بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين
الكاتب : رابطة خطباء الشام
الأربعاء 7 سبتمبر 2016 م
عدد الزيارات : 5610
مقدمة:
تتجدد النوازل والأحداث على أرض الشام كل يوم، بل كل ساعة، مما يحتّم على المجاهدين والمرابطين، سواء على أسوار الخنادق، أو أسوار الكلمة، أو أسوار المنابر، أو أي ثغر من الثغور-وما أكثرها- كل ذلك يحتم على هؤلاء المرابطين جميعاً التسلح بالصبر واليقين برب السماء والأرض.
1- بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين
تتجدد النوازل والأحداث على أرض الشام كل يوم، بل كل ساعة، مما يحتّم على المجاهدين والمرابطين، سواء على أسوار الخنادق، أو أسوار الكلمة، أو أسوار المنابر، أو أي ثغر من الثغور- وما أكثرها- كل ذلك يحتم على هؤلاء المرابطين جميعاً التسلح بالصبر واليقين برب السماء والأرض.
إن المؤمن بصبره ويقينه وثقته بربه يعلم أن دولة الباطل ساعة، وأن دولة الحق إلى قيام الساعة.
إن الصبر واليقين هما السلاحان اللذان كان يتسلح بهما نبي الله يعقوب عليه الصلاة و السلام حتى رد الله له ولده؛ وإن أصحاب الرسالات في هذه الحياة لا بد أن تواجههم المصائب والمتاعب والمحن والابتلاءات، قال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1-2]
ورحم الله القائل:
المرء رهن مصائب لا تنقضي     حتى يوسد جسمه في رمسه
فمؤجَلٌ يلقى الردى في غيره        ومعجَلٌ يلقى الردى في نفسه
تمر بالمؤمن وبالأمة فترات من التحديات البالغة والصعاب الجمة، لا يمكن مواجهتها ولا تجاوزها إلا برصيد وافر من الصبر العملي واليقين، وهذا الرصيد يرشح أهله لنيل درجات الأستاذية الاجتماعية، وهو ما تؤكده السنة الربانية التي رسمتها الآية الكريمة: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [السجدة: 24-25]
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين".
وكيف ترنو أبصار المؤمنين إلى قيادة ركب البشرية، وتهفوا أفئدتهم إلى ذلك! إذا لم يثبتوا في واقعهم الدعوي والشخصي والاجتماعي جدارتهم لذلك عبر الصمود الواعي، والثقةِ الكاملة في صحة المرجعية وحتمية المآل، ومواجهة الباطل المنتفخ في ساحة التحدي والظلم غير التناول النظري في قاعات الدرس وحلقات المساجد؟!
ولم يستحق الأنبياء الكرام وبعدهم صحابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة القيادة الروحية والاجتماعية للبشرية، إلا بعد أن جسّدوا القيم التي يبشرون بها إلى واقع عملي، فلما صدقوا الله صدقهم، وأجرى سنة النصر والتمكين بعد الابتلاء والتمحيص.
وفي هذا بشرى للصابرين المحتسبين على أرض الشام أن طرق الصبر نهايته نصرٌ وتمكين .
2- معنى الصبر وأنواعه وعدته
إن الصبر الذي يبدأ فيه القرآن ويعيد، يشتمل على معاني امتلاك اللب والعقل ورباطة الجأش في ساعات المحن الشديدة والتحدي البالغ، فهو ضد الطيش والخور، ويشير إلى تحمّل المؤمن للعنَت النفسي والمادي، بصوره الإيجابية منها والسلبية، كالثبات في ساحة المواجهة العسكرية والفكرية والسياسية, وتحمل مرارة حملات التشويه والانتقاص.
ولقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في كل هذه المجالات في مكة والمدينة، ولولا صبره الكبير الطويل ما استطاع امتلاك قلوب القرشيين في نهاية المطاف، رغم ما أصابه منهم من أشكال الأذى التي كانت تستدرجه لحمل السلاح في وجه قومه لولا توفيق الله عز وجل الذي أفرغ عليه صبرا، وحبب إليه الخيارات السلمية الأكثر جدوى.
أما في المدينة المنورة فقد كان يعرف تمام المعرفة من يدبر له الكيد والمكر ولكنه لبث إلى حين وفاته يصبر عليهم، وكان يمكنه أن يقضي عليهم، ولكنه خشي قول الناس أن يقولوا إن محمد أيقتل أصحابه.
وإنه لأمر جلل أن يتحمل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الواقع، ولكن هذا ما أمروا به {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} [الأحقاف: 46]
تحمَّل ورثةُ الأنبياء من حملة الرسالة بصبر جميل كل ما أصابهم في سبيل الله، فحفظهم الله من كل أنواع الهزات النفسية المهلكة، كالوهن والضعف والاستكانة، أي من الاستسلام للواقع المرير، ومن الهزيمة النفسية التي تفضي إلى الانسحاب من ميدان المواجهة والدعوة.
ومن الملفت أنهم لم يلقوا باللائمة على العدو الخارجي، بل اشتغلوا بالإقبال على الله، وتزكية النفوس بالتوبة، ليستحقوا تنزُّل النصر من عند الله، ولهذا كان شعار العصبة المؤمنة دائما أمام أقوامهم المخالفين لهم {مَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم:12]
يؤثرون تحمُّل الأذى على الفتنة الداخلية التي لا تفيد الأمة والدعوة بشيء، بهذا انتصروا، وباليقين كللوا نصرهم.
والصبرفي الحقيقة ماهو إلاحبسٌ للنفس على تحمل الأمر الشاق من غير ملل ولا ضجر؛ والصبر من الدين كالرأس من الجسد، فلا تقوم مصالح العبد في دينه ودنياه إلا بالصبر، لاسيما وأن الله تعالى قد أخبرنا أنه خلق الإنسان في كبد وجهد وتعب، وقد قسم العلماء الصبر إلى ثلاثة أنواع:
فالأول صبرعلى طاعة الله: وهو حبس النفس على القيام بالطاعة ومداومتها، كالصبر على الثبات في أرض المعركة، والصبر على تحمل المشاق في الصيام والحج وأداء الصلوات الخمس في أوقاتها مع المسلمين والصبر على إخراج الزكاة ونحو ذلك.
والثاني الصبر عن المحرمات: وهو حبس النفس عن ارتكاب المعصية ومنعها من الاسترسال مع الهوى وذلك كالصبر عن منع النظر إلى الحرام، ومجاهدتها في ترك المال الحرام، والصبر عن الغيبة وأصحاب السوء.
والنوع الثالث صبر على أقدار الله المؤلمة: وهو حبس النفس عن الجزع والتسخط، واللسانِ عن الشكوى، والجوارحِ عن فعل مالا ينبغي، كلطم الخدود وشق الجيوب، وكالصبر على أذى الناس.
ولقد ذكر السلف رحمهم الله تعالى كسعيد بن جبير وميمون بن مهران: "أن الصبر على الطاعات وعن المحرمات أفضل من الصبر على أقدار الله المؤلمة، ثم إن الصبر على الطاعات أكملُ من الصبر عن اجتناب المحرمات وأفضل، ولا يخفى عليكم عظمُ أجر الصابرين عند الله تعالى، حيث لم يطلع على ثوابه نبياً معصوماً، ولا ملكاً مقرباً،بل استأثر بعلم ذلك بنفسه فقال: {إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}"
3- معنى اليقين ودرجاته وصفات أهله
اليقين هو سكون القلب عند العمل بما صدق به القلب، فالقلب مطمئن ليس فيه تخويف من الشيطان، فالقلب ساكنٌ آمنٌ.
 وإن الذي يجد راحة اليقين في قلبه يجد في الآيات مصداق يقينه، وطمأنينةَ ضميره.
ولأهمية اليقين فقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر من الركون إلى أهل الشك، ومَن ليس لديهم اليقين الكامل بالله رب العالمين، قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم:60].
ولقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "اليقين من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، وبه تفاضَلَ العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمّر العالمون؛ وهو مع المحبة ركنان للإيمان، وعليهما ينبني، وبهما قوامه، وهما يمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية" مدارج السالكين8/1/38.
 ولهذا قال أبو بكر الوراق-رحمه الله-: "اليقين ملاك القلب، وبه كمال الإيمان، وباليقين عُرف الله تعالى، وبالعقل عُقل عن الله تعالى".
ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فعَن نَافِع رحمه الله تعالى قَالَ:
كَانَ ابنُ عمر إِذا جلس مجلساً لم يقم حتَّى يدعو لجلسائه بهذه الكلمات، وزعم أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو (بِهن) لجلسائه:
"اللَّهُمَّ أقسم لنا من خشيتك مَا تحول بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك، وَمن طَاعَتك مَا تبلغنَا بِهِ جنتك، وَمن الْيَقِين مَا تهون علينا مصائب الدُّنْيَا؛ اللَّهُمَّ أمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، واجعله الْوَارِث منا، وَاجعَل ثَأْرنَا على من ظلمنَا، وَانْصُرْنَا على من عَادَانَا، وَلَا تجْعَل مُصِيبَتنَا فِي ديننَا، وَلَا تجْعَل الدُّنْيَا أكبر هَمنَا، وَلَا مبلغ عَملنَا، وَلَا تسلِّط علينا من لَا يَرْحَمنَا" سنن النسائي في عمل اليوم والليلة402.
واليقين ثلاث درجات:
الأولى علم اليقين: وهو العلم الجازم المطابق للواقع الذي لاشك فيه؛ قال تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} [التكاثر: 5]
والثانية عين اليقين: وهو ما كان عن مشاهدة وانكشاف، قال تعالى: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} [التكاثر: 7]
والثالثة حق اليقين: وهو ما كان عن ملابسة ومخالطة، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} [الواقعة: 74].
إذا كان الصبر يشير إلى الناحية العملية السلوكية عند الفرد والأمة، فإن اليقين هو معيار القلوب والعقول، يتناول الجانب الفكري، وهو الثقة الكاملة في أحقية الرسالة، وسلامة المنهج، وحتمية النصر والتمكين.
فالصف الإسلامي لا يساوره ريب في أنه على الحق طالما أنما مستمسك بوحي السماء، وأن الله ناصره لا محالة، لا يبرح اليقين معه مهما انتفخ الباطل وانتفش، ومهما بدت علامات الضعف على الجماعة المؤمنة في حالة الضراء، لأن الحق حق دائماً، ولو اغتر المغترون في وقت من الأوقات بهذا الباطل وقوته وسطوته وتبرجه، وإنما يحزُّ في نفوس المؤمنين مايكون عليه بعضُهم من التباسٍ بين حق أبلج وبين الباطل وهو سافر! عندما تعمل الشائعات والتلاعب النفسي والمصالح القريبة فعلَها، فتصيب بعض الرموز، فيكونون فتنةً  لبعض المخلصين، وأصحاب التدين العاطفي، وهذا يظهر عند غلبة الشبهات والشهوات.
أما المتسلحون باليقين فلا يزيدهم التحدي الكبيرُ إلا عزيمةً وإصراراً وثباتاً، قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173] 
ليس هذا كلاماً ماضويا، بل هو معالم إيمانية تهدي السالكين لطريق نصرة الدين، وخدمة الأمة في كل زمان، يبقى غضاً طرياً مهما تعاقبت الأحقاب، واختلفت الأمصار، ولقد أكدت الأحداث جدواه مرة بعد مرة، كلما واجه المسلمون حالات العدوان والتحدي، وجرَّبه الدعاة والمخلصون واستيقنوه، فكم ذلل اليقينُ مِن صعاب، وكم مَكَّن الصبرُ المؤمنين من تحقيق النصر والفوز في ظروف اليأس والقنوط.
4- صفات أهل اليقين
أهل اليقين هم أهل الإيمان، وأهلُ التميز في الأفعال والأقوال، ولهم صفات تتمايز وتتباين عن صفات باقي الناس فمن صفاتهم:
أنهم هم الذين يؤمنون بالغيب: يؤمنون بالبعث والجزاء، والحساب والجنة والنار؛ لذا فإن الحياة بما فيها وبمن فيها تهون في أعينهم أمام مرضاة الله تعالى، وانتظار الجزاء الأوفى منه سبحانه، قال الله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 2-3]
يوقنون بأن الرزق بيد الله وحده: قال تعالى : {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 22-23]
لذا تجدهم يتصدقون وينفقون، ولا يخشون الفقر والإقلال، ويعطون عن إيمان ويقين؛ فقد روي عن حيوة بن شريح التجيبي الفقيه المحدث الزاهد، كان يأخذ عطاءه في السنة ستين ديناراً، فلا يفارق ذلك المكان الذي أخذ فيه العطاء حتى يتصدق بها جميعاً، فكان إذا جاء إلى منزله وجد الستين ديناراً تحت فراشه، فبلغ ذلك ابن عم له، فتصدق بعطائه جميعاً، وأراد أن يفعل مثل حيوة، وجاء إلى فراشه فلم يجد شيئا! فأخبر حيوة بذلك فقال: أنا أعطيت ربي يقيناً، وأنت أعطيته تجربة. سير أعلام النبلاء491-11.
توكلت في رزقي على الله خالقي    وأيقنت أن الله لا شك رازقي
ومايكون من رزقي فليس يفوتني          ولو كان في قاع البحار العوامق
لا يزيغون عن الحق ولا تتشابه عليهم الأمور: قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [البقرة: 118]
فالحق عند أهل اليقين واضحٌ وضوحَ الشمس، لذا فهم لا يراؤون ولا ينافقون؛ فقد قال هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي لسالم بن عبد الله بن عمر: سلني فقال سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ فقال هشام: من حوائج الدنيا، فقال سالم: والله ما سألت الدنيا من يملكها، فكيف أسأل من لا يملكها؟!
يحكّمون شرع الله في جميع أمورهم: قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50] 
وأهل اليقين يحكّمون شرع الله تعالى في جميع أمورهم، فلا يحكّمون الهوى ولا الطاغوت؛ ويجاهرون بكلمة الحق، لعلمهم أن الأرزاق والآجال بيد الله وحده، قال الشاعر:
لا تجزعي إن الفؤاد قد امتطى   ظهر اليقين وفي معارجه ارتقى
غَذيتُ قلبي بالكتاب وآيه     وجعلتُ لي في كل حقٍ منطقا
 ولهم صفات أخرى عديدة: كإحسان الظن بالله تعالى، والاستعداد للموت والحساب، والإيمان بالقضاء والقدر، ونحو ذلك.
5- تذكير وبشرى لأهل الشام
فيا أهل الشام، ويا أيها المجاهدون خاصة: إن صبركم على ما أنتم فيه، ويقينكم المطلق بأن الله مالك كل شيء ومليكه، وأنه المتصرف في الكون كله، وما يفعل بنا إلا ما يصلحنا ويعود علينا بالنفع؛ إن كل هذا سيكون ثمناً للنصر القريب، والفتح المبين بإذن الله تعالى؛ لأن الله تعالى بارك بالشام وأهلها، فجددوا ثقتكم بالله، وأحسنوا الظن بربكم، فإنه لن يضيعكم؛ والنصرُ قريبٌ قريبٌ بإذن الله تعالى، فالصبرَ الصبرَ، واليقينَ اليقينَ، والثباتَ الثباتَ، فلعل الله تعالى يبدل حالنا إلى أحسن حال، ويرزقنا نصراً وتمكيناً في الأرض كما وعد عباده المؤمنين، والله لا يخلف الميعاد.
 

http://shamkhotaba.org