1- الدُّعاء سلاح المؤمن
2- التَّضرُّع والالتجاء، خُلُقُ الأنبياء
مقدمة:
إنّ مِن أجلّ العبادات الّتي تزيد بها النّعم، وتُدفع بها النّقم، وتُنال بها السّعادة، وتحصل بها الزّيادة: عبادة الدّعاء، فقد خلق الله عز وجل الإنسان ضعيفًا؛ فقال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الرّوم: 54].
وجعله مفتقرًا إليه، عاجزًا عن تحقيق الخير لنفسه؛ فضلًا أن يقدّمه لغيره إلّا إذا أمدّه جل جلاله {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15].
فما إن يرفع العبد شكواه إلى مولاه -الّذي يعلم سرّه ونجواه- حتّى يُكرمه مِن خزائنه، قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 21].
وإنّ خزائن ربّنا سبحانه ملأى، لا تنقص مِن كثرة العطايا ولا تنفد، قال تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النّحل: 96].
ولقد أخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن عظمة هذا العطاء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (قَالَ اللهُ عز وجل: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَقَالَ: يَدُ اللهِ مَلْأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ، اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ).
فإنّ أبلغ صفات التّذلل والافتقار، تكمن في الالتجاء للعزيز الغفّار، وإنّ ربّنا سبحانه يحبّ الإلحاح والتّضرّع إليه، فيجيب دعوة المضطرّ المكروب، قال تعالى: {أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النّحل: 62].
بل إنّه يغضب إذا ترك العبد سؤاله، ولذا كان مِن دَيدَن الأنبياء والصّالحين التجاؤهم إلى ربّهم في كلّ الأحوال، لِما عرفوا مِن أنّ الدّعاء هو العبادة، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَخْطُبُ، وَيَقُولُ: (إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ).
وذلك لأنّه يُظهر حقيقة العبوديّة له وحده جل جلاله، فهلّا أقبلنا لنستمطر رحمته، فدوننا أبوابه مفتوحةٌ.
لبستُ ثوب الرَّجا والنَّاس قد رقدوا وبِتُّ أشكو إلى مولاي ما أجدُ
وقلتُ يا أملي في كلِّ نائبةٍ يا مَنْ عليه لكشف الضُّرِّ أعتمدُ
أشكو إليك أمورًا أنتَ تعلمُها ما لي على حملها صبرٌ ولا جلَدُ
1- الدُّعاء سلاح المؤمن
إنّ شأن الدّعاء عند الله عظيمٌ، وأثره في الحياة كبيرٌ، فهو حبلٌ متينٌ بين المؤمن وربّه سبحانه، وصلةٌ قويّةٌ بين العبد وخالقه، وبه يتحقّق التّوحيد الخالص لربّ العالمين، وإنّه علامةٌ للعبوديّة، واستشعارٌ للذّلّة البشريّة {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].
فبِهِ تنشرح الصّدور، وتطمئنّ القلوب، وإنّه تسليةٌ للمؤمنين في الكربات، وسلاحهم في الغزوات {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 250-251].
وإنّنا نعيش اليوم عصر التّقدّم والاختراع لصنع الأسلحة المتطوّرة، حيث تتسابق الدّول في صناعة الأجود منها، ولكنّها تغفل عن السّلاح المعنويّ الأقوى مِن هذه الأسلحة كلّها، إنّه سلاح الدّعاء، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ، وَعِمَادُ الدِّينِ، وَنُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
ولكَم أرشدنا ديننا الحنيف إلى استخدام هذا السّلاح الفعّال في حوائجنا كلّها، فها هو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يأمرنا بأن ندعو ربّنا سبحانه ونوقن بالإجابة، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ، وَبَعْضُهَا أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ -أَيُّهَا النَّاسُ- فَاسْأَلُوهُ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دَعَاهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ غَافِلٍ).
ولكن لنعلمْ أنّ الإجابة قد تتأخّر لحكمةٍ يعلمها سبحانه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).
بل قد يؤخّرها إلى يوم القيامة -إن علم الخير في ذلك- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ دَعَا بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يَغْفِرَ لَهُ بِهَا ذَنْبًا قَدْ سَلَفَ، وَإِمَّا أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ).
فلا تستهن بالدّعاء، ولا تقلّل مِن شأنه، فقد يكون الدّعاء سببًا في صلاح مَن أعيَتك السّبل في هدايته؛ مِن قريبٍ أو صديقٍ، فكانت دعوةٌ صادقةٌ دواءً ناجعًا في استقامته، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (اللهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا).
فأعظِم بشأن الدّعاء ولا تستهن به:
أتهزأ بالدُّعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدَّعاءُ
سهام اللَّيل لا تُخطي ولكنْ لها أمدٌ وللأمد انقضاءُ
2- التَّضرُّع والالتجاء، خُلُقُ الأنبياء
إنّ مَن تدبّر كتاب ربّنا عز وجل، يتبيّن له بوضوحٍ أنّ مِن أعظم صفات الأنبياء والمرسلين: التجاؤهم إلى ربّهم، وسؤالهم إيّاه قضاء حوائجهم كلّها، فما إن علموا حاجة العباد وافتقارهم لربّهم جل جلاله أقبلوا على مولاهم يسألونه الهداية والتّوفيق والنّصر والتّأييد، وكلّهم ثقةٌ ورجاءٌ بأنّه يسمع منهم الدّعاء، ويحفظهم مِن الأعداء، فهذا نوحٌ دعا ربّه أن ينصره على قومه {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الأنبياء: 76].
ولمّا اشتدّ البلاء بأيّوب استغاث بربّه {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء: 83-84].
ولقد نجّى الله يونس مِن الغمّ لمّا دعاه {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 87-88].
وأكرَم عبده زكريّا لمّا طلب منه الولد {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 89-90].
ولمّا رأى سليمان كثرة النّعم الّتي أُكرِمَ بها قال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النّمل: 19].
ولقد تجلّى اهتمام النّبيّ صلى الله عليه وسلم بأمر الدّعاء في أقواله وأفعاله، فقد كان يعلّم أصحابه جوامع الدّعاء، عَنْ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ وَقَدْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ: (قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي) -وَجَمَعَ أَصَابِعَهُ الْأَرْبَعَ إِلَّا الْإِبْهَامَ- (فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَجْمَعْنَ لَكَ دِينَكَ وَدُنْيَاكَ).
ونراه في غزوة بدرٍ يأخذ بالأسباب المادّيّة، فيُعدّ العدّة، ويُجهّز الجيش، ثمّ يدعو ربّه عز وجل، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: (اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ)، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ سبحانه: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ.
وهكذا في مشاهده كلّها.
فهل يليق بالمؤمن بعد أن عرف هذا الكرم العظيم مِن الرّبّ الرّحيم أن يسأل سواه، فيتحوّل عن الخالق إلى المخلوق، ويطلب مِن الفقير العاجز؛ ويترك الإله القادر؟!
خاتمةٌ:
يتوجّب علينا اليوم -ونحن نعيش أيّامًا عصيبةً تكالبت فيها الأعداء، واشتدّ علينا فيها البلاء، وأحاطت بنا فيها الكروب- أن نُكثر مِن الدّعاء والإلحاح على علّام الغيوب، في أن يبدّل الحال، وييسّر العسير، ويقضي الحوائج، وينصر الأمّة على عدوّها، فلا يدفع القضاء إلّا الدّعاء، عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ).
كما إنّه مِن الواجب علينا: الدّعاء لوالدينا بالمغفرة والرّحمة لردّ شيءٍ مِن الإحسان لهم، ثمّ الدّعاء بالهداية والتّوفيق لكلّ مسلمٍ، فكم اهتدى أناسٌ بدعواتٍ صادقةٍ! فتحوّلوا بها مِن فجّارٍ إلى أبرارٍ، ولنحذر المعاصي وأكل الحرام، فإنّها تحول دون إجابة الدّعاء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ).
فلنطهّرْ مالنا، ولنصلحْ حالنا، ثمّ لنلجأ إلى ربّنا ولنسأله ما نريد ونحن موقنون بالإجابة وبأنّ الله يختار لنا ما هو الخير، وعندئذٍ سنجد ربًّا رحيمًا، غفورًا كريمًا، يقبل التّائبين، ويغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويستجيب دعاء الدّاعين، ولكن في الوقت الّذي يريد، وعلى الحالة الّتي يريدها.