العدوى بنفسها دون أمر الله عز وجل، ويوجّهنا إلى الأخذ بالأسباب، والبعد عن كلّ مصابٍ بمرضٍ قد يكون القرب منه فيه مضرّةٌ وأذىً للصّحيح.
4- رحيل العلماء ثُلمةٌ وإحياءُ همّةٍ
لا ريب أن موت العلماء خطبٌ جللٌ ورزيّةٌ عظيمةٌ وبلاءٌ كبيرٌ، إذ الأشخاص كلّما كان دورهم عظيماً وأثرهم كبيراً؛ كانت المصيبة بفقدهم أشدّ:
وما كان قيسٌ هلْكهه هلك واحدٍ ولكنّه بنيان قومٍ تهدّما
لكنّها سنة الله الجارية والماضية في عباده، الموت لا محيد عنه ولا مفرّ، لكنّ الفرق كبيرٌ بين موت إنسانٍ من عامّةٍ النّاس لا يشعر بفقده إلّا أهله وأقاربه، فيترحّمون عليه ويدعون له بالمغفرة، وبين موت علمٍ من أعلام الأمّة وحبرٍ من أحبارها، فقد تلقّت الأمّة نبأ وفاة العالم الكبير والمحقّق الجليل، ذو السّبق في علوم الحديث النّبويّ الشّريف؛ الشّيخ نور الدّن عتر رحمه الله.
لعمرك ما الرّزيّة فقد مالٍ ولا شاةٍ تموت ولا بعيرُ
ولكنّ الرّزيّة فقد شخصٍ يموت بموته خلقٌ كثيرُ
يرحل علماء الأمة وقد خلّفوا وراءهم سنين وأعواماً مضنيةً، ودهوراً وليالي وأيّاماً مضيئةً، خدموا فيها دين الله، ينفون عنه التّحريف والتّأويل، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَرِثُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَحْرِيفَ الْغَالِينَ).
ثمّ لنعلم أنّه ليس معنى موت أحد العلماء؛ ضيّاع الأمّة وتخبّطها في الجهل، ففيما بقي من أهل العلم خيرٌ كثيرٌ، فالأمّة زاخرةٌ بالكفاءات العلميّة، مليئةٌ بالرّجال المخلصين، ولا ينبغي أن يخور العزم ويضعف العطاء؛ بفقد بعض العلماء، ففي الأمّة من سيحمل مشعل الهدية، وراية العلم والدّعوة، والعلم محفوظٌ ما دام الكتاب والسّنّة محفوظين، وإنّ أيّ زمنٍ لا يخلو من قائم لله بحجّةٍ، ولنتذّكر دائماً بشارة نبيّنا صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ).
علينا أن نسمو بهممنا، وننهض بمهمّاتنا؛ في نصرة دين الله عز وجل، فيجب على طلبة العلم الشّرعيّ أن يجدّوا ويجتهدوا، وأن يعلموا أنّ العلماء لم يبرزوا في عشيّةٍ وضحاها، وإنّما برزوا بعد أن حصلّوا العلم على مرّ السّنين، ومكابدة الليالي والأيّام، ومزاحمة العلماء بالرّكب، مع إخلاص نيّةٍ وتضرّعٍ لله جلّ وعلا، وصبرٍ واحتسابٍ.
ختاماً:
إن التّفاؤل والأمل لا بدّ أن يصحبهما العمل والإنتاج، والسّعي الحثيث، والتّخطيط الدّقيق، وإلّا أصبح تواكلاً، وإنّ من الواجب علينا أن نربّي أنفسنا على التّفاؤل في أصعب الظّروف وأقسى الأحوال الّتي تحيط ببلدنا وأمّتنا اليوم، فهو منهجٌ لا يستطيعه إلّا أفذاذ الرّجال، فالمتفائلون هم الّذين يصنعون التّاريخ، ويسودون الأمم، ويقودون الأجيال.
أمّا اليائسون المتشائمون فلن يستطيعوا أن يبنوا حياةً سويّةً، ولا سعادةً حقيقيّةً في داخل ذواتهم، فكيف يصنعونها لغيرهم؟ وفاقد الشّيء لا يعطيه! فكان من الواجب علينا أن نعلم أنّه:
ليس من التّفاؤل: الإخلاد للرّاحة، وترك العمل مع طلب تحقيق الأماني، فهذا عجزٌ وكسلٌ.
ليس من التّفاؤل: عدم فعل الأسباب، وترك ما يضرّ، بحجّة التّوكل، فالتّوكل يصحبه عملٌ دائماً.
هذه رسالةٌ قويّةٌ لكلّ من له آمالٌ وطموحاتٌ: أن يربط ربطًا قويًّا بين التّفاؤل وحسن الظّن بالله، وبين العمل الدؤوب، حتّى تتحقّق الآمال ويعلو البنيان.
فلنكن متفائلين بربّنا سبحانه، واثقين بوعده، متقنين لأعمالنا، طاردين شبح القلق والاكتئاب من نفوسنا وقلوبنا.
http://shamkhotaba.org