1- الحثّ على التّنافس في الخيرات
2- نماذج من تنافس الصحابة الكرام
3- مقاومة الشّهوات للإقبال على الطّاعات
مقدمة:
التّنافس صفةٌ مغروسةٌ في فطرة الإنسان، وهي لا تُمدح ولا تُذمّ لذاتها، ولكنّها قد توظَّف في الخير؛ فترقى بصاحبها إلى أعلى الدّرجات، وقد توظَّف في الشّرّ؛ فتهبط به إلى أسفل الدّركات.
ألا ما أجمل التّنافس حينما يكون في أمور الآخرة وما أشرفه! وما أحسن تأثيره على النّفوس وأكمله! إذ يُحييها حياة المتّقين، ويبعثها إلى اللّحاق بالصّالحين، ويُصحّح مسارها لتتزوّد من الصّالحات، ويدفعها إلى الاستكثار من الحسنات، وإنّ الله -بعظيم فضله وكرمه- يوفّق للمسارعة إلى الخيرات من يشاء من عباده، قال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21].
فالسّباق من أجل رضا الله هو الميدان الّذي رغّب الله عز وجل فيه، وهو التّنافس المحمود الّذي يوصل صاحبه في خطّ النّهاية إلى أعلى الدّرجات وأعظم الحسنات.
لقد خلق الله سبحانه النّاس جميعاً، ومنحهم إمكاناتٍ عظيمةٍ تستقيم عليها حياتهم، فصاروا يتنافسون باستغلال هذه الإمكانات، وأصبحت الحياة ميداناً لهذا التّنافس بمختلف أنواعه، فمِنَ النّاس من وجّهوا إمكاناتهم -لا سيّما في زمننا هذا- إلى إشباع شهواتهم ورغباتهم، وأعرضوا عن فعل الخيرات والطّاعات، بينما ترى المسلمين الصّادقين متّجهين نحو أعمال البرّ والحسنات، متجاوزين كلّ المصاعب والعقبات الّتي تعترضهم في طريقهم إلى الله، كالفتن والشّهوات والملذّات، وإلى ذلك أشار الله عز وجل بقوله: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 148].
1- الحثّ على التّنافس في الخيرات
إنَّ الأعمار قصيرةٌ، والعوائق كثيرةٌ، ولا يستوي مبادرٌ إلى الخير ومتباطئٌ عنه، وإنّ أعقل العقلاء من يدخل في سباق الآخرة وينافس في مضاميرها، قال تعالى عن نعيم الجنّة: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصّافات: 61].
ولقد حثّ الله تعالى المؤمنين على فعل الخير؛ فقال سبحانه: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطفّفين: 26].
ولقد كان التنافس موجوداً عند الأنبياء، ففي قصّة موسى عليه السلام ليلة الإسراء والمعراج.. قَالَ: "أَبْكِي لِأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي".
وقال جل جلاله عن رسله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: 90].
وإنّ الإنسان العاقل من يسارع إلى الطّاعات قبل العوائق والعوارض، ويبادر ما دام في فسحةٍ من عمره، فالقوّة يعتريها الوهن، والشّباب يعقبه الهرم، ولا تدري ماذا سيحدث غداً، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تُنْظَرُونَ إِلاَّ إِلَى فَقْرٍ مُنْسٍ، أَوْ غِنًى مُطْغٍ، أَوْ مَرَضٍ مُفْسِدٍ، أَوْ هَرَمٍ مُفَنِّدٍ، أَوْ مَوْتٍ مُجْهِزٍ، أَوِ الدَّجَّالِ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةِ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ).
فمن وفّقه الله للمسارعة إلى الخير كان ذا حظٍّ عظيمٍ، قال عز وجل: {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر:32].
وإنّ التّنافس المحمود الّذي ربّانًا عليه الإسلام، يولّد التّفوّق ويعزّز الطّموح، ويزيد التّنمية والإنجاز، ويستعذب فيه المسلم المرَّ -لا سيّما ونحن نعيش عصر الفتن والشّهوات الّتي تدعُ الحليم حيراناً- وهو يرى أهل الدّنيا كيف تنافسوا على دنياهم، فوقعوا في الهلاك، قَالَ صلى الله عليه وسلم: (فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ).
وإن التّنافس يظهر أثره في الآخرة في درجات الجنان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: قَالَ صلى الله عليه وسلم: (يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا).
وهكذا يسمو التّنافس بصاحبه إلى المراتب العالية؛ حينما يُؤسّس على نيّةٍ خالصةٍ.
2- نماذج من تنافس الصحابة الكرام
لقد ربّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على المسارعة إلى الخير، عَنْ عُقْبَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ العَصْرَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ).
ولمّا رأى صّحابُته منه ذلك، تأجّجت فيهم جذوة المنافسة المحمودة، فاغتنموا الأوقات، فصاروا أعلى شأناً، وأرفع علماً وعملاً، بل غدَوا أصحاب فضلٍ وسبقٍ لا يدانيهم أحدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ)، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: (اللهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ)، ثُمَّ قَامَ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ: (سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ).
وفي يوم أُحُدٍ استثار النّبيّ صلى الله عليه وسلم روح المنافسة الشّريفة بين أصحابه، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: (مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي هَذَا؟) فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ، كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ: أَنَا، أَنَا، قَالَ: (فَمَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ؟) قَالَ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ، فَقَالَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ: أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ، قَالَ: فَأَخَذَهُ فَفَلَقَ بِهِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ.
هكذا ربّاهم على التّنافس في أعمال البرّ والقُربات، وتأمّل لتجد كثيراً من المواقف الّتي حثّ رسول الله فيها هِمم أصحابه على فعل الخير، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: (فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: (فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: (فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: (مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ).
نعم لقد سرتْ روح التّنافس في نفوس أصحاب الهمم، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟)، قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟) قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا.
3- مقاومة الشّهوات للإقبال على الطّاعات
لا يخفى على كلّ ذي لبٍّ وقلبٍ، أنّنا نعيش اليوم في زمنٍ تفتّحت فيه أبواب الشّهوات، وتسهّلت الطّرق إلى المنكرات، وجاءت الفتن من كلّ جانبٍ، أفلامٌ وإعلاناتٌ، ومواقع في الشّبكات، تهييجٌ وإثارةٌ للشّهوات، حتّى غدا الصّابر على دينه كالقابض على الجمر خائفاً، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ).
وإنّ المسلم لينهى نفسه عن الهوى، ويكبح جماح الشّهوة، ويقاوم ضعفه الفطريّ، ويجاهد نفسه الأمّارة بالسّوء، ولكنّ الشّيطان وأعوانه يزيّنون له الانحراف عن الصّراط، والانصراف إلى الشّهوات، قال تعالى: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النّساء: 27].
فكيف يَسلمُ مَنْ له عدوٌّ لا ينام عن معاداته، ونفسٌ أمّارةٌ بالسّوء، وهوى متردّدٌ، وشهوةٌ غالبةٌ، ولكنْ من تولّاه الله عز وجل نجا، ومن تخلّى عنه؛ اجتمعت عليه هذه القوى فكانت الهلكة، قال جل جلاله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران: 14].
زُيّن للنّاس حبّ الشّهوات، يحدوهم إليها حادي الفطرة، ويسوقهم سائق الطّبع، وإنّ الله سبحانه بلطفه وكرمه حين خلق الإنسان، وركّب فيه الشّهوة، وسلّط عليه الشّيطان؛ لم يتركه هملاً، بل رزقه من قوّة الإيمان ما يدفع به كيد الشّيطان، لأنّه لا يأمر بشيءٍ إلّا ويعين عبده عليه، ولمّا جاء الإسلام لم يَحْرمْ أتباعه شيئاً من طيّبات الحياة، ولكنّه هذّبها وباركها، وحثّ على ما هو خيرٌ من هذه الشّهوات، فقال بعدما ذكر متاع الدّنيا وزينتها: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 15].
جاء الإسلام ليمنعَ من المستنقع الآسنِ، وما يضرُّ الإنسان في دينه أو دنياه، وما منعَ أتباعه شيئاً إلّا و أباح لهم ما يحقّق مصلحتهم، وينأى بهم عن المفسدة، ولكنّ كثيراً من النّاس يُتبِع نفسه هواها، ويُعرض عن الأعمال الصّالحة، منشغلاً بشهواته ودنياه، فهو على مُفترق طريقين لا ثالث لهما، قال سبحانه: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النّازعات: 37-41].
خاتمةٌ:
كلّنا يعلم أنّ سلعة الله غاليةٌ، وأنّ سلعة الله الجنّة، فالسّباقَ السّباقَ، والمبادرةَ المبادرةَ، أكثروا من الزّاد فإنّ السّفر طويلٌ، وخفّفوا الحِمْل فإنّ العقبة كؤودٌ، طريق الجنّة وعرٌ محفوفٌ بالمتاعب والآلام، والدّموع والعرق، والدّم والتّضحيات، وبذل كلّ ما في الوسْع، وليس طريقاً مملوءً بالمُتعِ والشّهوات والنّزوات، فمن أراد الجنّة ونعيمها؛ فليوطّن نفسه لتحمّل هذه المكاره الّتي حُفّتْ بها، فلا يصل إلى الجنّة أحدٌ إلّا إذا تجرّع من غُصص هذه المكاره الّتي تحيط بها، وتغلّب على مكارهها بالصّبر الجميل على المحن والبلايا والمصائب؛ من تشريدٍ وتهجيرٍ، وقتلٍ وتدميرٍ، وفقرٍ ولأواء، وأمراضٍ وأوباء، وكلُّ ذلك يتطلّب منّا أن نوطّن أنفسنا أيضاً على الصّبر على الطّاعات الشّاقة على النّفس، فهي ثمن الجِنان، وإنّ الصّبر على الطّاعات، وعن المعاصي والمنكرات، تجارةٌ مع الله لن تبور، فلْنشحذْ مِن هممنا، ولْنبادرْ إلى ما دعانا إليه ربّنا من صالح أعمالنا، الّتي توصلنا إلى جنّات ربّنا، ولنطردْ عنّا شياطيننا، ولنقاومْ شهواتنا، مستعينين بربّنا قبل خروج أرواحنا وانقطاع أعمالنا.