مقدمة:
لأن المتسلقين كثير، والمنافقين أكثر، ومن يريدون طمس معالم الثورة وحرفها عن مسارها لا يفتئون يعملون على ذلك؛ كان لابد من التذكير بين الفينة والأخرى بمبادئ هذه الثورة وثوابتها حتى تبقى على المسار الذي انطلقت منه.
1- الجيل الناشئ والثورة
ربما يخيل للبعض أن ثورتنا وهي تمر بمنعطفات خطيرة، أنها ثورة ماء وكهرباء، وثورة جياع، فهل هي كذلك؟
يقول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39].
إنه وبعد خمس سنوات مضت من عمر الثورة السورية المباركة، نشأ لدينا جيل جديد شب في الحياة من قريب، وهو لا يدري عن هذا البلد الكثير، فهو لا يتصور ما هو السبب الحقيقي في ثورة الشعب العظيم، ولا يعي من إجرام الأفرع الأمنية شيئا، تلك الأفرع التي كانت سوطا مسلطا على رقاب العباد، وهو عن إجرام الطغمة الحاكمة أيام الثمانينات أشد جهلا، وهذا يفقدنا العامل الأساس والدافع الرئيسي للمعركة، الذي يجب أن يكون على دراية منه كل منا.
والأمر لا يقتصر على هذا الجانب، بل إن الجيل الناشئ الجديد لا يعي منطلقات الثورة الشامية، لماذا خرجنا على النظام المجرم الفاجر، ولماذا نقاتله؟
فمجاهد عالم بالدوافع والأسباب، والثوابت والمنطلقات، حتما هو السيف الأمضى والعنصر الأجدر، في هذه المعركة. وهذا جزء مهم من الإعداد الذي أمرنا الله به: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60].
وحق للجيل الناشئ أن تغيب عنه هذه الأمور، ذلك أن الآباء لم يخبروا أبناءهم من ذلك بشيء، بل كان الخوف يملأ القلوب خشية أن للجدران آذان، وأضف إلى ذلك أن الثورة اليوم تتعرض لمحاولة البعض - بصدق نية أو بخبث طوية – أن يجري عليها وعلى ومبادئها التحويل والتحوير.
2- مع منطلقات وثوابت الثورة
ثورة شعب مسلم:
لقد شاء الله جل وعلا أن يوقد أطفال درعا جذوة الثورة وشرارتها حتى لا تحسب على أحد، لا على فصيل ولا حزب ولا تنظيم ولا جماعة، بل لتبقى ثورة ربانية خالصة، ثورة شعب يطالب بحريته وكرامته
ولقد شاء الله عز وجلّ أن يخرج شبابنا أول ما خرجوا من أبواب المساجد معلنين بصيحات التكبير، مطالبين بالحرية والكرامة، حتى لا يكون أمام أحد مدخل للمزاودة على تدين هذا الشعب، وأن ثورتهم ورايتهم علمانية، بل هي ثورة إسلامية حتى النخاع.
فك الأسرى:
ولقد وقع من شبابنا من وقع في قيود الظالمين وبلغوا عشرات الآلاف، ولكن وللأسف قليل من يطالب ويسعى لحريتهم، فمن لآهات المعتقلين، من لأنات المغتصبات، الله الله في المعتقلين، وأذل الله كل من يستطيع أن ينقذ فردا من قيد الظلم ثم لم يفعل، حتى بتنا نسمع بآذاننا من يقول: أولئك ليسوا مجاهدين، أعوذ بالله، كيف يقال ذلك وقد جاء في الحديث عن أبي أمامة، قال: (عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل عند الجمرة الأولى، فقال: يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه، فلما رمى الجمرة الثانية، سأله، فسكت عنه، فلما رمى جمرة العقبة، وضع رجله في الغرز ليركب، قال: «أين السائل؟» قال: أنا يا رسول الله قال: «كلمة حق عند ذي سلطان جائر»).
ثورة لا تحمل عداءً لأحد:
ولدت هذه الثورة المباركة ولا قائد لها، ولا منظم لها من البشر، حتى يترسخ في القلوب والعقول أنها ثورة شعبية بامتياز، ثورة لا تحمل عداء لأحد، إلا على الظالم والجلاد. ولقد شاء الله تعالى ذلك حتى لا ننخدع بما يزاوده علينا البعض، سنفتح روما وما بعد روما، فدمشق والساحل أقرب علينا من روما فلا تبعدوا الشقة.
ولقد خرج في الثورة ومظاهراتها، أطياف واسعة من الشعب السوري بغض النظر عن انتماءهم الديني أو العرقي، فالكل كان معرض لسياط الظالم الجلاد، ولقد استطاع النظام الفاجر استمالة الطوائف والأقليات، ولا نبرأ أنفسنا من جريرة ذلك، فعلينا أن نقدم مزيداً من خطابات التطمين فكلنا شعب واحد حتى لو اختلفت توجهاته وعقائده ما دام أنه يسير مع هذه الثورة ويقف جانب الشعب المكلوم.
ثورة حرية وإباء، لا ثورة جياع:
فلنذكر ولنتذكر، أن ثورتنا - وهي تمر في كل فترة بمنعطفات خطيرة- ليست ثورة ماء وكهرباء، وليست ثورة جياع، بل هي ثورة حرية وإباء، ولن نرضى إلا بإسقاط الأسد وزمرته وطغمته، وتفكيك أجهزة إجرامه،
إنها منذ اللحظة الأولى خرجت منتفضة ضد الظلم والقهر وقمع الحريات الدينية والدنيوية وما سمعنا يوماً أن أحداً نادى بزيادة معاش أو طعام وشراب،
ونحن بعدما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم كيف نسمح بأن تختزل الثورة في تأمين مواد الإغاثة والماء والكهرباء حتى أن البعض يقدم على المصالحة مع النظام المجرم من أجل هذه الحفنة الفانية،
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة في صبره مع أصحابه في سبيل الوصول إلى ما رسموه من أهداف.
عن قيس، قال: سمعت سعدا رضي الله عنه، يقول: (إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، وكنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم، وما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى إن أحدنا ليضع كما يضع البعير أو الشاة، ما له خلط..)
إسقاط النظام:
لم يستشهد مئات الالاف ويشرد الملايين وتدمر البلاد، ويفقد الملايين حريتهم ولقمة عيشهم لنكون ضحية توافقات تعيد انتاج النظام بأي شكل كان في مسرحية هزلية دوليه..
جيشُ وأمنُ النظام المستبد المجرم يجب أن يحل، ويحاكم كل من أساء للشعب السوري، ولن تمر علينا لعبة المحافظه على مؤسسات الدوله السوريه.. مؤسسات نعم.. أما الأمن والجيش فخارجهم، وهم تحت المحاسبه والقانون…
وحدة سوريا:
لن يعاد تقسيم سوريا طائفيا وإثنيا على طريقة لبنان والعراق.. لان ذلك ينقلنا من الصراع القصير الأجل ..لصراع مديد لعشرات السنين، ولبنان والعراق والصومال أمثله حاضرة..
إن تاريخ أمتنا ناصع في احتضانه لمختلف الفئات من غير المسلمين ومنن يخالفوننا في العقيدة والمنهج، ومسألة اللعب على وتر الطائفية والأقليات لا مكان لها في ديننا..
وكما قال أحد البريطانيين أيام استقلال مصر: إن أسوأ خدمة يقدمها الغرب للأقليات هي أن يفصلهم عن المجتمع.
3- الشعب يحضن ثورته
فيا أيتها الفصائل والكتائب والألوية والأفواج والفرق والجيوش والتنظيمات والأحزاب والحركات والهيئات والمؤسسات، لا ترهقوا الناس بخلافاتكم ونزاعاتكم، واحذروا أن تذيقوا الناس من الكأس الذي سقاهم منها النظام الفاجر، الذي كان مذاقه الظلم والجور، فإن سنن الله لا تحابي أحداً، عودوا لهذا الشعب وليكن بوصلتكم، فلم يعد الناس يطيقون المزاودة على تضحياتهم وجهادهم، فشلال الدم من دمائهم.
وإننا وبفضل الله لن تضعف قوانا، ولن تخور عزائمنا، فكلنا أمل بالله وثقة به، كيف لا وهو القائل: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [.غافر: 51].
ومما يزيدنا ثقة وثباتا بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الشام، فعن زيد بن ثابت، قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حين قال: «طوبى للشام، طوبى للشام» قلت: ما بال الشام؟ قال: «الملائكة باسطو أجنحتها على الشام»).
فيا أيها الناس: جاهدوا في الله بإذن ربكم، قولوا الحق في وجه كل ذي سلطان، لا تغفلوا عن المبادئ التي خرجتم من أجلها، فالله ناصركم، فلا تهن عزائمكم، ويكفيكم عند الله أنكم سمعتم وأطعتم.
http://shamkhotaba.org