1- الثقة بالله رغم تكالب الأحزاب
2- مواقف الناس في غزوة الاحزاب
3- نتيجة الثقة بالله
4- عندما ننفض أيدينا منهم سيرتعبون
5- الله أقوى
6- يا أهل الشام أنتم أهلها
مقدمة:
إن أناساً قابلوا البلاء بالرضاء والتسليم، وتسلحوا له بالإيمان واليقين، ولم يبدلوا دينهم أو يتنازلوا عن شيء منه، ما كان ذلك منهم إلا بتثبيت الله تعالى وتأييده ومعونته عز وجل لهم، وإلا بثقتهم بالله ويقينهم بنصره وأنه يدافع عن عباده المؤمنين.. وذلك إنما ينال بتقواه وطاعته.. فاتقوا الله تعالى -أيها المسلمون- وسلوه الثبات على الحق إلى الممات، ولا تغيروا دينكم، أو تتخلوا عن شيء منه؛ إرضاء للكفار والمنافقين، فإنهم لن يرضوا إلا بكفر المؤمنين {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 89]
1- الثقة بالله رغم تكالب الأحزاب
تشير كتب السيرة أن غزوة الأحزاب كانت بدايتها بتحريض من يهود بني النضير الذي أجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فتحرك زعماؤهم إلى مكة محرضين قريشاً على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكما حرّضت يهودُ قريشاً فقد ذهبوا إلى غطفان وحرضوهم، ووعدوهم تمر خيبر لمدة سنة إن ساروا معهم ... وكذلك تُحَرِّكُ المصالحُ الضيقةُ المبطلين قديماً وحديثاً.
وهكذا تشابكت الأغراض والمصالح، واجتمعت الأحقاد والثارات، وانضاف إليها خيانات يهود بني قريظة، وإرجافُ المنافقين ... فشكلت هذه العناصر كلها معركة الأحزاب التي تألفت من عشرة آلاف مقاتل، وهو عدد لم يسبق أن وطئ المدينة مثله.
وحين بلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تحرُّكُ المشركين عن طريق خزاعة .. استشار أصحابه كعادته ،فكانت المشورة المباركة من سلمان الفارسي بحفر الخندق، خندقٌ يمتد طولاً خمسة آلاف ذراع، وبعرض تسعة أذرع، وبعمق بتراوح ما بين سبعة إلى عشرة أذرع عمقاً، وكان التوزيع على عموم المسلمين، ومن انتهى من مهمته عاد لمساعدة إخوانه ..ـ استمر حفره ستة أيام أو عشرين ليلة على اختلاف روايات أهل السير، إلا أنه كان إنجازاً عظيماً وبكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولاقى فيه المسلمون كل ألوان التعب والنصب والجهد والبلاء من نقص في الطعام، وشدة في البرد، وخوف أيما خوف – تماماً كحال أبطالنا ومجاهدينا اليوم -ويختصر القرآن توصيف الحال التي كان عليها المسلمون بقوله: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب10-11]
ومع تلك الحال فما تغيَّبَ أحدٌ من المسلمين دون عذر, وما تكاسل أحد عن المشاركة في الاستعداد للمعركة، حتى الصبيان الذين لم يُجازُوا في الغزوة لصغر سنهم كانوا مشاركين في حفر الخندق، فزيد بن ثابت رضي الله عنه كان غلاماً صغيراً لكنه كان في وسط الخندق مشاركاً.
"وفي أثناء حصار المشركين للمدينة، وخيانة اليهود، وتخاذل المنافقين وإرجافهم، واشتداد الكرب، وعِظَم البلاء؛ كان اليقين بالله تعالى يملأ قلب النبي عليه الصلاة والسلام، فأخذ يبشر أصحابه -رضي الله عنهم- بما سيفتح الله تعالى عليهم من عواصم الدول الكبرى آنذاك، وهذا اليقين هو من تأييد الله تعالى للمؤمنين، وتثبيته لهم، وربطه على قلوبهم..
فعَنِ الْبَرَاءِ بن عَازِبٍ -رضي الله عنه- قال: أَمَرَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، قال: وَعُرِضَ لنا صَخْرَةٌ في مَكَانٍ مِنَ الْخَنْدَقِ لاَ تَأْخُذُ فيها الْمَعَاوِلُ، قال: فَشَكَوْهَا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عَوْفٌ: وَأَحْسِبُهُ قال: وَضَعَ ثَوْبَهُ ثُمَّ هَبَطَ إلى الصَّخْرَةِ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فقال: (بِاسْمِ الله) فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وقال: (الله أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، والله إني لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ من مكاني هذا). ثُمَّ قال: (بِاسْمِ الله) وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرت ثُلُثَ الْحَجَرِ فقال: (الله أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، والله إني لأُبْصِرُ الْمَدائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الأَبْيَضَ من مكاني هذا). ثُمَّ قال: (بِاسْمِ الله)، وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فقال: (الله أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، والله إني لأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ من مكاني هذا)
فما أشد حاجتنا في هذا العصر إلى استلهام هذا الدرس العظيم من تلك الغزوة المباركة؛ فنزداد بالله تعالى إيمانًا ويقينًا، ونُصَدِّق بوعده، ونثبت على دينه، فلا نبدِّل ولا نغيِّر، مهما عظم الكرب واشتد البلاء، مستعينين بالله تعالى على ذلك، خاصة وقد اشتدت حملات الكافرين والمنافقين على المؤمنين، وهي تزداد يومًا بعد يوم." مقتبس من موقع قصة الاسلام.
2- مواقف الناس في غزوة الاحزاب
- أما المؤمنون فعلى حد وصف الله لهم بقوله: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب22-23]
- وأما المنافقون: فبدؤوا يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً} [الأحزاب:13] .. وآخرون يقولون : {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب:12]
- أما نساء المؤمنين : فأم سعد بن معاذ ترى ابنها سعداً وعليه درع فتقول : "الحق يا بني ، فقد والله أخَّرْتَ"
وصفية تقتل رجلاً من اليهود كان يطوف بالأطم التي كانت فيه نساء المسلمين وذراريهم .
وزوجة جابر تصنع طعاماً بارك الله فيه فكفى أهل الخندق كله– كما أخرج البخاري من حديث جابر بن عبد الله –وذهبَ جابرٌ - رضي الله عنه - إلى امرأتِه فقال: (رأيتُ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ما كان في ذلك صبرٌ؛ أي: لم أستطِع أن أصبِرَ على ما شاهدتُّه من جوع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذبحَ جابرٌ شاةً وطحنَ صاعًا من شعيرٍ، ودعا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ليأكُلَ، فأتَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وبصَقَ في البُرمة - أي: القِدْر الذي فيه اللَّحم -، وبصَقَ في العَجين، فباركَ الله في الطعام، فأكلَ منه ألفُ رجلٍ.
قال الراوي: "فأُقسِمُ بالله! لقد أكَلوا حتى ترَكوه وانحرَفوا، وإن بُرمتَنا لتغِطُّ كما هي، وإن عجِينَنا ليُخبَزُ كما هو)
والنبي صلى الله عليه وسلم يحفر الخندق بيديه الشريفتين مع أصحابه، وينقلُ معهم الترابَ، كما قال البراءُ رضي الله عنه : (رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ينقلُ من تراب الخندق حتى وارَى عنِّي الغُبارُ جلدةَ بطنه)
وكان صلى الله عليه وسلم مثالاً يحتذى للقائد الذي يشد أزر جنوده ..فالصخرة التي اعترضت الصحابة وهم يحفرون الخندق يضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعوله فلمعت برقةٌ .. ثم ضرب أخرى وثالثة كلها تضيء وتبرق، فأخبرهم صلى الله عليه وسلم بفتوح في اليمن، والشام، والمغرب، والمشرق ... حتى هذه الأمصارَ كلها، والصحابة شهودٌ عليها، بل هم فاتحوها ـ وكان يسليهم وهم يحفرون الخندق ويرتجز ويرتجزون:
نَحْنُ الّذِينَ بَايَعُوا مُحَمّدًا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدً
فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اللهُمّ لَا خَيْرَ إلّا خَيْرُ الْآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ
استنفار عام .. وتحفيز كبير .. واستخراج لكل القدرات والطاقات في المجتمع المسلم .
وهكذا لابد من أن يكون حالنا اليوم في مواجهة هذه الهجمة البربرية من الصفويين وأتباع الشياطين .. وقفة كالجسد الواحد بكل الفصائل والمسميات , بصفوف مرصوصة، وعزائم ماضية , وهمم عالية.
3- نتيجة الثقة بالله
فإن حصلت هذه الوحدة وتجمعت الطاقات , وحصل التضرع والاستعانة بالله , فماذا يمكن أن يحدث ؟
إنه العون الرباني والنصر الإلهي ..
وهذا ما حصل في الأحزاب ..
- فمع مفاجأة المسلمين لأعدائهم بالخندق الذي يحيط بالمدينة المنورة ، وصعوبة اقتحام خيلهم له، حيث لم تألفه، ومع استطاعة مجموعة من المشركين أن تعبر مضيقا من مضائقه ... إلا أن فرسان المسلمين لهم بالمرصاد ، ووقعت ملحمة بين عمرو بن عبد ود أحد الفرسان الذين عبروا الخندق وبين علي بن أبي طالب حيث جرى حوار أعقبه لقاء وانتهى بقتل عمرو بن عبد ود ...
- ولم يكن الخندق -الذي كان رمزاً وترجمة عملية لوحدة صف المسلمين - وحده السبب في هزيمة المشركين وتراجعهم، فقد بعث الله على الكفار جنداً من عنده {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الفتح 4]، كما أرسل عليهم ريحاً كفأت قدورهم، وقلعت خيامهم، وملأت عيونهم وخيلهم تراباً .. وصدق الله {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب 9].
- ولا تتوقف عوامل النصر على ذلك .. فالله يصطفي من عباده حملةً لدينه ورجالاً صدقوا ما عاهدوه عليه .. فها هو نعيم بن مسعود الغطفاني يعلن إسلامه، ويعرض خدماته على النبي، فرحب به النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: (إنما أنت رجل واحد فخذل عنا إن استطعت).
وفهم نعيم المقصود ، وراح يخذل الأحزاب، ويفرق كلمتهم؛ واتهمت كل طائفة الأخرى ...
- يضاف إلى ذلك – الدعاء الخالص والتضرع بالقلب الواجف لله رب العالمين – هذا السلاح الذي يستطيعه الضعيف والقوي، وهو المكثِّرُ للقلة، والمقوي للضعفة، والركن عند البلاء ... فقد كان لا يفتر عن دعاء ربه، وتفيدنا إحدى روايات السيرة أنه صلى الله عليه وسلم دعا على الأحزاب وقال : (اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب).
4- عندما ننفض أيدينا منهم سيرتعبون
قلنا بان المسلمين إذا خافوا من عدوهم، وتيقنوا بأن النصر لا يكون إلا بمساعدة الدول الكبرى، فأعلنوا ولائهم لهم، فعندها ستكون الهزيمة حاضرة؛ لان هذه سنة الله في أرضه، فيجب على المسلمين أن يخلصوا ولائهم لله ربهم، وأن لا يخافوا عدوهم، {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران 175]
{فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ * أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [التوبة 12 – 13].
أيها الناس، ويا أيها المجاهدون، ويا أيها القادة: والله الذي لا إله إلا هو لن تنتصر هذه الدول لكم، بل لن يزيدوكم إلا خساراً وهزيمة، ولن يرضوا عنكم، ألا تعلمون أنه بنفض أيديكم منهم وبترك موالاتهم، وبموالاة المؤمنين بدلا منهم، ستقذفون الرعب في قلوبهم؟ اسمعوا إلى كلام من خلقهم وهو أعلم بهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [آل عمران 149-151]
عندما تتخذون الله مولىً لكم فسينصركم وهو خير الناصرين، وسيلقي في قلوبهم الرعب، وعندها سيشعرون بعزتكم وقوتكم، ألا فاتخذوا الله ولياً، واتركوا موالاة أعدائكم، واستمدوا عزتكم من عزة ربكم فإن العزة لله جميعاً.
5- الله أقوى
إن نزول النصر سهلٌ جداً متى توفرت أسبابه، فالنصر لا يكون إلا من عند الله، والله سبحانه قوي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، بيده مقاليد السموات والأرض، بيده الخلق والأمر، له الحكم، قلوب عباده بين أصبعين من أصابعه كقلب رجل واحد.
فإذا أراد سبحانه أن يأذن بالنصر فإنه سيكون، فبكلمة كن تتغير الموازين، وتنقلب الأحداث، وتختلف موازين القوى،
فإذا كانت هذه الامور بيد الله القوي العزيز فلماذا الخوف من القوى الكبرى في الأرض التي هي تحت سمع الله وبصره وفي قبضته؟!
يقولون: عندما تريد أمريكا فسيسقط الأسد!
ويقولون: لو أرادت قوى الغرب أن تسقط النظام لسقط من أول شهر!
نعوذ بالله من ضعف الإيمان واليقين، إذن فأين الله؟! لمن الإرادة؟ ولمن الحكم؟ ولمن الخلق والأمر؟
نعم قد تريد أمريكا وغيرها من قوى الشر، وإذا أرادت نفذت، ولكن ألا تعلم أن أمريكا وغيرها لا تنفذ إرادتها إلا إذا أراد الله لها {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير 29]
{ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد 4]
نعم إذا رأى الله منا ضعفاً وفرقة وبعداً وتشرذماً فإنه سيريد لأمريكا وروسيا وغيرها أن تنتصر، لأن من سنته في الأرض أن المؤمنين إن لم يأخذوا بأسباب النصر فسينصر سبحانه عدوهم عليهم حتى تتربى نفوسهم ويرجعوا إلى ربهم ويعلموا أن النصر سيكون حليفهم لو اتبعوا أمر ربهم وتعاليم نبيهم.
أما إذا خاف المسلمون من عدوهم، وتيقنوا بأن النصر لا يكون إلا بمساعدة الدول الكبرى، فأعلنوا ولائهم لهم، فعندها ستكون الهزيمة حاضرة؛ لان هذه سنة الله في أرضه، يجب على المسلمين أن يخلصوا ولائهم لله ربهم، وأن لا يخافوا عدوهم،
يا أيها الناس إن ربكم قوي، إن ربكم عزيز، إن ربكم جبار، إن ربكم ذو انتقام، إن ربكم قهار، أفيعجزه أن يهب لكم نصراً على عدو لا يساوي في ميزان شيئاً؟! ألا فاقدروا الله حقَّ قدره فإن ربكم قوي عزيز.
{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج 73-74].
إن قوى الشر الكبرى مهما بلغت من القوة والجبروت فإنها في ميزان الله ضعيفة؛ لان الله هو خالقها وهو أشد منها قوة، وينبغي أن تكون في حسبان المسلمين ضعيفة؛ لأن المسلمين يستمدون قوتهم من الله القوي {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت 15]
6- يا أهل الشام أنتم أهلها
يا أهل الشام .. لولا أنكم ممن اختاره الله من عباده، واصطفاه من سكان بلاده لما خصكم بهذه الفضيلة التي لا يجاريكم فيها مجار ولا يباريكم فيها مبار، فطوبى لكم من مجاهدين ظهرت على أيديهم المعجزات النبوية، والوقعات البدرية، والفتوح العمرية، والجيوش العثمانية، لقد جددتم للإسلام أيام القادسية، والوقعات اليرموكية، والهجمات الخالدية.
واعلموا – رحمكم الله – أن هذه فرصة فانتهزوها، وفريسة فناجزوها، ومهمة فأخرجوا لها هممكم وبرِّزوها، وسيِّروا إليها سرايا عزماتكم وجيشوها،
فأين حرَّاسُ العقيدة؟!
وأين حماةُ الأعراض؟!
وأين المدافعون عن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان؟!
قوموا ولبوا نداء الله في مواجهة هذا العدوِّ المخذول {انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله} [التوبة 41]
{قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين} [التوبة 14].
لقد جاؤوا يدافعون عن مراقد مزعومة، يموتون في سبيل قبور،{الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا} [النساء 76]
{ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون} [الصافات 171-173]
فيا خيل الله اركبي .......... ويا ساحات الوغى اشهدي
سل الرمـــــــــاح العوالي عن معالينـــــا .... واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا
عزائمٌ كالنجوم الشُّهْــــــــــــــبِ ثاقبــــةٌ .... مــا زلــن يحــرقن حــزب الشياطـينــــا
وإيـــران المجـــــوس لا قـــــام قائمهـــــا .... بأرض الشـــآم تَحُسُّــــــهم أيـــدينــــــا
فيا أبطالنا وثوارنا عليكم بما حقق النصر لنا في الأحزاب الأولى:
-
رص الصفوف.
-
استنهاض الهمم والقدرات.
-
الدعاء والتضرع لهزيمة هؤلاء الأنجاس.
وكونوا كما قال القائل :
عبّــــــادُ ليل إذا جنًّ الظلام بهم .. كم عابد دمعه في الخد أجـــــراه
وأسد غابٍ إذا نادى الجهاد بهم .. هبوا إلى الموت يستجدون رؤياه
{ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} [الحج: 40].
والحمد لله رب العالمين.