حجابك خطوة على طريق النصر
الكاتب : رابطة خطباء الشام
الخميس 27 أغسطس 2015 م
عدد الزيارات : 2813

 

مقدمة:

 إن الذين ينادون بحرية المرأة ،لا يريدون حريتها بل يريدون حرية الوصول إليها وإن دعاة الاختلاط لا يهمّهم صيانة الأعراض، ولا يفهمون معنًى للشَّرف والعرض،

إنما هم جنود إبليس مُزَيِّنُ السفور الأول، وداعية نزع اللباس عن الناس، فإياكم أيها المسلمون أن يخدعكم الشيطان ويبعدكم عن جنة الرحمن كما أخرج منها أبويكم من قبل ونزع عنهما لباسهما.

 

 

 

1-العرض ضرورة جاء الإسلام بحفظها

إن من الضروريات الخمس التي جاء الإسلام بحفظها الأعراض، فمن أعظم مقاصد الإسلام حفظ الأعراض، وإقامة العفاف والنزاهة والطهارة في النفوس، ومن أجل تحقيق ذلك جاءت الشريعة بما يحقق تلك المقاصد العظيمة، ويؤكد هذه الأغراض النبيلة، بوسائل شتى، وطرق عظمى، منها:

 أمر الله تعالى بغض الأبصار، وحفظ الفروج، فقال سبحانه: ﴿ قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لّلْمُؤْمِنَـٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـٰرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ (النور 30).

ورتب الله على ذلك دخول الجنة فقال ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾(المؤمنون:5 - 10)

وفي البخاري عن سَهْلِ بن سَعْدٍ عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (من يَضْمَنْ لي ما بين لَحْيَيْهِ وما بين رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ له الْجَنَّةَ) (البخاري: 6474)

 ومنها تحريم الزنا فقال تعالى ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ (الإسراء: 32) فتأملوا يا مسلمون في الآية ولا تقربوا الزنا، ومعنى ذلك أن كل سبيل وطريق يوصل إلى الزنا يجب أن يُسَدَّ؛ ليبقى للمجتمع طهره ونقاءه وعفافه.

 ومن ذلك تحريم الدخول على النساء والخلوة بهن، وسفر المرأة بدون محرم، وتحريم اختلاط الجنسين بشتى صوره وأشكاله، قال تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ 

قال ابن كثير: أي: الْزَمْن بُيُوتكن فلا تخرجن لغَيْر حاجة. 

وفي الصحيحين عن عُقْبَةَ بن عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ على النِّسَاءِ فقال رَجُلٌ من الْأَنْصَارِ يا رَسُولَ اللَّهِ فرأيت الْحَمْوَ قال الْحَمْوُ الْمَوْتُ )

والحمو: هو قريب الزَّوج، شبَّهه النبي صلى الله عليه وسلم بالموت لخطورته وتساهُل الناس فيه.

 وإذا كان الرجالُ ممنوعين من الدُّخول على النساء وممنوعين من الخلوة بهنَّ بطريق الأَولى كما ثبت بأحاديثَ أخرى؛ صار سؤالهن متاعًا لا يكون إلا من وراء حجاب، ومن دخل عليهن فقد خرق الحجاب". 

 

2-فتن أطلت برأسها

 اتقوا الله واعلموا أن الاختلاط من أعظم الفتن التي أطلت برأسها على أهل هذا البلد، أخرس الله ألسنة الداعين إليها والذين يسعون جادين عبر وسائل الإعلام إشاعة الحديث عنها لا سيما وأن بلاد الشام بلاد طاهرة مقدسة ذكرت في الكتاب والسنة، بلاد خرجت لتطالب بحريتها من الظلم والفساد لا بحرية نسائها من التستر والاحتشام .

 خرجت لكي تصد الظلم والفساد والعدوان، لا لترد الظلم إليها بصور مختلفة وتفسد نفسها ببناتها ونسائها!!

أين الرجوع الى الله ؟ أين الأوبة إلى سنة الحبيب المصطفى أين الاستجابة لأمر الله وأمر رسوله ؟ يقول تعالى: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النور: 63)

أين نحن من مثل الصحابة الذين تلقوا دروسا ربانية وعبرا سماوية وإرشادات نبوية عندما خالفوا في أحد وحنين . وعندما رجعوا إلى الله آواهم الله ونصرهم ورفعهم وخذل عدوهم وصاروا تاريخاً يحتذى ومثلاً يقتدى.                                                                                                              أيها المسلمون:

هذه البلاد إنما ترتفع رايتها بشهادة التوحيد وتطمئن أركانها بعقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان وتنال الريادة والقيادة بفضل الله تعالى ثم بفضل التزامها بالشريعة المطهّرة ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ) وهذه البلاد الإسلام قدرها وخيارها الوحيد مهما حاول المفسدون أهل النفاق والعلمنة  واعداء الاسلام فبلاد الشام هي عقر دار المؤمنين كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ونحن في تمحيص واختبار فلا بد من أن نراجع أنفسنا ونحاسبها قبل الحساب.

 

3-التبرج عودة للجاهلية الأولى

إن السفور عودة للجاهلية مهما زخرفوه ببهارج الحضارة الزائفة، ومهما صوروه بصور الحرية الشخصية، فالله سماه جاهلية، ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) (الأحزاب: 33)

هؤلاء أعداء الفضيلة والطهارة والعفة هم جنود إبليس مُزَيِّنُ السفور الأول، وداعية نزع اللباس عن الناس، فإياكم أيها المسلمون أن يخدعكم الشيطان ويبعدكم عن جنة الرحمن كما أخرج منها أبويكم من قبل ونزع عنهما لباسهما، ( يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) الأعراف 27 

إن الله عندما أمر بالحجاب إنما ليحفظ المرأة ويطهرها ويطهر بيتها من الرجس والخبث، ومن كلِّ شيطان يعبث بعرضها وعرض أهلها، قال رب العالمين سبحانه: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )(الأحزاب: 33)

 

4-التبرج علامة غضب

إن التبرج والسفور علامة غضب من الله على تلك الفتاة المتبرجة، فالله سبحانه لما غضب على آدم وزوجه باتباعهما أمر الشيطان، كانت علامة الغضب هي نزع اللباس عنهما بل ولم يقف الأمرعند ذلك، إنما أخرجهما الله من الجنة وأهبطهما إلى الأرض،

من هنا نفهم معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن تلك المرأة السافرة المتبرجة من أنها بعيدة عن الجنة مئاتٍ من السنين، بل أنها لا تشمُّ ريحها،

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات، مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) (مسلم: 2192)

مسكينات والله تلك النساء والفتيات، يخسرن جنة عرضها السموات والأرض من أجل موضة حديثة صنعها لهن من قال الله عنهم: ( وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا)؟ (النساء: 27)

مسكينات تلك النساء والفتيات أبعدن أنفسهن عن رحمة الله، فهنَّ مطرودات ملعونات، فقد روى البخاري من حديث عبد الله بن مسعود قال: ( لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله تعالى ) البخاري/5931

 

5-شتان بين الثريا والثرى

أحد الجنود الفرنسيين أثناء الثورة الجزائرية كتب  في مذكراته قائلاً:

عندما كنا نقوم بعمليات التمشيط ومداهمة القرى للبحث عن المجاهدين ..

أشعرني بالخجل ردة فعل النساء حيث كن يهرولن ويهربن نحو إسطبلات الحيوانات عند رؤيتنا .. ويَقمن بتلطيخ أجسادهن بالروث وفضلات الحيوانات لكي نشمئزمنهن عند محاولة اغتصابهن .. ولا نقربهن بسبب الرائحة الكريهة التي تنبعث منهن بفعل الروث ..حقاً صورة لن تغادر ذهني ما حييت وتجعلني أكن احتراماً لهؤلاء اللاتي قمن بـتقذير أنفسهن في الروث لأجل شرفهن . انتهى

ولعلكم سمعتم وشاهدتم تلك الفتاة في حي جوبر بدمشق .. دمشق العزة.. دمشق الإسلام.. دمشق العفة والطهارة.. دمشق الحجاب ..

لعلكم سمعتم فتاتها يوم أخرجوها من تحت ركام بيتها وقد تشظى جسدها، وضاق نفسها، وكادت أن تخرج روحها، ولا همَّ لها إلا أن تقول: (عمو لا تصورني ماني محجبة

يا الله.. لم تسأل عن أمها ولا عن أبيها ولا عن إخوتها وأخواتها!! لا همَّ لها إلا حجابها، وسترها وعفافها!!

عظيمة أنت يا ابنة الشام.. مباركة أنت يا من وُلدت في الأرض المباركة.

وفي زاوية أخرى:

 فتاة تتفاخر بخلع العباءة في الشوارع والمدارس والجامعات  .. وفتاة أخرى تتعمد 

إظهار مفاتنها بحجة الحرية وعدم الرجعية..

شتان بين الثريا والثرى.. شتان بين من نالت رضى ربها بحجابها وبين من وقعت في سخطه بخلاعتها.

 شيء يحزن القلب فعلاً عندما ترىٰ فتاة تبرجت وبالغت في العُري وتنظُر { لوالديها } وتذكر قوله تعالى : ( وقفوهم إنهم مسؤولون )

هل تعلموا عباد الله؟ أن معظم ما حرم الله في الدنيا أباحه في الجنة  { كالخمر }  إلا { العري }  فإن الله حرمه في الدارين بل إن من النعيم في الجنة زيادة التستر قال تعالى :

( إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى ) (طه: 118)

أﺧﺘﺎﻩ ﻋﻮﺩي ﻟﻠﺤﺠـــﺎﺏ ﻓإﻧــﻪ                 ﺳﺘـــﺮ ﻳﻘﻴﻚ ﻗﺴـــﺎﻭﺓ ﺍلأﺷــــﻮﺍﻙ

إﻥ ﺍللآلىء ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻓﻰ ﻣﺄﻣـــﻦ                  ﻓﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻻﺗﺨﺸﻰ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﻙ

أﺧﺘﺎﻩ ﻋﻮﺩﻯ ﻓﺎﻟﺬﺋﺎﺏ ﻛﺜﻴـــﺮﺓ                  ﺗﺮﻧــﻮﺍ إﻟﻴـــﻚ ﺑﺴﻤﻬــــﺎ ﺍﻟﻔﺘــــﺎﻙ

ﻫـــﺬﺍ ﻧـــﺪﺍﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻻﺗﺘــــﺮﺩﺩﻯ                  ﻭاسعي إﻟــــﻰ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﺑﺮﺿــــﺎﻙ

ﺍﻟﺪﻳــﻦ ﻃﻬــﺮ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﻗﺎﻳــﺔ                  ﻭﺍﻟﺼـــﻮﻡ ﻛﻨــﺰ ﻭﺍﻟﺤﺠـــــﺎﺏ ﺭِﺩَﺍﻙ

                    ﻭﺩعي ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻳﻨﻬﻘﻮﺍ                  ﻻ ﺗﺘﺮﻛﻴﻬــﻢ ﻳﺴﻌـــﺪﻭﺍ ﺑﺸـــﺬاك                      

ﻗﻮﻟﻰ ﻟﻬﻢ إﻥ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺀ ﺭﺩﺍﺅﻧــﺎ                   ﻭثقي ﺑــــأﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟـــﻦ ﻳﻨﺴــــﺎﻙ

ﻗﻮﻟﻰ ﻟﻬﻢ إﻥ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻃﺮﻳﻘﻨﺎ                   ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺟــــﻞ ﺟﻼﻟـــــﻪ ﻳﺮﻋــــــﺎﻙ

أﺧﺘﺎﻩ ﻗﻮﻣﻰ ﻟﻠﺼــﻼﺓ ﻓﺎﻧــﻬﺎ                   ﻧﻮﺭ ﻳﻨﻴـــــر ﺳﻤـــــــﺎ ﺩﻧﻴـــــــﺎﻙ 

أﻭﺻﻴﻚ ﺑﺎﻟﻘـــﺮآﻥ أﻥ ﺗﺘﺰﻭﺩﻯ                    ﻣﻦ ﻋﻠﻤــﻪ ﺩﻭﻣـﺎ ﻓﻔﻴﻪ ﺷﻔــﺎﻙ

 

6-ما جنته الأمم من دعاة السفور

 إن الذين ينادون بحرية المرأة ، لا يريدون حريتها بل يريدون حرية الوصول إليها وإن دعاة الاختلاط لا يهمّهم صيانة الأعراض، ولا يفهمون معنًى للشَّرف والعرض، إنما هي في نظرهم كلماتٌ فقدت معانيَها القديمة، اسألوا الحضارة الغربية المتهالكة: ماذا جنته من الاختلاط؟ ستجيبكم الإحصاءات المذهلة والأرقام المفجعة عن نسبة الحوامل من الزنا، وألوف الأطفال الذين وُلدوا بطرق غير شرعية، ناهيك عن حالات الإجهاض، ونسبة جرائم الخطف والاغتصاب، مع انحطاطٍ خلقي، وآثار مدمرة في الاقتصاد والاجتماع، تُنذر بانهيار المجتمعات، مع كثرة العوانس، ذلك أن وجود السبل الميسرة لقضاء الوطر صرفتهم عن تبعات الزواج وتكاليفه  كما زعموا.  

يدَّعي بعضُهم أن الاختلاط يكسر الشهوة، ويهذب الغريزة، ويقي من الكبت والعقد النفسية، وواقع الحال في البلاد الإباحية يكذّب ذلك وينقضه، فلم يزد الناس إلا سعاراً بهيمياً، وهتكاً للأعراض، وتوقّداً للشهوة لا يرتوي ولا يهدأ، وينتهي إلى شذوذ لا يقيّدهُ قيدٌ ولا يقف عند حدّ. 

ها هي الغرائز قد أطلقت، فلم تزد النفوس إلا تعقيداً، ولم تزد الأعصاب إلا توتراً، مع انتشار الأمراض الفتاكة، وأصبح القلق النفسي هو مرض العصر هناك. 

كيف نلقي إنساناً وسطَ أمواج متلاطمة، ثم نطلب منه أن يحافظ على ثوبه من البلل؟! كيف نلقي إنساناً وسطَ نيران متوقدة ثم نطلب منه أن يحافظ على جسمه من الاحتراق؟!

 إن عقلاءَ البلاد الإباحية التي جربت الاختلاطَ وذاقت ويلاتِه وقاست مساوئَه ينادون بقوة إلى منع اختلاط الرجال بالنساء في بلادهم، بعد أن أحسُّوا بالخطر الداهم، وأعلنوها صريحةً مدوِّية بعد طول عناء أن التعليم غير المختلط أفضل بكثير من التعليم المختلط، لم يؤدِّ الاختلاط إلى تخفيف الغريزة إنما أدَّى إلى بهيمية كاملة، لم تؤدِّ تجربة السفور والتبرج إلى تماسك البيوت ولا استقرار ولا ثبات، وإنما أدَّت إلى تفكك دائم وطلاق متزايد وتوقد للشهوة مستمر.                          

 أيها المسلمون: إن من حرص الشارع عن التباعد بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم أن رغّب في ذلك حتى في أماكن العبادة، كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيداً عما يتعلق بالدنيا، فعن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا ) (مسلم)، وعندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد فرأى اختلاطَ الرجال بالنساء في الطريق قال للنساء: ( اسْتَأْخِرْنَ فأنه ليس لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حتى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ  بالْجِدَارِ من لُصُوقِهَا بِهِ ) (أبو داود)

 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ) (مسلم)

 ولما رأت عائشة رضي الله عنها التغيّر الذي حدث في أحوال النساء بعد عصر النبوة قالت: ( لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساءُ لمنعهنَّ المسجدَ كما مُنعت نساءُ بني إسرائيل ). (مسلم).

 وهذا في زمن عائشة رضي الله عنها وعهدُ النبوة قريب، فكيف بهذا الزمن الذي كثر فيه الفساد، وظهر فيه التبرج، وشاع فيه السفور، وقلّ فيه الورع؟! فلا حول ولا قوة الا بالله   

 

7-معذرة إلى ربكم

براءة للذمة وعذرا أمام الله وحرصا على البلد وعلى أعراض المسلمين أن تنتهك؛ فإنَّا أقول:

 أولاً: يجب على العلماء وطلبة العلم والدُّعاة أن يُبَيِّنوا للناس أُمورَ دينهم، حتى لا يلتبس الحقُّ بالباطل والمعروف بالمنكر قال تعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ﴾ ويبينوا لهم خطر الاختلاط والعواقب الوخيمة المترتبة على إشاعته في المجتمع المحافظ.

ثانيًا: يجب على من ولاَّه الله أمر المسلمين أن يمنع الاختلاط بشتَّى صوره وأشكاله حماية للأعراض وقطعًا لدابر الشر ونصرة للعفَّة والفضيلة.

 ثالثًا: يجب على كل من ولاه الله أمر امرأة من الآباء والأزواج، أن يتَّقوا الله فيما ولوا من أمر النساء وأن يعملوا الأسباب لحفظهنَّ من التبَرُّج والاختلاط وليعلموا أن فساد النساء سببُه تساهُل الرجال. ولينكروا هذا المنكر المشين بكل وسيلة شرعية متاحة حتى يسلموا من عقاب الله إن نزل.

 رابعًا: يجب على الذين يمجِّدون الاختلاط والسفور من المسلمين، ويستهزئون بالحجاب الشرعي ويطعنون في ثوابت الأمة أن يتقوا الله، ويحذروا من سخطه وعقابه، وألا يكونوا باب سوء على أهليهم وأمتهم، ومن استمر منهم في غيِّه وضلاله، فنطالب بإحالته إلى المحاكم الشرعية ليَلقَى جزاءه الرادع وفْق شرع الله المُطَهَّر.

خامسًا: يجب على كل مسلم الحذر من وسائل الإعلام المفسدة التي دأبت على نشر الفساد والرذيلة في بلاد المسلمين. ويجب على كل مسلم الحذرُ من إشاعة الفاحشة ونشرها وليعلم أن محبتها لا تكون بالقول والفعل فقط بل تكون بذلك وبالتحدُّث بها وبالقلب وميله إليها وبالسكوت عنها فإن هذه المحبة تمكِّن من انتشارها وتمكن من الدفع في وجْه من ينكرها من المؤمنين، فليتَّق اللهَ كل امرئ مسلمٌ من محبة إشاعة الفاحشة قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ (النور: 19).

 

http://shamkhotaba.org