الأحد 22 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 24 نوفمبر 2024 م
إضاءات.. على طريق رأب الصّدع ونبذ الخلافات
الثلاثاء 17 جمادى الآخر 1441 هـ الموافق 11 فبراير 2020 م
عدد الزيارات : 1795
إضاءات.. على طريق رأب الصّدع ونبذ الخلافات
عناصر المادة
1- لينوا بأيدي إخوانكم المسلمين
2- تضخّموا الجزئيّات على حساب الكلّيّات
3- افتح قلبك لجميع المسلمين
مقدمة:
لقد بلغت جراحات المسلمين في هذه الآونة مبلغا خطيراً، وإنّ أبلغ جرحٍ هو الشّقاق الحاصل بين كثيرٍ من أبناء المسلمين، ومازال الشّيطان يحرّش بينهم ويخترق صفوف العاملين لخدمة الإسلام فيما بينهم؛ يفرّق بين الأحبّة، ويثير الضّغائن، ويزّين العداوة، ويا ليت ظاهر هذا التّقاطع والتّباغض من أجل الدنيا، إذ لكان الأمر هيّناً، ولكنّه بدوافع ظاهرها من أجل الدّين، وإذا سألتهم عن ذلك لتجدنّ إجاباتٍ عجيبةً، فذلك مبتدعٌ والآخر يعمل دون علمٍ والثّالث في عقيدته زيغٌ.
هذا.. وإنّ الجميع قد خاض في غمار هذه الدّعاوى الّتي لا تعتمد على أبسط بيّنةٍ، وإنّنا في هذا الجرح النّازف، والأعداء تكالبوا علينا، وهم يرموننا عن قوس واحدةٍ؛ لا بدّ من محاولاتٍ وهمساتٍ ونداءاتٍ، لاسيّما للعاملين في ساح الإسلام، لعلاج هذا التّناحر، أو للتّخفيف من وطأته وآثاره السّلبيّة علينا جميعاً، فكانت هذه الإضاءات رسالة المنبر هذه الجمعة...
1- لينوا بأيدي إخوانكم المسلمين
لقد كان من وصيّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم للصّحابة قبل الصّلاة ما رواه أَبُو شَجَرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ، وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ)، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو شَجَرَةَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَوَ: "مَعْنَى وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ: إِذَا جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الصَّفِّ فَذَهَبَ يَدْخُلُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُلِينَ لَهُ كُلُّ رَجُلٍ مَنْكِبَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الصَّفِّ". سنن أبي داوود: 666
فإذا كانت الصّلاة الّتي هي أقدس الفرائض، مطلوبٌ ممن يؤدّيها جماعةً أن يلين بيد أخيه، فما بالك بغيرها؟ وإذا كان الباري قال لمن تربّع على عرش الأخلاق الفاضلة، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159]، 
فمن الأولى بهذا التّوجيه الرّبانيّ؟
وقد بوّب الإمام البخاريّ رحمه الله باباً في صحيحه؛ فقال: "بَابُ المُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ"، ثمّ أورد هذا الحديث: عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: (ائْذَنُوا لَهُ، فَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ -أَوْ بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ -)، فَلَمَّا دَخَلَ أَلاَنَ لَهُ الكَلاَمَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ مَا قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ فِي القَوْلِ؟ فَقَالَ: (أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ -أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ- اتِّقَاءَ فُحْشِهِ). صحيح البخاريّ: 6131
وهنا يظهر الفرق بين المداراة والمداهنة.
قال ابن بطّالٍ رحمه الله: "المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للنّاس، ولين الكلمة، وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة، وقال: وظنّ بعضهم أنّ المداراة هي المداهنة فغلط؛ لأنّ المداراة مندوبٌ إليها، والمداهنة محرّمةٌ.
والفرق: أنّ المداهنة من الدّهان، وهو الّذي يظهر على الشّيء ويستر باطنه، وفسّرها العلماء بأنّها معاشرة الفاسق وإظهار الرضى بما هو فيه من غير إنكارٍ عليه.
والمداراة: هي الرّفق بالجاهل في التّعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه حيث لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول والفعل، لا سيّما إذا احتيج إلى تألّفه ونحو ذلك". شرح صحيح البخاريّ لابن بطّال، ج9، ص305-306
وقد أمر الله تعالى نبيّين كريمين أن يلينا بالقول لطاغية الأرض على زمانهما، فقال تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43-44].
فكم نحن الآن محتاجون لهذه الإضاءة فيما بيننا، لعلّنا نخفّف بها وتيرة الشّدّة على بعضنا.
2- تضخّموا الجزئيّات على حساب الكلّيّات
الدّين الإسلامي كلٌّ لا يتجزّأ، واهمٌ من ظنّ أنّه باستطاعته تفتيت مفرداته، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّه لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [البقرة: 208].
ديننا دين العقيدة، ودين الأحكام والعبادات، ودين الأخلاق، وما ينبغي تغليب جانبٍ على جانبٍ، ولكلّ مفردةٍ من مفرداته دورها ووقتها المناسب لها، ولكل مقامٍ مقال، فقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
ابتلينا اليوم بمن يحصر الإسلام بزاويته الضّيّقة، فيجمع آيات وأحاديث الجهاد فلا يرى غيرها، ومنهم من عكف على نصوص الدّعوة، والآخر على التّزكية، ومنهم من لم يجد في كلّ ديننا الحنيف إلّا محاربة القضايا الثّانوية، ومن هنا كانت هذه الإضاءة أنّ الحديث عن الجزئيّات والخلافيّات في وقتٍ تنتقص الأمّة من أطرافها، وتعبث فيها أيدي العابثين، ويحارب دين الله جهاراً نهاراً، وما هو إلّا عبثٌ وتلاعبٌ ليس إلّا.
فحينما أُتي نبيّنا ومعلّمنا صلى الله عليه وسلم بعبد الله (الملقّب بحمار) يشرب الخمر، فسبّه بعض الصّحابة، أراد أن يعطيهم درساً في عدم تضخيم الجزئيّة أمام الكلّيّة، فالكلّيّة هنا الآن ترسيخ الإيمان في قلبه، تثبيت قلبه واستقامته على الدّين، تقوية أواصر المحبّة بينه وبين الله تعالى، ثمّ رسوله، ثمّ إخوانه المؤمنين، فما كان من الحبيب صلى الله عليه وسلم إلّا أن نهى مَن سبّه من الصّحابة، وإليكم الحديث كاملاّ:
عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ). صحيح البخاريّ: 6780
إنّنا بأمسّ الحاجة حينما نرى أرتال النّزوح إلى المجهول أن لا نقيم للخلافات وزناً، فمحلّها مجالس العلم بصفاءٍ ونقاءٍ، لا عند رؤية المهجّرين، وقد ضاقت بهم الأرض بما رحبت، علينا أن نعي عندما يتقدّم الطّغاة على أرض الأحرار، ما ينفع عندها إثارة التّوافه والسّفاسف، وترك الطّغاة يعيثون في الأرض فساداً.  
3- افتح قلبك لجميع المسلمين
ومن سمات أهل العبوديّة أنّهم لا يُنسبون لاسمٍ سوى الإسلام، إذ الباري تقدّست أسماؤه هو الّذي سمّانا به، فأيّ شرفٍ بعد شرف تسمية الله تعالى لنا؟ قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحجّ : 78].
إنّ المصطلحات الّتي تدعو للتّناحر والتّباغض مذمومةٌ ولو كان أصلها شرعيّاً، فما أغنى مصطلح (المهاجريّ والأنصاريّ)؛ والّذي قامت عليه دولة الإسلام الأولى، مع ذلك ما أغنى عنه غضب الحبيب صلى الله عليه وسلم، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ -قَالَ سُفْيَانُ: مَرَّةً فِي جَيْشٍ- فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ)، فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ: فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ) وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنَ المُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ، ثُمَّ إِنَّ المُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ. صحيح البخاريّ: 4905
بناءً على ذلك: ينبغي أن يسع قلبك جميع المسلمين ولو اختلفتَ معهم في الرّأي، ولا يستطيع مؤمنٌ ذلك إلّا بتجرّده عن الهوى.
إذا كان الله تعالى حذّر نبيّاً كريماً من هذا المرض الخطير ومن الانجرار خلفه، فنحن من بابٍ أولى، قال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26].
ولا بدّ لذلك من تقديم حسن الظّنّ بإخوانك المسلمين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 12].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا). صحيح البخاريّ: 6066
يقول ابن القيّم: "فَلَوْ كَانَ كُلُّ مَنْ أَخْطَأَ أَوْ غَلِطَ تُرِكَ جُمْلَةً، وَأُهْدِرَتْ مَحَاسِنُهُ، لَفَسَدَتِ الْعُلُومُ وَالصِّنَاعَاتُ، وَالْحُكْمُ، وَتَعَطَّلَتْ مَعَالِمُهَا". مدارج السّالكين بين منازل إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، ج2، ص40
قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: 10].
وما أجمل وصيّة الحبيب صلى الله عليه وسلم لخادمه أنس، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا بُنَيَّ، إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ)، ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا بُنَيَّ وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الجَنَّةِ)، وَفِي الحَدِيثِ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ. سنن التّرمذيّ: 2678، والحديث ضعيفٌ
وفي الختام، أيّها الكرام: ما أحوجنا في هذا الظّرف العصيب الّذي نعيشه؛ إلى أهل الصّفاء والنّقاء، الّذين يألفون ويُؤلفون.
ذوي القلوب المتجرّدة في تعاملهم مع إخوانهم، مهما حاولت التّيّارات والخلافات أن تصنع شرخاً فيما بينهم.
بكل المودّة والحبّ والإخاء، يغضّون الطّرف عن الأخطاء، يعطون للجزئيّة قدرها تماماً دون زيادةٍ أو نقصانٍ، همّهم أن يرضى الله عنهم، متمثّلين وصيّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ). صحيح البخاريّ: 2887
 
1 - سنن أبي داوود: 666
2 - صحيح البخاريّ: 6131
3 - شرح صحيح البخاريّ لابن بطّال، ج9، ص305-306
4 - صحيح البخاريّ: 6780
5 - صحيح البخاريّ: 4905
6 - صحيح البخاريّ: 6066
7 - مدارج السّالكين بين منازل إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، ج2، ص40
8 - سنن التّرمذيّ: 2678، والحديث ضعيفٌ
9 - صحيح البخاريّ: 2887
دور الخطباء في سوريا ؟!
دور فعال ومؤثر (صوتأ 120) 81%
غير فعال (صوتأ 27) 18%
لا أدري (صوتأ 2) 1%
تاريخ البداية : 26 ديسمبر 2013 م عدد الأصوات الكلي : 149