مقدمة:
لا يخشى عبدٌ ربَّه حق خشيته إلا إذا عرفه بأسماء جلاله وصفات كماله، فربنا جبار قهار ذو انتقام ممن حاربه وعصاه، نعم هو غفور ولكن للتائبين الراجعين إليه المستغفرين من ذنوبهم، فمقولة العصاة تسويفاً لتوبتهم: الله غفور رحيم، تحتاج إلى إعادة نظر منهم، فالله غفور لمن تاب ورجع وأناب {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82].
فيا أيها العبد سترجع إلى الله وسترى هناك أصنافاً من العذاب وأهوالاً، {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19].
سيعاني منها الكفرة والعصاة وحتى قبل دخول النار، {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} [الفرقان: 26].
في ذلك اليوم العصيب الرهيب لا تتكلم نفس إلا بإذنه، {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 105-106].
يوم تفر من أقرب الناس إليك خوفاً من مطالبتهم بحقوقهم، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 34-37].
عن الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: (تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ)، قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ؟ أَمَسَافَةَ الْأَرْضِ، أَمِ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ، قَالَ: (فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا) قَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ)
في ذلك الزحام الشديد والحر الشديد والخوف الشديد تجثو الأمم على ركبها خوفاً وفرقاً من الله، {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 28].
ودعاء الأنبياء يومئذ: رب سلم سلم.
ويؤتى بجهنم وقد غضبت على العصاة لغضب الجبار، تريد أن تأخذهم، فيحجزها الله عنهم حتى ينتهي الحساب، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا)
ذلك اليوم الرهيب طويل جداً على العصاة والكافرين، فسيبقى هؤلاء واقفون خمسين ألف سنة حتى يأذن الله ببدء الحساب، ويهرعون إلى الأنبياء يستشفعون بهم ويطلبون منهم أن يكلموا ربهم ببدء الحساب، ليس بدخول الجنة وإنما ببدء الحساب ولو كان المصير إلى النار!!.
والله لو انتظر أحدنا ساعة من نهار في جو جميل وتحت ظلال وأشجار وثمار لسئم وملّ، فكيف في يوم كان شره مستطيرا؟ الشمس دانية، والنار تضطرم وتسمع لها تغيظاً وزفيراً، والله قد غضب على العصاة غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله!.
ترى الظالمين هناك: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43].
رافعي رءوسهم {لا يرتد إليهم طرفهم} فأبصارهم طائرة شاخصة، يديمون النظر لا يطرفون لحظة لكثرة ما هم فيه من الهول والفكرة والمخافة لما يحل بهم، عياذا بالله العظيم من ذلك؛ ولهذا قال: {وأفئدتهم هواء} أي: وقلوبهم خاوية خالية ليس فيها شيء لكثرة الفزع الوجل والخوف.
هناك تبلى السرائر وتكشف الضمائر ويفضح العصاة ويظهر القاتل والزاني والسارق، وسيشهد عليك المكان الذي قتلك فيه وسرقت منه وزنيت عليه..
هناك يصغر الظالم والمتكبر أمام جلال الله وعظمته، قال عليه الصلاة والسلام: (يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَمْثَالَ الذَّرِّ، فِي صُوَرِ النَّاسِ، يَعْلُوهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الصَّغَارِ، حَتَّى يَدْخُلُوا سِجْنًا فِي جَهَنَّمَ، يُقَالُ لَهُ: بُولَسُ، فَتَعْلُوَهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ، عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ)
فيا من تجرأت على الله وجاوزت حدوده ستموت، والله ستموت، ثم تحشر إلى الله، وسترى بأم عينك ما سمعت، وسيكلمك الله بدون واسطة، ليس بينك وبينه ترجمان قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)
1- أنواع الحساب يوم القيامة
الحساب حسابان، الحساب اليسير وهو أن يعرض الله الأعمال على العبد عرضاً ثم يتجاوز عنه، أما النوع الآخر فهو الحساب العسير والعياذ بالله وهو أن يناقش الله عبده في كل صغيرة وكبيرة عملها، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلَّا هَلَكَ) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَيْسَ اللهُ يَقُولُ: حِسَابًا يَسِيرًا؟ قَالَ: (ذَاكِ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ)
2- عذاب الزناة في البرزخ والآخرة
يا من لم تصبر على ثوران شهوتك، ولم تفكر في عواقب بلوتك، فعصيت أمر ربك، وهتكت ستر أختك، وتجرأت على محارم خالقك، ستندم ساعة لا ينفع الندم، وستصلى عذاباً لا يحتمله البدن، قال الله عز وجل: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32].
{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 69-70].
جاء في حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم التي قصها على الصحابة الكرام: (فانطلقنا فأتينا على مثل التنور قال وأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا، وفي آخر الحديث سأل عنهم صلى الله عليه وسلم فقيل: وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني)
وهذا عذابهم في البرزخ حتى تقوم الساعة نسأل الله العافية، فهل يمكن للعاقل أن يستهين بذنب هذه عقوبته في الدنيا والآخرة.
عباد الله: إن نظر الله إلى عبده يوم القيامة رحمة، والكبير الزاني لا ينظر الله إليه، ويطرده من رحمته،عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله يوم القيامة إلى الشيخ الزاني، ولا إلى العجوز الزانية)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثلاثَةٌ لا يكلِّمُهم الله يومَ القيامَةِ، ولا يُزَكِّيهِمْ، ولا ينْطُرُ إليْهِمْ، ولَهُمْ عذَابٌ أَليمٌ: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ)
أما أنت يا من تربصت غيبة أخيك وهتكت عرضه فاسمع: إن الذي يستغل ضعف المرأة بغياب زوجها عنها بجهاد أو سفر أو موت ثم يوقعها في حبائله، فويل له من عذاب الله يوم يلقاه، فكما نهشت عرض مسلمٍ فستنهشك ثعابين النار السود مع غضب الجبار، عن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما مرفوعاً، قال: "مَثل الذي يجلسُ على فِراشِ المُغِيبَةِ؛ مثلُ الذي يَنْهَشُه أسَوَدُ مِنْ أساوِدِ يومِ القيامَةِ".
الأسود: نوعٌ من الحيّات عظامٌ، فيها سواد، وهو أخبثه.
ويعظم الخطب إذا كانت الخيانة لمجاهد بذل وقته وروحه لله، فحذار أيها المتربص أن تقع بأعراض المجاهدين، فويل ثم ويل لمن فعل ذلك، عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (حُرمَةُ نساءِ المجاهدين على القاعِدين كحُرْمَةِ أمَّهاتِهِمْ، ما مِنْ رجلٍ مِنَ القاعِدينَ يَخْلِفُ رجُلاً مِنَ المُجاهِدينَ في أهْلِه فيخونَه فيهم؛ إلا وُقِفَ لَهُ يومَ القِيامَةَ فيأْخُذُ مِنْ حَسنَاته ما شاءَ، حتَّى يَرْضَى)، ثُمَّ الْتَفَتَ إلينا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: (فما ظَنُّكم؟!).
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (بينا أنا نائمٌ أتاني رجُلانِ فأخذا بضَبْعيَّ، فأتيا بي جَبَلاً وعراً، فقالا: اصْعَدْ، فقلتُ: إنِّي لا أُطيقُه، فقالا: إنّا سنُسَهِّلُه لك، فصعَدْتُ وفيه: ثم انْطلَق بي، فإذا أنا بقَوْمٍ أشدَّ شيءٍ انْتفاخاً، وأنْتَنُه ريحاً، كأنَّ ريحَهُم المراحيضُ. قلتُ: مَنْ هؤلاءِ؟ قَال: هؤُلاءِ الزانونَ والزواني)
3- شارب الخمر والمخدرات
توعد الله شارب الخمر بالنكال والعذاب يوم القيامة، ومن شدة حرمة الخمر جعلها رسول الله كعبادة الأوثان، قال صلى الله عليه وسلم: (مدمن الخمر كعابد وثن)
روى عبد الرزاق في مصنفه عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: "اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ، إِنَّ رَجُلَا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ يَتَعَبَّدُ، وَيَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَاوِيَةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُشْهِدَكَ بِشَهَادَةٍ، فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَجَعَلَ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتُهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ، وَعِنْدَهَا بَاطِيَةٌ فِيهَا خَمْرٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِشَهَادَةٍ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ أَوْ لِتَشْرَبَ مِنْ هَذَا الْخَمْرَ كَأْسًا أَوْ لِتَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ، وَإِلَّا صِحْتُ بِكَ، وَفَضَحْتُكَ فَلَمَّا أَنْ رَأَى أَنْ لَيْسَ بُدٌّ مِنْ بَعْضِ مَا قَالَتْ قَالَ: اسْقِينِي مَنْ هَذَا الْخَمْرَ كَأْسًا فَسَقَتْهُ، فَقَالَ: زِيدِينِي كَأْسًا فَشَرِبَ فَسَكِرَ، فَقَتَلَ الْغُلَامَ وَوَقَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَوَ اللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ، وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ فِي قَلْبِ رَجُلٍ إِلَّا أَوْشَكَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُخْرِجَ صَاحِبَهُ".
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن لغيره: (ثلاثَةٌ حرَّم الله تبارك وتعالى عليهِمُ الجنَّةَ: مدمِنُ الخَمْرِ، والعاقُّ، والديُّوثُ؛ الذي يُقِرُّ الخُبْثَ في أهْلِهِ).
والزاني والسارق وشارب الخمر يرتفع عنهم وصف الإيمان حال فعلهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ)
فيا من تشرب الخمر وتتعاطى المخدرات وتشرب الحشيش، أبشر فستشرب يوم القيامة شراباً من نوع آخر، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: (عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ) أَوْ (عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ)
4- عذاب السارق
أما السارق فيا لعاره ويا لفضيحته، أنت أيها السارق يا من تواريت عن الأنظار وأنت تسرق بيت جارك أو قريبك أو أخيك المسلم، والله ستفضح يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، كل سارق يوم القيامة سيأتي يحمل الذي سرقه في الدنيا، أهل السرقات، اللصوص الصغار والكبار سيفضحون على رؤوس الأشهاد يوم القيامة.
انظر فسترى احدهم يحمل بيضة، نعم بيضة سرقها، وآخر يحمل ليرة، وثالثاً يحمل شاة سرقها أو ناقة سرقها أو بقرة سرقها، أو سيارة سرقها، وسترى آخر يحمل بنكاً سرقه، وسترى آخر يحمل دولة سرقها، وسترى آخر يحمل أمة سرقها، {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161].
يا من تسترخصون أموال اليتامى، يا من تأكلون صدقات المسلمين، يا من تسرقون بيوت المسلمين، يا من تسرقون غنائم المجاهدين، سيأتي كل واحد منكم بما سرق يوم القيامة، والسارق ملعون مطرود من رحمة الله إلا أن يتوب ويرجع الحقوق إلى أهلها.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ)
5- عذاب القاتل
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ)
إلى الذين يستحلون الدماء، ويقتلون الأبرياء، ويزرعون العبوات، ويغتالون الآمنين والمجاهدين والمرابطين، لقد خسرت دينك ودنياك وأخراك أيها القاتل، قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ)
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا)
ويجيء القاتل يوم القيامة وكل من قتلهم وهم يدفعونه إلى الله، تخيل هذا المشهد، يدفعونه إلى الله ويقولون لله: يا رب سل هذا فيم قتلنا؟، قال صلى الله عليه وسلم: (يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه, متلببا قاتله بيده الأخرى, تشخب أوداجه دما, حتى يأتي به العرش, فيقول المقتول لله: رب هذا قتلني, فيقول الله عز وجل للقاتل: تعست, ويذهب به إلى النار)
والقاتل لا يقبل الله منه عملاً لا فرضاً ولا نفلا، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا)
أيها القاتل: لقد أغلقت أبواب الجنة أمامك: روى البخاري عن جندب رضي الله عنه قال: (من استطاع ان لا يحال بينه وبين الجنة بملء كفه من دم أهراقه فليفعل)
قال ابن حجر: "وهذا لو لم رد مصرحا برفعه لكان في حكم المرفوع لأنه لا يقال بالرأي، وهو وعيد شديد لقتل المسلم بغير حق".
http://shamkhotaba.org