1- دار الأرقم أول مؤسسة تربوية
2- أنواع من التربية
3- التربية الإيمانية قبل التعبئة الجهادية
مقدمة:
التربية هي صمام الأمان، ومصنع المجاهدين الأبطال، ومصدر القوة للأحرار.
وهي الحصن أمام كل التحديات، التربية هي السلاح الفاعل في كل ميدان، والنجاح والفلاح في كل امتحان.
التربية الجادة للأفراد والقادة، هي طريق التمكين للأمة والدين.
1- دار الأرقم أول مؤسسة تربوية
إذا أردنا لأمتنا السيادة ولديننا القيادة ولحياتنا السعادة فهملوا بنا إلى التربية الجادة المستقيمة، تعالوا إلى اللبنة الأولى وحجر الزاوية والمربع الأول، إن الله عز وجل لما أراد العز لبني إسرائيل والهلاك لفرعون اللعين بدأ بالتربية نعم إنها التربية يقول الله حاكياً عن موسى عليه الصلاة والتسليم {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39].
من هنا البداية الصحيحة رعاية وعناية وتربية لأفراد الأمة وقادتها، {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24].
ها هو النبي المربي صلى الله عليه وسلم يعتكف في دار الأرقم سنوات وسنوات فيخرج للأمة العلماء العاملين، والأبطال المجاهدين، والأمراء المؤمنين، فقد تخرج من دار الأرقم أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وعلي بن أبي طالب وسعيد بن زيد والزبير بن العوام وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهم و غيرهم الكثير والكثير من الرجال والنساء والبنات والبنين، فبحق كانت دار الأرقم أول مؤسسة تربوية في تاريخ الإسلام، يجتمع المربي بتلاميذه، والقائد بأمرائه، يربيهم بحاله وبمقاله، يربيهم بالأقوال والأفعال، يربيهم بالدعوة والقدوة فهو بحق سيد المربين وإمام المتربين.
هو سيد الرسل الكرام محمد أوحى المهيمن بالكتاب إليه
يبني الرجال وغيره يبني القرى شتان بين قرى وبين رجال
صدق فيه قول مرسله جل جلاله {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة:2].
ولسان حاله صلى الله عليه وسلم (أدبني ربي فأحسن تأديبي).
من خلال تربية المصطفى صلى الله عليه وسلم، صار كل صحابي أمَّة وحده، فما من صحابي إلا وله سمة معينة، وما من صحابي إلا وقدم للدين خدمة، ولسان حالهم: "لولا المربي ما عرفت ربي"، فنزلت في مدحهم الآيات، واشتاقت لهم الجنات، وصاروا جمالاً للحياة وبعد الممات، أناروا الدنيا بحياتهم، وأناروا التاريخ والسير بعد موتهم، فهم فخرنا وقدوتنا هم الذين رباهم محمد وصنعهم محمد، فأنعم به من مربٍّ وأنعم بها من تربية، {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [ الفتح:29].
2- أنواع من التربية
التربية على الثبات وقت الصعاب: رباهم القرآن الكريم والنبي محمد عليه الصلاة والسلام على الثبات في وجه الصعاب قال الله تعالى {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [ابراهيم:12].
فكانوا أثبت من الجبال الراسيات الشامخات، باعوا الحياة رخيصة واشتروا بها أعلى الجنات ها هو أحدهم حبيب بن زيد يقطّع إرباً إرباً بيد الكذاب مسيلمة، وهو يريد محمد رسول الله.
سَلُوا بلالاً وعماراً ووالدَه عنِ السلاسلِ والرَّمْضاءِ والأَلَمِ
ولما بلغ أم حبيب نسيبة المازنية ما فعل ولدها البطل قالت: "الحمد لله لذا اليوم أعددته، لقد بايع رسول الله صغيراً ووفى له كبيراً".
ولله الحمد والمنة فالأمة ولادة برغم كل المآسي والصعاب والشدائد العذاب نجد من أهل الشام الأحرار آلاف القصص والأخبار في الثبات والإصرار، لو كتبت هذه القصص ورويت لامتلأت بها الكتب والمجلدات ولم تنفد، ولتربت عليها الأجيال فهي بحق سير الرجال، لسان حالهم يردد:
إن عذبوا الجسم فالإيمان معتصم بالقلب مثل اعتصام الليث بالأجم
التربية على النفقة وقت الفاقة: رباهم القرآن الكريم والنبي محمد عليه الصلاة والتسليم على البذل والعطاء للمساكين والفقراء قال الله تعالى مربياً: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [ال عمران:92].
فكانوا كالريح المرسلة في الصيف والشتاء ها هم الأشعريون يجمعون ما عندهم من قوت وطعام ثم يتقاسمونه بالسوية بينهم فيهتف رسول الله مبشراً لهم: (فهم مني وأنا منهم)
الله أكبر أخي المسلم اليوم يومك فأر الله منك جوداً وإحساناً وعطاء وإنفاقاً فتكون بنفقتك من الرسول ويكون الرسول منك: (نعم المال الصالح للرجل الصالح)
لقد ضرب المسلمون أروع الامثلة من قريب في الجهاد بمالهم لنجدة أهل الغوطة المغاوير في حصارهم، وهذا إن دلَّ فإنما يدل على تربية إيمانية أصيلة، وأهل الغوطة هم عز الأمة وشرف جهادها، وفسطاط المسلمين وأرض رباط المؤمنين، فلبوا ندائهم وافزعوا لنجدتهم.
يا ناعمَ العَيشِ والأموالُ بائدةٌ أين التبرعُ لا ضَاقتْ بكَ النِّعَمُ
يا رجال المال! هــذا وقتكــم قد آن أن ينفــق كلٌ مما يجد
هنيئاً لمن تربى على منهج سيد الأنبياء في الجود والعطاء.
التربية على الدعوة والتعليم: رباهم القرآن الكريم والنبي محمد عليه الصلاة والتسليم على الدعوة والتعليم، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33].
فوصلت أقدامهم وأقلامهم لأقصى الأرض شرقاً وغرباً وبلغوا رسالة الله لكل بيت من حجر ووبر، وماتوا خارج أرضهم بعداء عن وطنهم وهم دعاة هداة أناروا الدنيا بعلوم الدين.
مضوا في الدنا شرقاً فأسلم فُرسُها وســاروا بها غرباً فأسلم رومها
لهم ذكريات يعبق المسك إن سرت ويذهبُ بالألباب سكراً شميمها
فسـيروا على هَدْى الجــدود فإنهم ســماء حــقِّ لا تغيب نجومـــها
التربية على المصابرة والمجاهدة: رباهم القرآن الكريم والنبي محمد عليه الصلاة والتسليم على الصبر والمصابرة في الجهاد والمقاومة قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:200].
فكانوا كالليوث في الغابة والسيوف البارقة في المعركة، فها هو خالد بن الوليد سيف الله وسيف رسوله ما خبا ولا كبا، وفي كل معركة كان له النصر والغلبة، يقول في إحدى معاركه معتصماً بخالقه عندما سألوه: أين المفر يا خالد إلى سلمى أم إلى أجا؟ فقال بلسان المجاهد الواثق بالله: "لا إلى سلمى ولا إلى أجا ولكن إلى الله المشتكى، فنصره الله نصراً مؤزراً".
يا آل شـــــام من يريني خالدا يزجي الخميس ويستحث المقنبا
من شاء منكم فليكنه ولا يقل ذهـــب القــديم فإنــه لن يذهبـــا
التربية على الولاء والبراء: إن المسلم اليوم ينبغي عليه أن يعرف عدوه الحقيقي من صديقه، فلا ينغرَّ بكلام عدوه المعسول وادعائه الصداقة، إن عقيدة الولاء والبراء ينبغي أن ترافق المسلم اليوم في حياته وخصوصاً في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بالمسلمين وبلادهم.
ولقد ربى رسول الله صحابته على هذه العقيدة المهمة بتربية القرآن، لا سيما في أوقات الحرب والجهاد، فمثلا خذوا هذه الآيات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الممتحنة: 1-3].
آيات عظيمة توضح المنهج، وتبين الطريق في خضم ما يعتور الثورة من مساومات هنا وهناك، وتنازلات ممن لم يتربوا على عقيدة الولاء والبراء.
واسمعوا بقلوبكم هذه الآيات أيضاً لتعلموا وصية الله لكم في ظل كذب الشرق والغرب عليكم، وما هو التصرف السليم الذي أوجبه ربكم عليكم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 51-56].
أيها الأخوة المؤمنون: وهكذا تفعل التربية تصنع الرجال الذين يثبتون في وجه الفتن، ولا ييأسون أمام كثرة المحن، وتربي الرجال الذين ينصرون في الحروب، ولا تحزنهم الكروب ولا الخطوب، تصنع الرجال الذين يضحون بالنفس لله ويقدمون النفائس لعباد الله، تربي الرجال الذين يصنعون النصر للأمة، ويقودون الناس للقمَّة، هؤلاء هم الذين تربوا على مائدة القرآن وتخرجوا من جامعة النبي العدنان عليه الصلاة والسلام فيصدق عليهم قول الله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23].
يا قوم لستم بالضعاف فغامروا وخــذوا مطالبكم ســراعا وثبوا
فالســـرُّ باقٍ والزمانُ مجــــددٌ والسيفُ ما فَقَدَ المضاءَ وما نَبَا
3- التربية الإيمانية قبل التعبئة الجهادية
إن الناظر في تاريخ الأمة يجد أن الأمة إنما نهضت وسادت وقادت بعد التربية والتزكية، فبعد التربية والتعليم وصل جيل صلاح الدين للعز والتمكين وحرروا المسجد الأقصى من الصليبيين، وها هو محمد الفاتح بعد التربية والتعليم فتح القسطنطينية، وها هو قطب الدين قطز بعد التربية والتعليم انتصر على التتار في معركة عين جالوت، وأمثلة كثيرة فما من مجد للأمة ولا تمكين للدين إلا بالتربية والتعليم، قال الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146].
فَالنَّصْرُ يَا قَوْمِ لَنْ تَهْمِي سَـــحَائِبُهُ إِلاَّ بِجِيلٍ عَظِيمِ البَذْلِ مِغْوَارِ
هُبُّوا وَلَبُّوا فَمَا فِي البُؤْسِ مِنْ رَغَدٍ فَالجِذْعُ مِنْ مَكَّةٍ وَالغُصْنُ أَنْصَارِي
وَلَمْ تَزَلْ رَايَةُ التَّوْحِيـــــدِ خَافِقَةً وَمُرْهَفُ الحَدِّ مَسْــنُونٌ عَلَى النَّارِ
التربية هي الإعداد والتكوين الذي يصنع المجد والتمكين، فما أحوجنا أفراداً وجماعات مؤسسات وحكومات أن نجعل التربية من أهم أعمالنا ما أحرانا أن نجعل التربية هدفنا ومنهجنا قال ربنا: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79].
وما حكى الله عز وجل لنا قصة لقمان الحكيم وهو يعظ ابنه إلا لنعلم عظيم فضل التربية للأبناء قال جل من قائل: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:113].
فيا أيها الحكماء ويا أيها العلماء ويا أيها الأمراء ويا أيها السادة الكرماء: إن من أوجب الواجبات وأولى المسؤوليات الاهتمام بتربية الناشئة والجيل، وبناؤهم عقائدياً بالإيمان، وتزكيهم روحياً بالقرآن، وتربيتهم أخلاقياً بخلق سيد الأنام، وإعدادهم لحمل رسالة الإسلام، ولسان حالهم:
سأحمل راية الإسلام وحدي ولو أن العالمين لها أســاءوا
فتلك عقيدة ســـكنت فؤادي كما سكنت شراييني الدماء
فيا أهلنا وأحبتنا: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرعاية للرعية تكون بالتربية والتزكية، واعلم أيها الأب الكريم وأيتها الأم الحنون أن الله وعدكم على التربية الحسنة لأولادكم جنات النعيم وتوعدكم على إهمال التربية بعذاب الجحيم فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
يَا بَنِي الإِسْلامِ يَا نَبْتَ الهُدَى يَا غِرَاسَ المَجْدِ فِي خَيْرِ رُبَى
أَنْقِــذُوا العَالَمَ مِنْ حَيْـرَتِـــــهِ أَصْلِحُـوا مِنْ حَالِهِ مَا خَـــــرِبَا
لا تَقُـــولُوا ذَهَبَــتْ أَمْــجَادُنَا فَالهُــــدَى يَرْجِــــعُ مَا قَدْ ذَهَبَا
هَــذِهِ الأَحْــدَاثُ قَدْ أَبْدَتْ لَنَا يَا بَنِي الإِسْـــــلامِ مَا قَدْ حُـجِبَا
كَشَــفَتْ جُحْـــرَ الثَّعَابِينِ لَنَا فَــرَأَيْنَا رَأْسَــــــــــهَا وَالـــذَّنَبَا
فَاجْعَلُــوا مِنْ دِينِكُـمْ مُنْطَلَقًا وَثِبُــــوا إِنَّ الفَتَـــــــى مَنْ وَثَبَا
وَاجْعَلُــوا مِنْ مَنْهَجِ اللَّهِ لَكُمْ مَنْــــزِلاً رَحْــــبًا وَأُمًّــا وَأَبَـــا
أَنْتُمُ اليَـــوْمَ عَلَى مُنْعَطَــفٍ مَن مَشَــى فِيهِ بِهَدْيٍ كَسَــــــبَا
يَا بَنِي الإِسْـــلامِ فِي قُرْآنِنَا مُنْقِــــذٌ مِمَّا أَصَــــــابَ العَطَبَا