مقدمة :
إن الذين يسقطون في هاوية البحث عن الغنائم لا يمكن أن ينجحوا في رفع راية عقيدة أو حضارة ..
إن قصة " الغنيمة " في تاريخنا غريبة ، والدرس الذي تلقيه علينا أغرب!!
لقد بدأت أولى دروسنا بسبب الغنيمة مبكراً ..
ولقد وقفنا مرغمين - عند آخر مدى وصلت إليه فتوحاتنا ، بسبب الغنيمة - كذلك !!
فقصة الغنيمة .. هي قصة الدروس الأقسى في تاريخنا .
وإن بريق المادة إذا غلب بريق الإيمان ,,, فانتظر درساً ربانياً قاسياً تطيش منه العقول .
1- الغنائم ، أهميتها وخطورتها
إن قضية الغنائم – مال حصل من كفار بقتال –مغني المحتاج للشربيني - فُرقان بين الأصيل والدخيل, وبين من خرج لله وخرج لغيره، ولعِظم شأنها وخطورة أثرها فقد أنزل الله سبحانه فيها قرآناً يتلى إلى يوم القيامة وبسورة كاملة هي سورة ( الأنفال ) .
وليس عبثاً ولا مصادفةً - وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً – أن تأتي سورة الأنفال بين سورتي ( الأعراف ) و ( التوبة ) , وكأن في ذلك إشارة إلى أمرين اثنين :
- أنها بعد سورة الأعراف : فهي الفرقان بين الحدين والفريقين ( الذين خرجوا لله , أو للمال والجاه ) .
- أما أن بعدها سورة التوبة : فإن الغنائم بالمجمل تأتي بالنزاع والشقاق والغلول, فتحتاج مثل هذه الحوبات والآثام لتوبة صادقة نصوح .
إن سورة الأنفال جاءت لتربيتنا على أمر هام واحد: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (الأنفال 1)
ويالها من آية قطعية , حازمة في هذا الباب ..
( لا تلتفتوا للغنائم فهي بفضل الله ونصره , والتفتوا لتقوى قلوبكم وأخرجوا حب الدنيا منها )
- ولخطورة هذا الأمر , وحفظاً للمجتمعات والأمم من آثارها السلبية , فقد كانت هذه الغنائم محرمة على من قبلنا من الأمم , حتى ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أُعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نُصرت بالرعب مسيرة شهر , وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ , وأُحلّت لي الغنائم ، ولم تُحلّ لأحد قبلي , وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامّة ) (أخرجه البخاري/335، ومسلم/521 ).
- وفي البخاري من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( غزا نبي من الأنبياء - هو يوشع بن نون عليه الصلاة والسلام - ، فقال لقومه : لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها، ولا أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها ، ولا أحد اشترى غنما أو خَلِفات وهو ينتظر ولادها ، فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس : إنك مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احبسها علينا ، فحُبست حتى فتح الله عليه ، فجَمع الغنائم ، فجاءت - يعني - النار لتأكلها فلم تطعمها ، فقال : إن فيكم غلولا ، فليبايعني من كل قبيلة رجل ، فلزقت يد رجل بيده ، فقال : فيكم الغلول ، فلتبايعني قبيلتك ، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده ، فقال : فيكم الغلول ، فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب فوضعوها ، فجاءت النار فأكلتها ، ثم أحل الله لنا الغنائم رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا ). (البخاري/3124).
ووجه الشاهد في الحديث أن الغنائم كانت محرمة على الأمم قبلنا، فكانت تجمع كلها في نهاية المعركة في مكان واحد، ثم تنزل نار من السماء، فتأكلها جميعا، وهي علامة قبول الله لتلك الغنائم ، فإن غل أحدٌ منها شيئاً لم تأكلها النار، فجمعت الغنائم وجاءت النار فلم تأكل منها شيئاً، فعرف نبي الله يوشع أن هنالك غلولاً وأخبر جيشه بذلك، ثم أمر بأن يبايعه من كل قبيلة رجل، فلصقت يده بيد رجل من القبيلة التي فيها الغلول، فعرف أن الغالِّين هم من هذه القبيلة، وطلب أن يبايعه كل فرد من أفرادها على حدة ،فلصقت يده بيد رجلين أو ثلاثة وكانوا هم أصحاب الغلول، فأمرهم بإحضار ما أخذوه ،فجاءوا بقطعة كبيرة من الذهب على شكل رأس بقرة، فلما وضعت مع الغنائم جاءت النار فأكلتها .
وقد منَّ الله عز وجل على هذه الأمة، فأحل لها الغنائم التي كانت محرمة على من قبلها من الأمم ،وستر عنها أمر الغلول، وفضيحة عدم القبول، وهو من خصائص أمة محمد عليه الصلاة والسلام .
ومن خلال الحديث يتبين لنا أن المهمات الكبرى ، والقضايا المصيرية التى يرتبط بها عز الأمة ونصرها، ينبغي ألا تفوَّض إلا لحازم فارغِ القلب، لم تأسره الدنيا، ولم يشغله المعاش، ولم تلهه الشهوات، لأن المتعلق بأمور الدنيا، وشؤون الحياة والمعاش، قد يضعف عزمه عن المواجهة والإقدام، والقلب إذا تشعبت به الهموم ضعُف عمل الجوارح، وإذا اجتمع قوي عملها وتوحد الهم، وهو معنى جليل يحتاجه العبد في سيره إلى الله تعالى.
2- قصة الغنائم في تاريخنا
- كان قائد المعركة في أُحد هو رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وخالف الرماة أمره، وخافوا من أن تضيع فرصتهم في الغنيمة .. وشهد الجبل العظيم استشهاد سبعين رجلاً من خيرة المسلمين .. بسبب الغنيمة .. بل كادت أن تكون سبباً في قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة , فكسرت رباعيته ودخلت حلقتا المغفر في وجهه الشريف . كما في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ :( أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُسِرَتْ رَبَاعِيَّتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَشُجَّ فِي جَبْهَتِهِ ، حَتَّى سَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ ، فَقَالَ : (كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمًا فَعَلُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ )( رواه مسلم/1791 ).
- والغنيمة كانت مجدداً وراء عتاب النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار – الذين رضي الله عنهم –يوم حُنَيْنٍ فَقَدْ عَوَّضَ الْأَنْصَارَ لَمَّا قَالُوا: يُعْطِي الْغَنَائِمَ قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ! فَقَالَ لَهُمْ: (أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بُيُوتِكُمْ).( رواه البخاري /4334، ومسلم/1059) .
- وها هي الغنيمة مرةً أخرى وفي نفوس أمهات المؤمنين, فيوحي الله تخيير أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم- اللواتي طالبنه بالتوسعة في النفقة عليهن بعد ما وسع الله عليه وعلى المسلمين من فيء بني قريظة العظيم وما قبله من الغنائم -بين متاع الحياة الدنيا وزينتها أو إيثار الله ورسوله والدار الآخرة. وقد اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، ورضين هذا المقام الكريم عند الله ورسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-، وآثرنه على متاع الحياة– رضي الله عنهن وأرضاهن - .يقول الله سبحانه :
( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكنّ وأسرحكنّ سراحاً جميلاً )( الأحزاب 28) .
- والغنيمة هي التي جرّأت ذي الخويصرة رأس الخوارج على النبي صلى الله عليه وسلم،حين كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقسّم غنائم حنين فاستعطف قلوب أهل مكة بتوفير الغنائم عليهم فقال هذا الآثم : اعدل يا رسول الله فقال أعدل البشر صلى الله عليه وسلم : (ويلك , إن لم أعدلْ فمن يعدل ؟؟!! ) .( رواه البخاري /6163، ومسلم/1064).
- وتستمر قصة الغنائم في تاريخنا , لتعلمنا أقسى الدروس وأشدها .. فهل تعلمون أنها الأمر الذي حال دون إسلام أوروبا, وتوقف الفتح الإسلامي على حدود فرنسا ؟؟!! – بعد مشيئة الله وأمره - فمنذ تم الاستقرار في المغرب العربي واسبانيا الإسلامية، والمسلمون يطمحون إلى اجتياز جبال البرانس وفتح ما وراءها ، هكذا أراد " موسى بن نصير " لكن الخليفة الوليد بن عبد الملك " خشي أن يغامر بالمسلمين في طريق مجهولة , ثم فكر على نحو جدّي " السمحُ بن مالك الخولاني " والي الأندلس ما بين عامي ( 100 - 102 هجرية ) ، وتقدم فاستولى على ولاية ( سبتماية ) إحدى المناطق الساحلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط جنوب فرنسا ، وعبر - بذلك - " السمح " جبال البرانس ، وتقدم فنزل في أرض فرنسا منعطفاً نحو الغرب حيث مجرى نهر الجارون ، مستولياً في طريقه على ما يقابله من البلدان ، حتى وصل إلى - تولوز - في جنوب فرنسا -، وقُتِلَ السمح ، وتراجع جيشه تحت قيادة أحد قواده ( عبد الرحمن الغافقي ) فكأن السمح لم ينجح إلا في الاستيلاء على سبتماية , ثم واصل الوالي الجديد بعدُ ( عنبسةُ بن سحيم الكلبي ) التقدم نحو أوربا ، وإن كان قد غير طريق السير ، وتمكن من الوصول إلى " أوتان " في أعالي نهر الرون ، لكنه لم يكن حذراً فلم يؤمِّن طريق عودته فانتهى الأمر بقتله وعاد جيشه إلى أربونة في سبتماية .
لكن عبد الرحمن الغافقي ، كان الشخصية الحاسمة التي أرادت التقدم نحو أوربا وحرصت عليه ، وكان عبد الرحمن مشبعاً بروح الإيمان والرغبة في الثأر لما أصاب المسلمين من قبل حين قتل " السمح " وحين رجع هو بالجيوش الإسلامية إلى سبتماوية ( وقد أعلن الغافقي الدعوة للجهاد في الأندلس كلها وفي أفريقية ، وقد جاءته وفود المتطوعين من كل مكان ، كما أنه من جانبه استعد استعدادا كبيرا لهذا الغزو ) .
ولقد التقى المسلمون ( عرباً وبرابرة ) بالمسيحيين بين بلدتي " تورو " و " بواتيه " على مقربة من باريس ، وكان قائد النصارى ( شارل مارتل ) ، بينما كان ( عبد الرحمن الغافقي ) يقود جيوش المسلمين. وكانت المعركة شديدة قاسية استمرت قريباً من سبعة أيام ، وكان الجيش الفرنجي وحلفاؤه أكثر من جيش العرب ، ولكن المسلمين أحسنوا البلاء في القتال ، وكاد النصر يتم لهم .. لولا أن ظهرت قضية " الغنائم " !! لقد عرف المسيحيون أن لدى الجيش الإسلامي غنائم كثيرة حصل عليها من معاركه أثناء تقدمه من قرطبة حتى " بواتيه " ..
وقد أثقلت هذه الغنائم ظهور المسلمين ، وكان من عادة العرب أن يحملوا غنائمهم معهم ، فيضعوها وراء جيشهم مع حامية تحميها .
وقد فهم النصارى هذا ، ونجحوا في ضرب المسلمين عن طريق التركيز على هذا الجانب ، لقد شغلوهم من الخلف . من جانب الحامية المكلفة بحراسة الغنائم .. ولم يفطن المسلمون للتخطيط النصراني ، فاستدارت بعض فرقهم لحماية الغنائم .. وبالتالي اختل نظام الجيش الإسلامي .. ففرقة تستدير لحماية الغنائم ، وأخرى تقاتل النصارى من الأمام ..
وعبثاً حاول عبدالرحمن الغافقي إنقاذ نظام الجيش الإسلامي ، إلا أن سهماً أصابه وهو يبذل محاولاته المستميتة .. فوضع حدا لمحاولات الإنقاذ ، وأصبح جيش المسلمين دون قيادة .. وتقدم النصارى فأخذوا بخناق المسلمين من كل جانب وقتلوا من جيشهم الكثير !!
لقد كانت " بلاط الشهداء " سنة 114 هجرية آخر خطوات المد الإسلامي في اتجاه أوربا ، أو على الأقل آخر خطواته المشهورة . والسبب ؟ الغنائم !
يا الله .. أبعد هذا نتعجب من تأخر نصر ؟؟!! أو هزيمة في معركة من المعارك ؟!!
3- صورة مضيئة
- ومع ما ذكرنا من قبل فلم يخل تاريخنا من صور ناصعة , كانت الغنائم فيها بنظر الجندي المسلم – وسيلة لا غاية , فها هي الغنائم تحمل إلى عمر رضي الله عنه بعد القادسية– أعظم ملاحمنا مع الفرس الأنجاس - ، وفيها تاج كسرى وإيوانه الذين لا يقومان بثمن..فنظر رضي الله عنه إلى ما أداه الجند في غبطة وقال: (إن قوماً أدوا هذا لأميرهم لأمناء) ..نعم , فهذه التربية الإسلامية الربانية لجند الانتصارات والفتوحات .
- إن الترفع عن الغنائم والأنفال من شيم النفوس الكبيرة , والأخلاق الرفيعة , حتى قبل الإسلام فقد كان المقصود الْأهم من الحرب هو إِبادةُ الْأعداء، ولذلك ربّما كان صناديدهم يأبَوْنَ أخذَ الغنائمِ كما قال عنْتَرَةُ:
إِنَّـــــــا إِذَا احْمَـــــــــرَّ الْوَغَى نَرْوِي الْقَنَـــــــــــــا وَنَعِفُّ عِنـــــــــــــْدَ مَقَاسِمِ الْأَنْفَـــــــــــــــــالِ
سبحان الله !! أين فصائل الغنائم وفصائل الأنفال والتي لا تشترك في المعارك إن لم تعجبها الغنيمة ؟! أين هم من هذه الأخلاق ؟!
وعلينا أن نتيقن من حقيقة هامة وهي : إن بريق المادة إذا غلب بريق الإيمان ,,, فانتظر درساً ربانياً قاسياً تطيش منه العقول .
4- الغلول ، درب الهلاك
مما يتصل بالغنائم من أمور, بل هي أخطرها على الإطلاق, قضية الغلول : وهو ما يأخذ في المعارك من العدو قبل قسمة القائد، وهي التي جاء فيها قوله تعالى: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ *) (آل عمران 160-161).
وما فائدة إحضار الغلول في ذلك اليوم العصيب ؟! إلا أن الآية للزجر والتهديد.
- وقد جاء في تفسير قول الله تعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا) (الإسراء :18)
قيل : إنها نزلت في المنافقين كانوا يراءون المسلمين ويغزون معهم ولم يكن غرضهم إلا مساهمتهم في الغنائم ونحوها. ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً مطروداً من رحمة الله تعالى(تفسير البيضاوي).
الغلول هذا قطعة من نار والعياذ بالله وقد جاء في الحديث : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَجَعَ مِنْ خَيْبَرَ قَاصِدًا وَادِيَ الْقُرَى وَكَانَ لَهُ عَبْدٌ أَسْوَدُ يُدْعَى مِدْعَمًا، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْغَنَائِمِ لَمْ تَصُبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا)( انظر البخاري /4234، ومسلم/115).
يا الله ... لقد كان من المجاهدين , ومع من ؟؟ كان مع سيد المتقين صلى الله عليه وسلم , إلا أنه رسب في امتحان الغنائم !! .
فليكن الحذر صاحبك – أيها المجاهد – من هذا الوباء الفتاك , وقد نُقِل لنا أن بعض المقاتلين مات متأثراً بجراحه فور انتهائه من طمر بندقيةٍ غلها – ولا حول ولا قوة إلا بالله –
5-أدوية ناجعة
أ- الالتجاء إلى الله بقلب ضارع، كما قال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) (الأنفال: 24 )
ب- دوام الذكر له سبحانه حتى عند نزال العدو, قال تعالى: (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )(الأنفال: 45)
د- سماع النصح والتنبيه والامتثال لأمر الله في ذلك، قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ )( الأنفال :21 – 23 )
وعلينا أن نؤمن بذلك القانون الرباني العظيم , والتوجيه الإلهي الخالد:
( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )( الأنفال: 53 )
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأفعال , واصرف عنا سيء الأخلاق والأفعال , وانصرنا نصراً عزيزاً قريباً , مولانا رب العالمين
والحمد لله رب العالمين
http://shamkhotaba.org