السبت 11 شوّال 1445 هـ الموافق 20 أبريل 2024 م
كيف نرتقي بخطبائنا إلى المستوى المطلوب؟
الاثنين 13 جمادى الآخر 1440 هـ الموافق 18 فبراير 2019 م
عدد الزيارات : 1650
كيف نرتقي بخطبائنا إلى المستوى المطلوب؟
مقدمة:
لعبت خطبة الجمعة دورًا كبيرًا في تاريخنا الإسلامي الطويل، فمن خلالها طرحت المفاهيم الإسلامية، ومن خلالها عولجت المشاكل والأزمات التي مرت على الأمة، ومن خلالها دخل التائبون أفواجًا، فكانت الخطبة زادًا روحيًا، وساحة انطلاق لعز الأمة ومجدها وحرية كلمتها.
ولكن كيف أصبح حال خطبة الجمعة في وقتنا هذا؟ 
لو أجرت الأوقاف والمهتمين بعلوم الاتصال ومراكز البحوث استطلاعات رأي واستفتاءات واستبانات تتساءل عن تأثير خطبة الجمعة على الناس في مجتمعاتنا، فماذا ستكون النتيجة؟ 
ملايين الأشخاص هم يؤدون أمراً يعتقدون أنه واجب عليهم فكيف يمكن الاستفادة من هذا المؤتمر الأسبوعي؟ 
ماذا يمكن أن نفعل لتطوير خطبنا وخطبائنا؟
بُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للبشر، وكان هدفه هدايتهم والأخذ بأيديهم إلى طريق النجاة ولقد كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في حاجة لتبليغ الرسالة العظيمة، فكان للأسلوب المؤثر الصادق أثره على ذلك. 
لقد جذب النبي صلى الله عليه وسلم ببلاغته وقوة بيانه المستمعين إليه، وإنّ غاية الخطابة إقناع الآخرين، والواجب علينا أنْ نبلغهم الرسالة المعنية بأسلوب مناسب على قدر عقولهم، ولا شك أنّ للخطابة دور كبير في التأثير على المستمعين عندما تخرج الكلمات من قلب صادق هدفه إصلاح الجمهور المتلقي، وتحسين حياته، وإيجاد الدواء الناجح للأمراض التي تعيشها الناس في المجتمع. 
فمن النماذج على الأمراض الموجودة في خطبنا وبعض خطبائنا أنّ بعض الخطباء المتحمسين يبالغون في الحماس والانفعال ومن المعلوم أنّ ذلك وسيلة وليس غاية، ويطيلون في الخطبة حتى أصبح بعض الشباب يتسلى بالجوال أثناء الخطبة، بينما نجد خطباء متزنون لا ينفعلون تصل أفكارهم بهدوء، بينما على النقيض الآخر نجد خطباء يبالغون في هدوئهم، ويلقون خطبتهم وكأنّهم يلقون محاضرة (أكاديمية)، فيدب الملل والضجر في نفوس بعض المصلين، وقد يتسرب النعاس إلى آخرين، فتفقد الخطبة أثرها، وكذلك نجد خطباء تقليديين يلقون عليك خطباً مكررة، بعيدة كل البعد عن الواقع المرير الذي تعيشه الأمة.
وأما بالنسبة لجمهور خطبة الجمعة، فهو العنصر الهام في الخطبة، وهو جمهور عام نجد فيه الكبير والصغير، والغني والفقير، والمثقف والأمي، والعالم والجاهل، وغيرهم من أبناء المجتمع، ولا يعقل أنْ يكون هؤلاء جمعيًا بالقدر نفسه من الثقافة والفهم، والخطيب البارع هو الذي يعرف جمهوره جيدًا، ويعرف أنماط وعادات الناس، وكيف يخاطبهم بالموضوع واللغة المناسبة.
وأمّا بالنسبة لموضوع الإطالة فعندما يعلم الناس بأنّ المسجد الفلاني تطول فيه خطبة الجمعة، فهم أمام خيارين إمّا أن يشحنوا هواتفهم جيدًا ليلهوا به، وإمّا أن يأتوا في آخر خطبة الجمعة، لذلك على الخطيب أنْ يدرس جمهوره جيدًا، ويخبر نفوسهم وطباعهم وأفكارهم من خلال العلاقات الاجتماعية، والتواصل معهم على أنّ خطبة الجمعة لوحدها لا تفي بالغرض، وينبغي بأنْ يتبعها درس بعدها.
ولقد ابتلي بعض الخطباء بطرح الأمور الخلافية التي تفرق جموع المسلمين فيما بينهم، فيعلنون الحرب الشعواء مثلًا على المسلم الذي يصلي يوم الجمعة فقط، ويتهاون بالصلاة في باقي الأيام، ويكفرونه أحيانًا، وقد يكون بعض هؤلاء الذين يحاربهم الخطيب قد حضروا إلى المسجد وفي أنفسهم بعض بذور التوبة التي لمّا تنضج بعد، فيقضي الخطيب بأسلوبه القاسي على هذه البذور، ويدفع بهذا الذي يحبو في توبته، بعيدًا عن دائرة التوبة، ولو أنّه ترفق في حربه لأضاف للمسجد كسبًا بهذا التائب الجديد.
وحتى تكتمل الفائدة مما سبق، وللإجابة على الأسئلة التي طرحت في البداية، أتقدم ببعض الاقتراحات للارتقاء بخطبة الجمعة إلى المستوى المطلوب، آملًا أنْ تجد هذه الاقتراحات حظها من الاهتمام: 
أولاً: إحداث معاهد لتأهيل خطباء المساجد، وتطوير مناهجها وبرامجها بحيث تقدم لنا خطيبًا جيدًا تتوفر فيه مقومات الخطيب الناجح، أو زيادة ساعات مادة الخطابة النظرية والعملية في الثانويات والمعاهد الشرعية.
ثانياً: إقامة دورات في فن الإلقاء والخطابة والحديث بين يدي الجمهور من قبل متخصصين في هذا الفن.
ثالثاً: تأليف كُتيب خاص بالخطباء يحتوي على المعلومات والتوجيهات التي تهم الخطيب، وتشرف عليه لجنة من العلماء المتمرسين في مجال الخطابة.
رابعاً: تطوير الكتب الموجودة حاليًا التي تحتوي على مجموعة من الخطب التي تغطي الموضوعات الإسلامية الأساسية كافة؛ ليستهدي به الخطباء المبتدؤون، على أن يقوم بإعداد هذا الكتاب نخبة من العلماء المتمرسين في هذا المجال، إعدادًا لغويًا وفكريًا يتناسب مع العصر الحالي، ويقوم بعض الخطباء البارعين بإلقاء الخطب إلقاءً أنموذجياً، وتسجيل الإلقاء على أشرطة توضع في خدمة المتدربين على الخطابة.
خامساً: قياس الرأي العام من جمهور المصلين عبر استبيانات توزع على عينة منهم لمعرفة مدى جودة خطبة الجمعة، ورضى المصلين عنها، بالإضافة إلى عشرات الأسئلة التي من الممكن طرحها على هذا الجمهور من خلال هذا الاستبيان وذلك حتى يتم تحسين الخطبة من خلال النقد الذاتي البناء.
سادساً: رفد الخطبة بدرس يقام بعدها، ويتوسع الخطيب فيه بتفصيل المعاني التي ذكرها في خطبته، حتى يكون المجال مفتوحًا لمن يريد الاستزادة من المصلين، وبذلك ننجو من آثار الإطالة السلبية على بعض الحضور.
سابعاً: التشجيع على تسجيل الخطبة عبر وسائل التسجيل الحديثة، ونشرها عبر وسائل الاتصال المتعددة للاستفادة منها، أو تقطيعها عبر الجمل والعبارات المؤثرة ونشرها بين الناس.
ثامناً: إقامة مجموعة واتس أب ليزداد التواصل فيما بين الخطيب وجمهوره تضم فيها جمهور المصلين من أبناء المسجد والحي، مع خطيب الجمعة ليعرض عليهم ثلاثة مواضيع للخطبة القادمة، فيختار الجمهور واحدة منها، ويدع خيارًا رابعًا فيه حرية اخيار موضوع يرون أنه مناسب للطرح.
 
دور الخطباء في سوريا ؟!
دور فعال ومؤثر (صوتأ 114) 80%
غير فعال (صوتأ 27) 19%
لا أدري (صوتأ 2) 1%
تاريخ البداية : 26 ديسمبر 2013 م عدد الأصوات الكلي : 143