لا إرهاب يفوق إرهاب عصابة الأسد
الكاتب : رابطة خطباء الشام
الجمعة 29 يوليو 2022 م
عدد الزيارات : 1228
مقدمة
إنَّ ثورة الشّام لم تكن في لحظةٍ مِن لحظاتها ثورة ماءٍ وكهرباءٍ، وليست ثورة جياعٍ، بل هي ثورة حرّيّةٍ وإباءٍ، وقد خرجت منذ اللّحظة الأولى منتفضةً ضدّ الظّلم والقهر وقمع الحرّيّات الدِّينيّة والدُّنيويّة، وما سمعنا يوماً أنّ أحداً نادى بزيادة معاشٍ أو طعامٍ وشرابٍ، ولن يرضى الشّعب المكلوم إلّا بإسقاط الأسد وطغمته، وتفكيك أجهزة إجرامه.
ولن تكون ثمرةُ استشهاد مئات الآلاف وتشرّد الملايين وتدمير البلاد وفقد الملايين حرّيّتهم ولقمة عيشهم توافقاتٍ تعيد إنتاج النّظام؛ بأيّ شكلٍ كان، وإنّ جيش وأمن النّظام المستبدّ المجرم يجب أن يُحلّ، ويجب أن يُحاكَم كلّ مَن أجرم بحقّ الشّعب السّوريّ.
1- حقيقة الإرهاب
الإرهاب مصطلحٌ تستعمله جهاتٌ عديدةٌ، وكلّ جهةٍ تجيّره لصالحها ما أمكن، فما الإرهاب؟ إذا كان الإرهاب قتل المدنيين الأبرياء فلن تجد إرهابيّاً يسبق نظام البعث، {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا ‌مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النّساء: 93].
وإذا كان الإرهاب قتل الأطفال ووأدهم تحت الركام وهم أحياء، فالأطفال الّذين قُتلوا في القصف يخبرونك مَن الإرهابي: {وَإِذَا ‌الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التّكوير: 8-9].
وعَنِ ‌الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ ‌وَوَأْدَ ‌الْبَنَاتِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ). صحيح البخاريّ: 2408
وإذا كان الإرهاب سجن النّساء المستضعفات والنَّيل مِن أعراضهنّ؛ فأعداد الأسيرات في سجون النّظام المجرم وانتهاكه حقوقهن تُبيِّن أوضح البيان أين يكون الإرهاب، وإذا كان الإرهاب سَوق المدنييّن العزّل -معصوبي العيون- إلى أخدودٍ كبيرٍ؛ ليتمّ قتلهم بدمٍ باردٍ أمام آلات التّصوير، وقاتلهم يوثّق تلك اللّحظات، مستشعراً كامل الأمن مِن العقاب، ومتقرّباً إلى أسياده بإجرامه، إذا كان ذلك إرهاباً فإنّ مجزرة التّضامن تحدّد -وبشكلٍ قاطعٍ- مَن الإرهابيّ: {قُتِلَ أَصْحَابُ ‌الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [البروج: 4-9]. 
إذا كان الإرهاب أن تقصف دُور العبادة؛ فالمآذن المقصوفة تنادي بكلّ مَن يراها أنّ مَن قصفني هو الإرهابيّ: {وَمَنْ ‌أَظْلَمُ ‌مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114].
إذا كان سلب النّاس حرّيّتهم الدِّينيّة -ومنهم مِن ممارسة شعائرهم- إرهاباً؛ فقد منع النّظام النّاس -على مدى عقودٍ متتاليةٍ- مِن إقامة الجمعة والجماعات في ثكنات جيشه، نكّل بمن خالف ذلك أشدّ النّكال، وفي سجني تدمر وصيدنايا قصصٌ كثيرةٌ لمن كان يريد أن يعرف مَن الإرهابيّ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي ‌يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى} [العلق: 9-10].
لقد توعّد الله هذا النّاهي بالنّكال: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 15-19].
خاتِمةٌ:
إنَّ نظامًا قام على معاداة الدِّين وأهله، بالجمع بين علمانيّةٍ بعثيّةٍ وطائفيّةٍ حاقدةٍ، واستمدَّ وجوده مِن تسويق نفسه وكيلاً للعدوّ الأقرب أو الأبعد، لهو نظام فاسدٌ؛ لا يمكن إصلاحه بحال، وقد اقتضت سنَّة الله تعالى في الكون أنَّه: {‌لَا ‌يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 81].
لذا كان مِن أهمّ مطالب الشّعب الثّائر المجاهد: إسقاط النظام الأسديّ الإرهابيّ المجرم؛ بكلّ رموزه وأركانه، وإعادة بناء أجهزة البلد ومؤسّساته، خاليةً مِن أيّ أثرٍ للنّظام وأعوانه.
 

http://shamkhotaba.org