مقدمة:
أقام الإسلام المجتمع على أساس رابطة العقيدة أوّلًا، فجعل المسلمين إخوةً، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].
عن عَبْد اللهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
فأنشأ بذلك مجتمعًا متجانسًا؛ تذوب فيه الأعراق والأجناس، ويتمازج المؤمنون حتّى يصيرون جسدًا واحدًا، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).
فنشأ مجتمعٌ متماسكٌ كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ).
مجتمعٌ الأفضليّة فيه للتّقيّ لا للغنيّ، قَالَ أَبَو نَضْرَةَ رضي الله عنه: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟)، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)، ثُمَّ قَالَ: (أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟)، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ: (فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟)، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: (فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟)، قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأُمْوَالَكُمْ)، -قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: (وَأَعْرَاضَكُمْ- عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟)، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ).
1- كيف تكون الأخوَّة؟
(المسلم أخو المسلم) عبارةٌ نظريّةٌ يترتّب عليها تفاصل عمليّةٌ تطبيقيّةٌ كثيرةٌ، فلهذه الأخوّة حقوقٌ يجب أن تُؤدّى، في مقابل حصول المسلم على هذا الامتياز، هي عبارةٌ تمنحك في لحظةٍ واحدةٍ ملياري أخٍ تتقوّى بهم، لكنّها في ذات الوقت تحمّلك تبعات ذلك، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ) قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: (إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ).
فأوّل هذه الحقوق السّلام؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ).
ويقول الحقّ: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النّساء: 86].
ويجعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم السّلام رسول محبّةٍ بين المسلمين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ).
والسّلام سلامةٌ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (أَفْشُوا السَّلَامَ تَسْلَمُوا).
وهو أمر الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [النّور: 61].
وثاني الحقوق: إجابة دعوة المسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا، فَلْيُصَلِّ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا، فَلْيَطْعَمْ)
ويقول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
وثالثها: أداء النّصيحة، وهي وظيفة الأنبياء والصّالحين {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: 20].
وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: "بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ".
2- حقُّ مرضانا وموتانا
ومِن حقوق المسلم على المسلم: أن يشمّته إذا عطس فحمد؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاوُبَ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاوُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا قَالَ: هَا، ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ).
وهو حقٌّ لمن أدّى حقّ الله أوّلًا فحمده، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ فِي بَيْتِ بِنْتِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَعَطَسْتُ فَلَمْ يُشَمِّتْنِي، وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا، فَلَمَّا جَاءَهَا قَالَتْ: عَطَسَ عِنْدَكَ ابْنِي فَلَمْ تُشَمِّتْهُ، وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَّهَا، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَكِ عَطَسَ، فَلَمْ يَحْمَدِ اللهَ، فَلَمْ أُشَمِّتْهُ، وَعَطَسَتْ، فَحَمِدَتِ اللهَ فَشَمَّتُّهَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللهَ، فَشَمِّتُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللهَ، فَلَا تُشَمِّتُوهُ).
وقد علّمنا كيف نؤدّي هذا الحقّ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ).
ومِن هذه الحقوق: عيادة المريض، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَادَ مَرِيضًا فَقَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ سَبْعًا عُوفِيَ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَضَرَ أَجَلُهُ).
وعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ)، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: (جَنَاهَا).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الجَنَّةِ مَنْزِلًا).
وقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الجَنَّةِ).
ومِن حقوقه: تشييع جنازته؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ؛ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ).
خاتمةٌ:
يدعو المسلم لأخيه ويرجو له الرّحمة حيًّا وميتًا {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10].
والحديث القدسيّ الآتي يبيّن مكانة حقّ المسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي).
فهلّا أطعمنا إخواننا الجائعين، إذ لا يليق بالأخ أن يترك أخاه جائعًا.
إنّ تطبيق معنى الأخوّة الإسلامية يُصلح أحوالنا في كلّ جانبٍ، فإذا تذكّر البائع أنّ المشتري أخوه هل يقدِم على غبنه وغشّه، فإن غشّه فليس منّا؛ لأنّه تنكّر لأخوّته، وإذا تذكّر المعلّم أنّ التّلميذ هو ابن أخيه ألا يتفانى في تعليمه مع الرّفق والرّحمة، وإذا تذكّر الطّبيب الشّابّ أنّ مريضه عمّه أخو أبيه كيف ستكون عناية المرء بعمّه؟ والصنائعيّ إذا جاءه أخوه يستصنعه كيف تراه يصنع؟ وعلى هذا فقِس في كلّ مناحي الحياة، ما قابلك مسلمٌ يومًا فتذكّر أنّه أخوك، وأنّ هذه الأخوّة أمرٌ محتومٌ محسومٌ، لك منه وعليك، فأدِّ الّذي عليك تسلم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، إن العناية بالأخوّة الإيمانيّة اليوم يضمن لنا يومًا قادمًا واعدًا مشرقًا.
http://shamkhotaba.org