مقدمة:
الحمد لله المنتقم الجبّار، العزيز القهّار، المأمول منه نصر المجاهدين الثوار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو القائل سبحانه: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51].
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وقائدنا محمد رسول الله جاهد في الله حتى أتاه اليقين من ربه....
أما بعد:
أمام مشاهد الأجساد المرتعشة التي تنتظر الموت، أمام صور الجثث التي خنقها الكيماوي، تقف الكلمات عاجز عن وصف فظاعة ما حدث، يتلعثم اللسان فماذا عساه يقول، تختلط الأفكار وتحار العقول، ليس لنا إلا أنقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي.
ربما نفهم أن عدونا الظالم ينتقم بإجرامه من أطفالنا ونسائنا وشبابنا، ليشبع طغيانه وإجرامه، لكن الأمر الذي لا يفهم هو الحالة التي نحن عليها، فمن يسمون أنفسهم قادة مازالوا وعلى مدار ست سنوات مختلفين، على ماذا يختلفون، على ركام جزء مدمر من البلد، فهذا ما لا يفهم، رغم أنهم يدركون أن اختلافهم سبب من أسباب الفشل الذي نعيشه.
رغم كل العدوان والظلم الذي ينزل بنا إلا أننا مازلنا نسمع بين الفينة والأخرى عن عمليات تصفيه لبعض الشخصيات عسكرية كانت أم مدنية، وعن عمليات اعتداء على بعضنا البعض.
بعد ست سنوات من الثورة لم نستطع أن نشكل جسما قضائيا واحدا يحتكم إليه الجميع، بل بات لدينا سوق من الدكاكين القضائية، وكل دكان تكتب لوحة دعائية مكتوب عليها محكمة شرعية، الشرع أمر بالتوحد والاعتصام فأين أنتم من ذلك.
إننا نعيش حقيقة قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152].
إخواني في الله: أمام المشهد العصيب الذي نعيشه ربما نكون بحاجة إلى أن نعيد نظرنا مرات ومرات لنتفقه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن كعب بن عجرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن تسعة، فقال: (إنه ستكون بعدي أمراء من صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه، وهو وارد علي الحوض).
اللهم ارحم مواتانا، واشف جرحانا، وفك أسرانا، وانتقم ممن ظلمنا واعتدى علينا، اللهم بدل حالنا إلى أحسن الأحوال يا عزيز يا غفار، والحمد لله رب العالمين.