عيد الأضحى
الكاتب : عبد الرحمن محمود الضحيك
الأربعاء 1 أكتوبر 2014 م
عدد الزيارات : 3120

 الله أكبر كلمَا لاحَ صباحُ عيدٍ وأسفر
الله أكبر كلما أرْعدَ سحابٌ وأمطر
الله أكبر كلما صامَ صائمٌ لله وأفطر
الله أكبر عددَ ما هلَّ هلالٌ وأنور
الله أكبر عددَ ما تأمَّل متأمِّل في الكون وفكر،
والحمدُ لله الذي سهَّل لعبادِه عبادته ويسَّر، ووفاهُم أجورَهم من خزائن جودِه فأوفر، ومنَّ عليهم بأعيادٍ تعودُ عليهم وتتكرر، نحمدُه على نعمه التي لا تعدُّ ولا تحصى ولا تحصر، ونشكرُه على فضله وإحسانه، وحُقَّ له أن يُشكر. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهٌ كلُّ شيء عنده بأجل مقدر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ذو الوجه الأنوَر، والجبين الأزهر، أفضلُ من تعبد لله وصلى وزكى وحج واعتمر، صلى الله عليه وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّر، وعلى أصحابه السبّاقين إلى الخيرات، فنعم الصحبُ والمعشر، وعلى التابعين لهم بإحسان في كل زمان، ما بدا فجرٌ وأنور، وسلَّمَ تسليم كثيراً.

أما بعد: عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، قال تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ). إن يوم النحر من أفضل أيام العام، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أعْظَمَ الأيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ). وأيام عيد الأضحى هي الأيام المعدودات التي أمِرْنا بذكر الله فيها كما قال سبحانه: (وَاذكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُوداتٍ) وهي من المواسم الفاضلة، والأيام العظيمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (أيامُ التشريق أيامُ أكلٍ وشرب وذكر لله). فيشرع للجميع الإكثار من التكبير والذكر في أيام العيد.
والمؤمن يتقلب في أنواع العبادة ولا يعرف لها حداً، ومن تلك العبادات التي يحبها الله تعالى ويرضاها في العيد:
بر الوالدين، وصلة الأرحام، وزيارة الأقارب، وترك التباغض والتحاسد، والعطف على المساكين والأيتام، وإدخال السرور على الأهل والعيال، ومواساة الفقراء، وتفقد المحتاجين من الأقارب والجيران.
ومن شعائر يوم العيد ذبح الأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل. والأضحية سنة مؤكدة فقد ضحى صلى الله عليه وسلم بنفسه، وحث أمته على التضحية. ولا تجوز الأضحية إلا من بهيمة الأنعام: أما الإبل والبقر فالواحدة منها عن سبعة، وأما الغنم فيضحي الرجل بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته؛ فعن عَطَاءَ بْنِ يَسَارٍ قال: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: (كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ، حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ فَصَارَتْ كَمَا تَرَى).
أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ عَظِيمَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ، فَأَضْجَعَ أَحَدَهُمَا وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ أَضْجَعَ الآخَرَ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ، مَنْ شَهِدَ لَكَ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لِي بِالْبَلاغِ).
وللأضحية شروط لا بد من توفرها، أهمها: سلامتها من العيوب. وأفضلها: أسمنها وأغلاها ثمناً. ولو ضحى عن الأموات تبرعاً منه أو أشركهم معه في أضحيته فهو جائز. ولا يجوز أن يعطي الجزارَ منها شيئا، لا جلدَها ولا رأسَها، إنما يعطيه أجرته، ولا يجوز أن يبيعَ جلد الأضحية ولا غيرَه، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من باع جلد أضحيته فلا أضحية له).
عباد الله: ها هو العيد يأتي على الأمة لتلبس الجديد ويهنئ بعضها بعضا بهذه المناسبة السعيدة. لكنه يأتي اليوم والأمة قد اشتد بلاؤها، وازداد كربها. إننا نريد أن نفرح ولكن أنى لنا ذلك؟ وكيف لنا ذلك؟ وإخواننا في الدين والعقيدة في كل يوم يقتلون، وفي كل يوم يشردون؟! فراشهم الأرض، ولحافهم السماء. يقاسون الكرب والشدة: قتلٌ وتشريد، وسجنٌ وتعذيب، وهدم للبيوت، ونهب للممتلكات، واغتصاب للحرمات. لكن مع كل ذلك البلاء لا يجوز لنا أن نيأس؛ فإن نصر هذه الأمة قد انعقد غمامه، وقد أقبلت أيامه، فأحسنوا الظن بربكم، واجمعوا مع الأمل حسن العمل، واعلموا أن الشدائد التي تمرّ بها الأمة هي علامات ميلاد جديد بإذن الله، (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ). الله أكبر الله أكبر.... أقول هذا القول وأستغفر الله


http://shamkhotaba.org