كتاب الأسبوع: الشامل في فقه الخطيبِ والخُطبَةِ
الكاتب : رابطة خطباء الشام
الأربعاء 21 يناير 2015 م
عدد الزيارات : 5338

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ضمن مشروع كتاب الأسبوع  - أحد مشاريع رابطة خطباء الشام - نقدم لكم عرضاً وتلخيصاً لكتابٍ جديد بهدف إثراء مكتبة الخطيب
وجاء كتاب هذا الأسبوع تحت عنوان :

 

الشامل في فقه الخطيبِ والخُطبَةِ *

لمؤلفه : الدكتور / سعود بن إبراهيم بن محمد الشريم

المقدمة :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد :

فإن الخطابة في الإسلام جزء لا يتجزأ من كيان الأمة الشامخ ، ولسانها الناطق ، وحبر قلمها السيال ، وحركات بنانها الحثيثة ، لها شأن جليل ، ومقصد نبيل ، وأثر ليس بالقليل ، هي منبر الواعظ ، ومتكأ الناهض ، وسلوان من هو على دينه كالقابض ، لا يعرف وسيلة في الدعوة أقرب إلى التأثير منها ، ولا وقع أشد – في التلقي بالقبول في نفوس الناس – من وقعها ، وهي مهنة النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره ، ومبتدؤه وخبره بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه ، كما أنها ميدان الدعاة الرحب ، ومنهل الظامئين العذب ، وسهل الواطئين الرطب .

وبالنظر إلى ما لهذا الأمر من عظم ، فإن التهاون بشأنه لخطب جلل ، والنأي عنه فتوق وخلل ، ولأنك إذا أردت الحكم على أمة من الأمم في ثقافتها ووعيها ، وفي صحتها وعيها ، فانظر إلى خطبائها وما تحويه خطبهم ، وإلى منابرها وأين منها هم . ولقد علمت أن شيئاً من فقه الخطبة في هذا الزمان قد اندرس ، ورأيت كثيراً من الخطباء على جهل بأحكامها ، فلم يدر بعضهم ما تعلم منها وما درس ، فضعف التأهيل ، وقلَّ التأصيل ، وغاب الدليل – إلا ما شاء الله – حتى ساءني مثل هذا الواقع المرير ، فجعلني أقلب الحديث في خلدي بالتفكير ، وأزور كتاباً في صدري للتسطير ، فأحيي به ما اندرس من فقه الخطيب والخطبة ، وأطفئ به دخان هذه العُطبة، فكان الجمع لهذه النخبة ، بياناً لما في الخطابة من عظم الرتبة ، موضحاً فيها ما أبهم ، ومبيناً في ثناياها ما أشكل ، جامعاً متفرقها ، باسطاً مجتمعها ، منزلاً على الشرع نوازلها ، مستعيناً في كل ذلك على الباري جلّ شأنه ، متلمساً منه الخروج بمادة علمية واسعة فيما يخص الخطيب والخطبة ، فصار جلُّ ما جمعته مسائل فقهية بحتة ، ودقُّه مسائل توجيهية ، ومفاهيم تصحيحية ، تدور محاورها حول الخطبة والخطيب ، ثم رتبتها ترتيباً يتناسب مع ترتيب الخطبة وأحوالها منذ دخول الخطيب ناصحاً إلى أن ينصرف من صلاته راشداً . 

وقد كنت في زمن مضى أصدِّر أجزاء الخطب – التي ألقيتها من على منبر المسجد الحرام – بمسائل فقهية لطيفة تحت عنوان ( بين يدي الخطيب ) ، وذلك في كل جزء من أجزاء خطبي المطبوعة والتي وسمتها بـ ( وميض من الحرم ) فبلغت أربعة أجزاء ، وهي تمثل ما يقارب نصف هذا السفر الكبير ، وكانت قد لقيت قبولاً واسعاً ، ورواجاً حافلاً في نفوس كثير من طلبة العلم والخطباء في داخل بلاد الحرمين وخارجها – فلله الحمد من قبل ومن بعد – إضافة إلى كثرة الطلب في إخراج هذه الحلقات في سفر مستقل على هيئة البسط والإسهاب ، فجمعت تلك الحلقات وأعدت بسط الكلام فيها ، وأضفت إليها أكثر من ضعفها ، حتى خرجت بهذه الصورة القشيبة ، ثم إنني حين استكملت هذا الكتاب في آخر شهر شعبان – من عام 1422هـ - دفعت بمسوداته إلى أصحاب الفضيلة أئمة المسجد الحرام كمعالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد ، وفضيلة الشيخ الدكتور / عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس ، وفضيلة الشيخ الدكتور / عمر بن محمد السبيل – رحمه الله رحمة واسعة ونور ضريحه ووسَّع مرقده – وذلك طلباً للإفادة منهم ، فشجَّعوني على ذلك ، وشاطروني الرأي في أهمية مثل هذا الموضوع وأهمية نشره ، فجزاهم الله عني خيراً وسدَّد على طريق الحق خطاهم .

وبعد تمام هذا الكتاب ، فإنني أذكر ما امتاز به في محتواه من الفوائد الظاهرة لمن قرأه ورآه ، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وإذا عرفت المبتدأ فلن يغيب ذهنك عن خبره، فكان من ذلك :

أولاً : أن هذا الكتاب خاص بفقه الخطيب والخطبة ، فلا يدخل في ذلك ما يتعلق بالمأمومين كمسألة الإنصات للخطبة ، أو تنفلهم قبل الخطبة، أو تبكيرهم لحضور الجمعة ، أو نحو ذلك.

ثانياً : أن هذا الكتاب جمع ما يزيد على مائة وثنتين وعشرين مسألة ، كلها تخصُّ الخطيب والخطبة ، مما قد لا يوجد مجتمعاً بهذه الصورة في غير هذا الكتاب حسب ما ظهر لي .

ثالثاً : أن هذا الكتاب جمع أكبر قدر ممكن من أقوال أهل العلم في هذا الشأن ، من أئمة المذاهب الأربعة ، وأصحابهم ، وغيرهم من فقهاء السلف ، وذلك دون إطناب ممل ، ولا إسهاب مخل .

رابعاً : أن الأصل في المسألة التي أوردها برمتها هو مجرد الجمع والنقل والتأليف ، إذ هو بحد ذاته جهد ليس بالسهل اليسير ، فقلَّما أدلي بدلوي في كثير من المسائل بترجيح أو مطارحة . وإن دعت الحاجة إلى شيء من ذلك ، ففي بعض المسائل التي ستتضح للقارئ خلال استقرائه لهذا الكتاب .

خامساً : أن هدفي من عدم فصل القول في كل مسألة هو أهمية هذا الأمر ، وصعوبته ، وتعدي مصلحته ، وشح الوقت المعين على ذلك ، مع قلة باعي ، وقوة الناقد الواعي ، إضافة إلى حساسية هذا الموضوع ، وما ينتج عنه من نسبة الإختيارات إلى شخصي – لاسيما في هذا الأمر المهم – مما قد يفتح عليَّ الباب أمام مطارحات ومجادلات تعكر صفو هذا الكتاب ، فتعظّم القشور ، ويهون اللباب ، وهذا مما لا طائل من ورائه ، ولا غرو في ذلك إذ تتبع العثرات في هذا الزمن على قدم وساق ، وإلى التحاسد والتباغض يكون فيها المساق ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

سادساً : أنني عزوت في الهامش جميع النقولات والموارد التي في الكتاب من آيات وأحاديث ، وأقوال لأهل العلم ، من باب تقريب المصادر إلى روادها ، وغرس الثقة في نفس القارئ بإثباتها .

سابعاً : أن هذا الكتاب يعدُّ أول مرجع بهذا الحجم الكبير ، والجمع الحبير ، فيما يخص الخطيب والخطبة حسب ما بدا لي . وما قد جاء مؤلفاً فيها ، فإنما هو من باب المختصرات الفقهية ، أو التوجيهات التربوية ، والخطوات التنموية للقدرات الخطابية ، مع ما فيها من الفوائد والمُلح .

ثامناً : أنني أفردت آخر مسألتين من هذا الكتاب بأمور لا يسع الخطيب إغفالها ، ولا طالب العلم إهمالها ، وذلك لما فيها من النفع الكبير ، والفائدة العظيمة من خلال ذكر النكت المتنوعة في هذا الإطار ، قد جمعت شتاتها ، ولقطت نثارها إبان استقرائي لهذا الباب ، فرأيت أن إهمالها خسارة ، وتقييد الأوابد منها تجارة ، وذلك متمثل في مسألتين :

إحداهما : أنني دونت ما وقفت عليه من فوائد لا يستغني عنها الخطيب ، وهي في الوقت نفسه لا تحتمل أن تفرد في مسألة بحثية مستقلة ، فرأيت جمعها تحت عنوان ( فوائد متنوعة ) ، فبلغت ستّاً وعشرين فائدة .

ثانيهما : أنني قيدت كل ما وقفت عليه من أقوال لأهل العلم حول مسائل تخص الخطيب والخطبة تحت عنوان ( بعض ما قيل إنه مكروه أو من البدع في الخطب ) فبلغت إحدى وأربعين مسألة ، ولم ألتزم فيها بإبداء موافقتي للقائل أو مخالفته ، تغليباً لجانب النقل المجرد ، والإفادة المليحة ، وربما أبديت رأياً في بعضها إن كانت مما ورد الحديث عنها في الكتاب .

هذه هي خلاصة ما امتاز به هذا الكتاب ، وما لم أذكره أكثر من ذلك ، تركت الحكم عليه لقارئه ، وما ذاك إلا من فضل الله عليَّ وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ، وسميته ( الشامل في فقه الخطيب والخطبة ) فما كان فيه من صواب فمن الله ، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان ، والله ورسوله بريئان من ذلك ، سائلاً المولى جل شأنه أن ينفع به العباد ، وأن يجعله لي ذخراً ، ولحسن العاقبة مدخراً ، ويكفر به سيئاتي ، ويرفع درجاتي ، وأن يجعله علماً نافعاً يتبعني أجره في قبري ويوم أن ألقى الله ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب .


 

*  بلغت صفحات الكتاب 341صفحة من القطع  الكبير
* لتحميل الكتاب كاملاً اضغط على رمز  pdf بجانب الأيقونات أعلى الصفحة

 



http://shamkhotaba.org