1- لن تقوم الأمة إلا بالرجال
2- رجال صَنَعَتْهُم الأزمات
3- القرأن والسنة يتكلمان عن رجال الأزمات
4- الرجولة الحقة
5- أجلُّ من تكلم عن الرجال، هو ربُ العزة والجلال
6- أعظم الرجال رسول الله صلى الله عليه وسلم
مقدمة:
خطبة اليوم لا كالخطب وكلام لا كالكلام، خطبة يراد لها أن تكون أفعالاً لا أقوالاً، نريدها حركات لا كلمات، خطبة تأبى أن تكون صيحة في واد أو نفخة في رماد، بل خطبة ستكون نفخة في أمة تكاد أن تكون ميتة، وصرخة قي أذن واعية, وغيث لأرض عطشة، تحتاجها الأمة اليوم كحاجة المريض إلى إبرة الطبيب الخبير وكحاجة المجاهد إلى السلاح والتذخير.
فاللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
1- لن تقوم الأمة إلا بالرجال
إن الأمة لن تقوم الأمة من كبوتها, ولن تستيقظ من غفلتها, إلا عبر رجال أشداء على الكفار رحماء بينهم, نعم رجالٌ صنعتهم العقيدة القوية, وصقتلتهم المحن الشديدة, رجال لا تأخذهم في الله لومة لائم, رجال كالأسود ليوثا, وكالسحاب غيوثا, وكالجبال قمما، وكالنار حمما, رجال يصدق فيهم قول الحق جل في علاه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب 23].
إن الأيام دول متغيرة، والأزمات كشافة فضاحة، تظهر معان الناس، وتكشف حقائق البشر، فمن صادقٍ وكاذبٍ، ومن أمين وخائن، ومن مجاهد وقاعد، ومن ثابت ومنبطح، وشأن الأزمات في الناس كشأن النار في المعادن، فالمعدن الخسيس يفنى، والذهب الخالص يبقى، فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
نعم أيها الأخوة واسمعوا: هذا هو حال ما تتعرض له الأمة بالعموم والشام بالخصوص، غربلة وتمحيص لمعرفة الرجال من أشباه الرجال، وتمييز بين الطيب و الخبيث، فلا يثبت أمام هذا التمحيص إلا رجال كالجبال ثباتا وشموخا، وكالبحار عمقاً وعطاء، وعن هؤلاء الرجال العظام والأبطال الجسام، تحدث القرآن الكريم، وزكاهم النبي العدنان عليه الصلاة والسلام، فقال: (النَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ، إِذَا فَقُهُوا)
هؤلاء أيها الرجال: من سيعيد لنا مجدنا ويحقق لنا عزنا، ويبني وطننا ويحفظ ديننا، ويرفع رايتنا، رجال لا كالرجال رجال صُنِعوا في محاضن الأزمات، وتربوا في مدارس الامتحانات، عيشهم في الخنادق لا الفنادق، تعرفهم ساحات الوغى لا أسواق الخنا، رجال يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع، رجال ولدوا من رحم المعاناة والأزمات، فالأزمات تصنع الرجولة والبطولة, وتخرج للأمة خير سادة وقادة.
2- رجال صَنَعَتْهُم الأزمات
ها هو يوسف بن يعقوب الطفل المدلل في حضن أبيه وأمه، لما صقلته الأزمة واكتوى بنار المحنة، صار قائدا للأمة قادها إلى معارج العلو والقمة، وها هو في العصر الحديث، الرجل العاجز القعيد أحمد الياسين تصيبه المحنة وتنزل به الأزمة فإذا به يقيم انتفاضة ويصنع ثورة، ويكسر بعجزه الجسدي الجيش الأسطورة، حتى صار مثالا للرجولة والبطولة.
إن العقيدة في قلوب رجالها من ذرة أقوى وألف مهند
وإن ذكرت الرجولة في الأزمات فلا بد من ذكر صلاح الدين الأيوبي ذلك الذي جعل من الأزمة سبيل له إلى القمة، عندما تلقى كتاباً من المسجد الٌأقصى الأسير في يدي الصليبيين جاء في الكتاب:
يا أيها الملك الذي لمعالم الصلبان نكّــــس
جاءت إليك ظلامة تسعى من البيت المقدس
كل المساجد طهرت وأنا على شرفي أنجس
هذه الرسالة في تلك الأزمة حركت الرجولة في نفسه أبية، فانتخى صلاح الدين وأقسم أن لا يضحك ولا يغتسل حتى يحرر المسجد الأقصى وما هي إلا أيام ويعتلي خطيبُ صلاحِ الدينِ على منبرَ نور الدين في المسجد الأقصى ليقول: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام 45].
أرأيتم يا أهل الشام كيف تصنعُ الأزمةُ رجالا ثم كيف يصنعُ الرجال عزا ونصرا, فأمِّلوا خيرا فبعد الشدة فرجا وبعد العسر يسرا وبعد الانكسار انتصارا وفتحا، قال تعالى: {وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد 35].
3- القرأن والسنة يتكلمان عن رجال الأزمات
أيها المؤمنون الكرام: إن المتتبع لتاريخ البشرية عبر آيات رب البرية يرى أن البيان القرآني تكلم بوضوح عن الرجولة في زمن الأزمات وعن الرجولة في وقت الامتحانات، ففي الظروف الحالكة وفي الأوقات الحرجة يأتي كلام الرجولة ليكون بيان هداية وصمام أمان وشرارة جهاد ونبال قتال، واسمع القرآن يتحدث عن الرجولة:
فها هو موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام يدعو قومه للجهاد والقتال فيقول: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} [المائدة 21].
فيتلعثم أشباه الرجال وينطق أشباه النساء ويقولون: {يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة 24].
هذا حال أشباه النساء في كل زمان يرفضوا مواجهة الطغيان ويتركون الجهاد والقتال.
أما لسان الرجولة والبطولة فيقول: {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة 23].
وهذا حال الرجولة في كل زمان، عزيمة وإقدام وتفاؤل واقتحام، وبعده تمكين وانتصار.
وهذا ما جاء على لسان رجل من من رجالات الصحابة يقول لرسول الله عليه الصلاة والسلام يوم بدر: "يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغمام لجالدنا معك من دونه، لا يتخلف منا أحد، فامض يا رسول الله لما أراك الله فنحن معك".
وهذا هو التاريخ يعيد نفسه فالأمة ولادة للرجولة وهي منبع للبطولة والشهامة والعزة والكرامة فها هم أبطال الثورة ورجال الجهاد في الشام أمام أمم الكفر والطغيان وجيوش الطغاة والغلاة اللئام قالوا بلسان الحال والمقال:
هي لله ويالله، وما منركع إلا لله
وحالهم:
فإن شهد التاريخ أوساً وخزرجاً فلله أوس قادمون وخزرج
لن تسلم الرجولة من الابتلاءات:
أيها الأخوة الرجال: إن الرجولة صفة الأكابر لا الأصاغر وصفة العظماء لا الأذلاء، لهذا لن تسلم الرجولة من الامتحانات والاختبارات، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران 142].
وإن من أشد وأخطر ما تتعرض له الرجولة في اختبار صدقها الوقوف مع الحق ولو كلف ذلك الأنفس والنفائس، نعم إن أعظم صدق للرجولة وأقوى موقف للبطولة، هو نصرة الرسل ونصرة الحق ووقفة ضد الباطل بلا مماراة ولا مواربة ولا محاباة، الرجولة الصادقة أن تكون مع الحق ضد الباطل ولو قتلت وحرقت وشردت، ولله در مؤمن آل ياسين يا له من رجل، ذكره الله في قرآن يتلى الليل والنهار، ذاك الذي قال الله فيه: {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين} لقد وقف مع الحق حتى قتل شهيداً فكانت نتيجة الرجولة {قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلنا من المكرمين} الله أكبر كم للرجولة من مكرمة وعطية، الله أكبر يا أهلنا في الشام كم ينتظركم من عز ورفعة، فلقد رضيتكم بقول الحق وبذلتم التضحيات، وعما قريب ستكون الأعطيات.
إنها الوقفة الحقة ولو كان الثمن الروح والحياة، ولو كانت الفاتورة ألوف الشهداء، وتشريد ملايين الأبرياء، واعتقال مئات الألوف من رجال ونساء، إنها وقفة تصل بصاحبها لأعلى منازل الشهداء كما قال رسول الأنام عليه الصلاة والسلام (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ثم رجل قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله) وايم الله إنها الرجولة في وقت الأزمات والمدلهمات.
فهنيئا لكم يا أهل الشام هنيئا لكم رجولتكم فقد صدعتم بالحق في وجه الطغيان، وثبتم على حقكم رغم كل جراحكم، هنيئا لكم يا أهل الشام فقد صدق فيكم قول القائل:
تالله ماالدعوات تهزم بالأذى أبدا وفي التاريخ بر يميني
ضع في يدي القيد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكين
لن تستطيع حصار فكري ساعة أو نزع إيماني ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يدي ربي وربي خالقي ومعيني
سأظل معتصماً بحبل عقيدتي وأموت مبتسماً ليحيا ديني
فالثبات الثبات يا أهل الشام فرجولتكم عز للأمة، وشهامتكم فخر للملة، والثبات الثبات فأنتم الرجال في زمن عزت فيه الرجولة، اثبتوا حتى تلقوا الله رجالا فإن الله يحب الصادقين من الرجال.
4- الرجولة الحقة
أن تنصر المظلوم وتغيث الملهوف وتعين على نوائب الحق، إنها رجولة تعرفها النفوس الأبية وتتحلى بها القلوب القوية، فمن للملهوف إلا رجل شهم؟ ومن للمظلوم إلا رجلُ عزمٍ وحزمٍ؟
إن الله تحدث لنا عن رجل سعى وقطع المسافات وتجاوز الحواجز وكابد المخاطر والمخاوف لينصر إنسانا مظلوما وليقف مع ملهوف محروم قال الله: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص 20].
وإنني هنا أجد نفسي مضطرا آسفا أن أوجه بعض سهام كنانتي لأبناء جلدتنا وأخوتنا في اللغة والدين قائلا:
يا قومنا يا إخوتنا في الإسلام إن الشام تسنتصر رجولتكم، وتستنهض شهامتكم ، وتنادي كرامتكم وضمائركم، لا استغاثة خائف ولا جائع، بل نداءَ حرصٍ على الإسلام والعروبة، فالشام معقل الإسلام كما قال رسول الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وإن الحرب الكافرة الفاجرة الدائرة اليوم عليها، هي حرب على ديننا ومقدساتنا جميعا أهل السنة والجماعة، فاليوم الشام وغدا باقي بلاد الإسلام، فإن نصرتم الشام نصرتم دينكم ومقدساتكم وأنفسكم، ونصرتم رجولتكم وشهامتكم وكرامتكم، وإلا تفعلوا فأقول لكم:
أخي في الله أخبرني متى تغضب؟
إذا انتهكت محارمنا...... إذا نسفت معالمنا، ولم تغضب
إذا قتلت شهامتنا، إذا ديست كرامتنا، إذا قامت قيامتنا، ولم تغضب
فأخبرني متى تغضب ؟
5- أجلُّ من تكلم عن الرجال، هو ربُ العزة والجلال
أيها الرجال الأبطال: إن للرجولة مظاهر واضحة ومفاهم ظاهرة من تشبث بها وتمسك كان رجلا حقا وصدقا، ومن تخلى عنها فما هو برجل ولو طال شاربه وانتفشت عضلاته وزادت شهوته.
وإن أعظم وأجل من تكلم عن الرجال، هو رب العزة والجلال، ففي القرآن صفات للرجولة ومميزات للرجولة، هلموا إليها أيها الرجال فبقدر ما تمتلك من صفاتها بقدر ما يكون عندك من الرجولة والبطولة.
الرجولة الحقة في القرآن والسنة: أن تشهد الصلوات الخمس جماعة في بيت الله، أن تلبي نداء الله: حي على الصلاة حي على الفلاح، فقد امتدح الله الرجولة بذلك فقال: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ..} [النور 36-37].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مادحا الرجولة: (وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ)
أيها الأخوة الأخيار الأحرار: بعد معركة الخليل منذ سنوات راح ضحيتها عشرات الفلسطينيين على يد مجرم صهيوني، بعد هذه المجزرة التقى مسلم فلسطيني مع مستوطن يهودي، فقال المسلم الفلسطيني: يا أبناء القردة والخنازير إنكم مهما اعتديتم وتكبرتم في أرضنا فإننا سنخرجكم منها أذلة وأنتم صاغرون. فقال اليهودي: نعم صدقت وهذا أمر يعلمه عالمنا وجاهلنا وموجود في كتبنا، ولكن لستم أنتم من سيخرجنا من فلسطين. فقال الفلسطيني متعجبا: فمن إذا ؟ قال اليهودي: الذي سيخرجنا من المسجد الأقصى أقوام يكون عدد مصليهم في صلاة الفجر كعدد مصليهم في صلاة الجمعة، وصدق وهو كذوب.
أقول لكم يا أيها الأخوة: إننا لن ننتصر على أعدائنا في الشام حتى نعود للمساجد والمحاريب، أقولها بصدق: محاريب الفجر هي مفاتيح النصر، ولله در الشاعر عندما قال:
لا بد من صناعة الرجال ومثله صناعة السلاح
فصناعة الأبطال علم قد دراه أولوا الصلاح
لا تصنع الأبطال إلا في مساجدنا الفساح
في روضة القرآن في ظل الأحاديث الصحاح
شعب بغير عقيدة ورق تذروه الرياح
من خان على الصلاة يخون حي على السلاح
من خان حي على الفلاح يخون حي على الكفاح
الرجولة الحقة: أن تكون لله ذاكرا وعن ذكر الناس مجافيا، فذكر الله انتصار وذكر الناس انكسار, قال الله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ} [النور 37].
يا أيها المجاهد الرجل: إن أعظم زاد لك في المعارك والنزال والجهاد والقتال، ليس كثرة الذخيرة والسلاح ولا زيادة الرصاص والسهام، إن أعظم زاد لك هو ذكر مولاك، ذكر الله في الشدائد والقتال هو طريق الثبات والانتصار قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال 45].
عباد ليل إذا جن الظلام بهم كم عابد دمعه في الخد أجراه
وأسد غاب إذا ناد الجهاد بهم هبوا إلى الموت يستجدون رؤياه
يا رب فابعث لنا من مثلهم نفرا يعيدون لنا مجدا قد أضعناه
6- أعظم الرجال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أمتنا انطلق الأبطال في العالم وتحدوا الأهوال
بعزائمهم فتحوا الدنيا فازدهرت في الأرض الآمال
قائدهم قد كان محمد الكون برجولته يشهد
إن القدوة والأسوة في الرجولة الحقة هو محمد صلى الله عليه وسلم
روحي الفداء لمن أخلاقه شهدت بأنه خير مبعوث من البشر
عمت رجولته البلاد كما عمت البرية ضوء الشمس والقمر
لقد امتدحت خديجة أم المؤمنين زوجها الرجل في الشدائد والأزمات فقالت ووصفت رسول الأنام عليه أتم الصلاة وأزكى السلام: "فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ"
وهذا ما يجب أن نتحلى به كي نكون رجالاً وكي يكون محمداً قدوتنا في الرجولة، ولعمر الله لقد لمسنا هذا في أهلنا في المناطق المحررة فلقد تفانوا في استضافة أبطال داريا، ولقد تنافسوا في إعانتهم والوقوف بجانبهم، وهذه مكرمة ومحمدة تحمدون عليها أيا أهلنا الكرام ورجالنا العظام، فقد استقبلتم رجال داريا استقبال الأبطال الفاتحين، وأهل داريا لهذا كفؤ وأهل، وعيب أن تذكر الرجولة والبطولة في هذه الأيام ولا تذكر داريا قلعة الصمود والبطولة، ومصنع الانتصارات والرجولة، فهم والله الرجال الصناديد والأبطال المحاديد، ومجاهدو داريا هو الكرارون العكارون وعما قليل سينقمون ويثأرون، من الروس والفرس والمجوس، فالله مولانا ولا مولى لهم.
يا رب الدين دينك فانتصر واعصف ببشار أشر
واجعل جموع المعتدي أعجاز نخل منقعر
يا رب
إليك توسلنا بك فاقهر عدونا وطهر ربوع الشام من كل ظالم
ودمر أعادينا بسلطانك الذي أذل وأخزى كل عات وغاشم
إن القدوة والأسوة في الرجولة الحقة هو محمد بن عبد الله عليه صلاة الله وسلامه، لقد كشف اللثام وواجه الطغاة اللئام بلا حراسة ولا حجاب، انغمس في عمق جيش العدو عندما حَمِيَ الوطيس في حنين وقد انكشف وانجفل عنه أصحابه، فدخل في العدو وهو يقول بلسان أعظم الرجال شجاعة وأصدقهم لهجة وأقواهم حجة، يردد قائلاً: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب..)
فهابه أعداؤه وولوا عنه مدبرين وانقلبوا هنالك صاغرين، وكذلك الرجولة تفعل يا شباب الأمة ويا جيل المستقبل، فالرجولة أن تقدم ولا تحجم، أن تنصر المظلوم على من ظلم، أن تعطى ولا تمنع، أن تتفاءل ولا تجزع, أن تخضع لله وتخشع، قال الله: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة 108].
اللهم اجعلنا منهم رجال صدق في اللقاء، ورجال صبر على البلاء، اللهم اجعلنا رجالاً نعمر المساجد بالإيمان، رجالاً ننصر الحق على الكفر والطغيان، اللهم اجعلنا رجالاً متطهرين، رجالاً صادقين، واختم لنا بجنات النعيم، إنك سميع عليم.