الخميس 16 شوّال 1445 هـ الموافق 25 أبريل 2024 م
واعتصموا بحبل الله
الثلاثاء 14 جمادى الأول 1437 هـ الموافق 23 فبراير 2016 م
عدد الزيارات : 2668
واعتصموا بحبل الله
عناصر المادة
1- فهم الصحابة والسلف لنداء الله
2- غيظ الأعداء من محبة ومؤاخاة المسلمين، وإشعال نار الفتنة بينهم
3- بمحاربة المسلمين بعضَهم سلط عليهم عدوهم
4- هل يحقق الأعداء هدفهم؟
{ واعتصموا بحبل الله }
مقدمة:
علم الله ما ينشأ عن التفرق من الفساد والضياع وتسلط الأعداء؛ لذلك أمر المؤمنين أن يلتجئوا إلى ذلك الركن الركين والحصن الحصين الذي به نجاتهم إن أرادوا النجاة وبه حياتهم إن أرادوا الحياة.
عناصر الخطبة:
1- فهم الصحابة والسلف لنداء الله.
2- غيظ الأعداء من محبة ومؤاخاة المسلمين، وإشعال نار الفتنة بينهم.
3- بمحاربة المسلمين بعضهم سلط عليهم عدوهم.
4- هل يحقق الأعداء هدفهم؟
 
1- فهم الصحابة والسلف لنداء الله
يقول الله تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (آل عمران: 103).
هذا نداء من رب العزة، فهل سمعتم بأبلغ من هذا النداء؟
لقد فهم المسلمون الأوائل من المهاجرين والأنصار الثمرة من هذه الدعوة وعلموا أن اجتماعهم في المسجد في مكان واحد ما هو إلا لتوحيد الكلمة واقتداءهم بإمام واحد ما هو إلا لتوحيد الصف داخل الصلاة وخارجها فاستطاعوا في زمن وجيز أن يقوموا بأعمال خالدة سطرها لهم التاريخ في سجل الخلود,
 ولم يكن الفضل في ذلك لوافر علمهم، ولا لكثرة عددهم، إنما الفضل لله أولاً، ولأخوتهم الصادقة ثانياً، ولإعتنائهم بفكرة أخلصوا لها وتعاونوا في سبيل تحقيقها، تلك هي فكرة وحدة الصف.
ورد في سبب نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة وإخائه بين المهاجرين والأنصار وبنائه المسجد النبوي كانت الأنصار قبيلتان -الأوس والخزرج- وكانت بينهما الملاحم العظيمة والحروب الطاحنة  في الجاهلية التي دامت مئة وعشرين سنة, ذهب ضحيتها مئاتُ الشباب والرجال، وكانت آخر مواقعهم موقعة بُعَاثٍ التي هلك فيها الحرث والنسل، وجعلتهم بعد ذلك يتلظون بأحقادهم، ويُكِنُّ بعضهم لبعض، ويعدُّون العدة لإفناء بعض,
 ولكن أنى للشر أن يستمر، وأنى للظلام أن يبقى وقد جاءهم من الله نور وكتاب مبين, والنور هو رسول الله صلى الله عليه وسلم..
 لقد توحدت كلمتهم وتحابوا في الله، والله يقول في الحديث القدسي ( أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) (مسلم: 2566).
 
2- غيظ الأعداء من محبة ومؤاخاة المسلمين، وإشعال نار الفتنة بينهم
واليهود عضوا أناملهم من الغيظ  من هذا الحدث المفاجئ  كيف أن الأوس والخزرج انقلبوا من عداوة الى حب ومن كفر إلى إيمان؟!
 فقرر اليهود أن يعيثوا في الأرض الفساد، وأن يقلبوا الأرض ظهراً إلى بطن، كما يفغل اليوم إخوانهم من الصليبيين والوثنيين والفرس الذين لا يستريحون ولا يهنئون إلا بعرقلة كل مسيرة للتوحد والاعتصام والاجتماع بين المسلمين.
والله ثم والله لو تركت الكلاب نباحها والحيات لدغها والعقارب سمها والذئاب شراستها ما ترك اليهود خبثهم ولؤمهم ومكرهم ضد الإسلام والمسلمين! كيف لا والله عز وجل يقول: ( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ) (المائدة: 60).
لقد دُبِّرَتْ مكيدةٌ بليل ونُسِجَتْ تحت طيَّاتِ الثرى بيدِ حَبْرٍ من أحبارهم يدعى "شاس بن قيس "جاء هذا الأفاك الأثيم وكان شيخا طاعنا في السن شديد الكفر عظيم الضغن على المسلمين, مر على نفر من الأوس والخزرج مجتمعين يتحدثون عن نعمة الله عليهم بالدين والإسلام ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم, فغاظ هذا اللعينَ ما رأى، فأمر شاباً من اليهود أن يعمدَ بينهم فيُذَكِّرَهم بأيام بُعَاثٍ وما كان بينهم من الوقائع والحروب, ففعل اليهودي وأنشد بعض ما كانوا ينشدون من هجاءٍ واشتعلت نارُ الفتنة، وثاب رجلان من القبيلتين فاقتتلا، وقال أحدُهما للآخر: إن شئتم رددنا الجَذْعْةَ عليكم - أي الحرب - وغضب الفريقان وتواعدت القبيلتان في الحرة..
وابتسم شاس بن قيس اللعين وهو يقول: ( أيتها الفتنة العمياء قد أيقظتُك من مرقدِك فارفعي رأسك وامضي في سبيلك واشتعلي حتى يحرقَ لسانُك أديمَ السماءِ ووجهَ الغبراءِ حتى تقضي على محمدٍ وأصحابِه ).
هؤلاء هم اليهود أيها السادة, لقد أعلن هذا أحد رؤسائهم في القرن الماضي فقال: ( إن أخشى ما أخشاه أن يظهر محمدٌ جديدٌ في الشرق).
 
3- بمحاربة المسلمين بعضَهم سلط عليهم عدوهم
اليهود ضعاف، وكلُّ أعداء الدين كذلك .. لكن قلةُ أوعدمُ اعتصامِنا بالله وكثرة الخونة والمنافقين في الأمة جعلتهم في نظرنا أقوياء, لأننا أصبحنا نُشْهِرُ أسلحتَنا على أنفسنا وإخواننا لا على اليهود ولا على أعدائنا الذين لا يفتئون في قتلنا وسحقنا, فسلط الله علينا من لا يخافُه ولا يرحمُنا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لَزَوَالُ الدنيا  أَهْوَنُ على اللهِ من قَتْلِ مُؤْمِنٍ بغيرِ حقٍّ ) (ابن ماجه: 2619 وصححه الألباني).
ويقول صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديثِ الذي أخرجه البخاريُّ من حديثِ عبدِ الله بن عُمَرَ رضي الله عنهما: ( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دماً حراماً ) (البخاري: 6862).
أين كانت قوتهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
 كم مرة أجلاهم رسول الله من المدينة ومن أرض الحجاز؟ 
لقد ذبح منهم في يوم واحد سبعمئة شخص يوم الأحزاب, وجعلهم الصحابة في واد سحيق فكانوا ككلاب الصيد إن أُمِروا ائتمروا، وإن زُجِروا انزجروا، أما اليوم أصبحت قوةُ المسلمين وأمجادُهم ذكرياتٍ ماضية..
أما الإسلام فهو سار لا يتوقف حتى يلحق بركبه المسلمون فإذا أدركوه فبشرانا ساعتها. 
 
4- هل يحقق الأعداء هدفهم؟
ومع ما حدث هل تحقق هدف اليهود؟
لقد كانت النتيجة عكسية، أصلح رسول الله بين القبيلتين، وخطب قائلا: ( يا معشر المسلمين: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟!
وبعد أن هداكم الله للإسلام وأكرمكم به، وقطع عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم، ترجعون بعدي كفاراً يضربُ بعضُكم أعناقَ بعض؟!
 فبكى الأنصار وعانق بعضُهم بعضاً ورجعوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متآلفين متحابين متآخين، فنزل قول الله تعالى: 
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (آل عمران: 100-101).
نعم كيف نتفرق اليوم وفينا كتاب الله هادياً؟!
وكيف نتفرق وفينا سنة رسول الله التي ما ترك لنا فيها شيء إلا بينه أوضح بيان؟
يا أيها الناس.. يا أيها المجاهدون.. يا أيتها الفصائل.. اعملوا للإسلام لا لجماعاتكم، فجماعاتكم وفصائلكم تفنى ويبقى الإسلام..
عجباً لمن يضحي بروحه كيف لا يستطيع أن يضحي باسم فصيله ليبقى الإسلام!
المعركة معركة وجود.. لا تكن أهدافكم صغيرة.. لا تضيعوا الهدف الأكبر الذي من أجله خرجتم..
اتقوا الله في أنفسكم وفي أهليكم وفي معتقليكم وفي دينكم قبل كل شيء.
اللهم وحد صفنا واجمع كلمتنا ولا تجعل بأسنا بيننا.
دور الخطباء في سوريا ؟!
دور فعال ومؤثر (صوتأ 114) 80%
غير فعال (صوتأ 27) 19%
لا أدري (صوتأ 2) 1%
تاريخ البداية : 26 ديسمبر 2013 م عدد الأصوات الكلي : 143