الأحد 22 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 24 نوفمبر 2024 م
عدم التعصب للفصيل - قبول الحق من حيث جاء :من أخلاقنا في الجهاد(8)
الخميس 7 جمادى الأول 1436 هـ الموافق 26 فبراير 2015 م
عدد الزيارات : 4374

من أخلاقنا في الجهاد(8)
( عدم التعصب للفصيل - قبول الحق من حيث جاء )

مقدمة :
آفة خطيرة تعكّر صفو ثورتنا المباركة ، وتهدد بالقضاء على آمال المخلصين من أبنائها، خلقٌ ذميمُ سيءٌ يؤخر النصر ويفت في العضد , ويشتت الجمع ويذهب الريح .. إنه:( التعصب ).

عناصر الخطبة:
1.    تعريف التعصب وما لا يدخل فيه .
2.    التحذير من التعصب وأثره السيء على المجتمع .
3.    قبول الحق من حيث جاء منهج إسلامي أصيل  .
4.    صور مضيئة في قبول الحق .
5.    الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
6.    أعظم ما يعين على ترك التعصب.


1-    تعريف التعصب وما لا يدخل فيه:
والتعصب هو:" نصرة الرجل قومه أو جماعته أو فصيله أو من يؤمن بمبادئهم سواء كانوا محقين أم مبطلين، وسواء كانوا ظالمين أو مظلومين".
وليس من العصبية أن يحب الإنسان قومه أو جماعته أو فصيله الذي يجاهد فيه، فعن فسيلة قالت سمعت أبي يقول سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال: (لا، ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم) رواه ابن ماجه .
إنما هو الاتباع والخوض معهم ولو كانوا على الباطل , على حد زعم شاعرهم :
وما أنا إلا من غزية إن غوت  ***  غويت وإن ترشد غزية أرشد .
أي دون تحري الحق أو الصواب واتباعه .

2-    التحذير من التعصب , وأثره السيء على المجتمع:
مثل هذا الخلق حذر منه المصطفى صلى الله عليه وسلم أشد التحذير، فيروي لنا جندب بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قتل تحت راية عُمِّيَّةٍ يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتْلةٌ جاهلية) رواه مسلم
بل لقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من المتعصب، فعن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية) رواه أبو داود .
فإنما جاء الإسلام ليجمع شتات المتفرقين المتخاصمين تحت راية العقيدة فقال عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه مسلم.
وقال عز وجل:{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]
أما التعصب فإنه يؤدي دائماً إلى الفرقة والشتات، وقد حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم موقفاً ونموذجاً للعصبية التي تؤدي إلى التناحر والفرقة فنهى عن ذلك وعده من أمور الجاهلية، فعن جابر رضي الله عنه قال:(كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار فقال الأنصاري: ياللأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فَسَمَّعَهَا اللهُ رسولَه عليه الصلاة والسلام، قال: ما هذا؟ فقالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري يا للمهاجرين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة) أخرجه البخاري.
إنه ليس من المبالغة أن نقول إن التعصب هو السبب المباشر في هلاك هذه الأمة! فهو الداعي لجعل بأس أفراد الأمة بينهم شديد , فتسعى كل فرقة فيها وبعصبية مقيتة إلى الانتصار للذات وإهلاك الآخر كما قال عز وجل:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 65]
وقد روى ابن كثير في تفسيرها بضعة عشر حديثاً في الصحاح، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم -: (سألت ربي ثلاثاً، سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها) أخرجه مسلم.

فإن وقع التعصب للفصيل أو الجماعة, عندها ينشغل كل فصيل عن قضيته الكبرى – مقاتلة النظام المجرم ونصرة المستضعفين وردِّ الحقوق إلى أهلها – بتتبع أخطاء غيره من الفصائل, والبرهنة على صحة مواقفه وأفعاله , وانحدر في درك الأخذ والرد والقيل والقال , وسفاسف الأمور وصغائرها , وحل البغض والتنازع والفرقة بين المجاهدين وهي طامة الطامات, وأكبر الفاجعات, ولا حول ولا قوة إلا بالله.

3-    قبول الحق من حيث جاء منهج إسلامي أصيل:
إن التعصب للرأي أو الجماعة والفصيل يتعايش مع المرء حتى يصل به إلى مرحلة تمنعه من اتباع الحق, ويصبح ولاؤه وبراؤه للجماعة التي ينتمي إليها لا للحق الذي جاء به الرسل والأنبياء وأخرهم نبينا صلى الله عليه وسلم، وهذا مهلكة للعبد – فضلاً عن أن يكون مجاهداً -  لا ينبغي أن يسلك مسالكها, فالحق أحق أن يُتبع وإن كان من المخالف، بل إن الحق هو بُغيَة كل صادق , وهو منهج أصيل في ديننا، علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابتُه الكرام من بعده ..
وهذا الشافعي - رحمه الله تعالى - يقول: "ما كلّمتُ أحداً إلا أحببتُ أن يُوفق ويُسدد ويُعان، وما كلمتُ أحداً قط إلا ولم أبال بيّن الله الحق على لساني أو لسانه".

4- صور مضيئة في قبول الحق:
 قبول الحق من المرأة :
وهذا جاء في قصة المرأة التي عارضت الفاروق عمر عندما قال: لا تغالوا في مهور النساء ، فقالت امرأة : ليس ذلك لك يا عمر ؛ إن الله يقول " وآتيتم إحداهن قنطاراً من ذهب " – قال : وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود – ( فلا يحل لكم أن تأخذوا منه شيئاً ) ، فقال عمر : إن امرأة خاصمتْ عمر فخصمتْه .. وإن صحت هذه القصة عنه رضي الله عنه فهي دليل – كما أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه منهاج السنة - على كمال فضل عمر ودينه وتقواه ورجوعه إلى الحق إذا تبين له ، وأنه يقبل الحق حتى من امرأة .
 قبول الحق ولو قال به فاسق أو شاعر:
روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم – ( أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ أَلاَ كُلُّ شَىْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلُ .)
وفي هذا الحديث: - قال الشيخ عثيمين رحمه الله في "شرح رياض الصالحين" : - إشارة إلى أن الحق يقبل حتى ولو كان من الشعراء فالحق مقبول من كل أحد جاء به، حتى لو كان كافرا وقال بالحق فإنه يقبل منه، ولو كان شاعرا أو فاسقا وقال بالحق فإنه يقبل منه
تصديق الكافر:
كما قصَّ الله تعالى علينا ما قالت بلقيس, التي كانت كافرةً تعبد الشمس من دون الله: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) ، فقال تعالى تصديقاً لقولها: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)النمل 34
بل حتى من شر الخلق( إبليس ):
فقد روى البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه – قَالَ:( وَكَّلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِى آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ ، وَقُلْتُ وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . قَالَ إِنِّى مُحْتَاجٌ ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ ، وَلِى حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ . قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِىُّ- صلى الله عليه وسلم - « يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ » . قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً فَرَحِمْتُهُ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ » . فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُ سَيَعُودُ . فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . قَالَ دَعْنِى فَإِنِّى مُحْتَاجٌ ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ لاَ أَعُودُ ، فَرَحِمْتُهُ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ » . فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ . قَالَ دَعْنِى أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا . قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ . فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِى كَلِمَاتٍ،يَنْفَعُنِى اللَّهُ بِهَا ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « مَاهِىَ » . قُلْتُ قَالَ لِى إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) وَقَالَ لِى لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَىْءٍ عَلَى الْخَيْرِ . فَقَالَ النَّبِىُّ- صلى الله عليه وسلم - « أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ » . قَالَ لاَ . قَالَ « ذَاكَ شَيْطَان).
فصرنا متعبدين بقول رسولنا بعد هذه الحادثة ... فالله أكبر ما أعظم هذا الدين وما أشنع فعل المتعصبين ..
لأَنْ أَكُونَ ذَنَبًا في الحَقِّ أَحبُّ إليَّ مِن أن أَكُونَ رأسًا في البَاطلِ:
- جَاء في «تاريخ بغداد» (10/308) - بسندٍ حَسنٍ في تَرجمةِ عُبيدِ اللهِ بنِ الحسنِ العنبريِّ، قالَ الخطيبُ : وكانَ مَحمُودًا، ثِقَةً، عَاقلًا من الرِّجالِ :
أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ مَهدِيٍّ قالَ : كنَّا في جَنَازَةٍ فيها عُبيدُاللهِ بنُ الحسنِ، و هُو على القَضَاء، فلمَّا وُضِعَ السَّريرُ جلسَ، وجَلسَ النَّاسُ حَولَهُ، قال : فسألتُهُ عن مَسألةٍ؛ فغَلِطَ فيهَا، فقلتُ : أصلحَكَ اللهُ !، القَولُ في هذه المَسألَةِ كَذا وكَذا إلَّا أنِّي لم أُرِدْ هَذه، إنَّما أَردتُ أن أرفَعَكَ إلى ما هُو أكبرُ منهَا، فأَطْرَقَ سَاعةً، ثمَّ رَفَعَ رأسهُ، فقالَ : إِذَنْ أَرجِعُ ! ، وأنَا صَاغِرٌ !! ، إِذَنْ أَرجِعُ !، وأنَا صَاغِرٌ !!؛لأَنْ أَكُونَ ذَنَبًا في الحَقِّ أَحبُّ إليَّ مِن أن أَكُونَ رأسًا في البَاطلِ ! .
وكان معاذ بن جبل يقول في كلامه المشهور عنه ; الذي رواه أبو داود في سننه : اقبلوا الحق من كل من جاء به ; وإن كان كافراً - أو قال فاجراً - واحذروا زيغة الحكيم . قالوا : كيف نعلم أن الكافر يقول كلمة الحق ؟ قال : إن على الحق نوراً أو قال كلاما هذا معناه .اهـ

5- الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية:
فيا أيها المجاهدون الأبطال : بعد هذا البيان فعليكم بالحق والانقياد له, واعلموا أن علامة صدق المرء قبوله للحق وانصياعه له, وأن التعصب للفصيل أو المجموعة التي تنتمي إليها ينتهي مفعوله عند مساس هذا الولاء للحق وتعارضه معه, فالزم الحق ودر معه حيث دار وكان حاملاً لفصيلك على اتباعه تفلح وتنجح ..
واختلافك مع أقرانك في غير فصيلك أو جماعتك لا ينبغي أن يهدم أواصر الأخوة بينكم فالحق يجمعنا جميعاً حتى لو اختلفنا في بعض الأمور،
وخذ مثلاً لهؤلاء الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - حين مدح إسحاق بن راهويه، مع أنه كان يختلف معه في عدد من المسائل، فقال: "لم يعبر هذا الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً".
وهذا الشافعي رحمه الله يحرص على بقاء روابط الأخوة بينه وبين من يخالفه، حيث قال يونس الصدفي – رحمه الله – يمتدح الشافعي: "ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق؟!

6- أعظم ما يعين على ترك التعصب:
بعد الحديث عن أسباب وأخطار التعصب وآثاره المدمرة على العمل الإسلامي المعاصر, نقول: إن أعظم ما يعين على ترك التعصب هو:
إخلاص النية وضبطها والتجرد في الوصول إلى الحق والعمل به:
وهو ما سوف يقطع الطريق على الشيطان وأهواء النفس أن تضل أو أن تطغى، ما دامت بغيتها الوصول إلى الحق بدليله، والانغماس في العمل بعيداً عن النقاشات الحادة والجدال الذي لا يأتي بخير.
وما دام العاملون يتميزون بالإخلاص والتجرد في طلب الحق فلن يتردد أحدهم في اتباعه متى ظهر حتى لو كان على لسان غيره من الاتجاهات أو الحركات، ولعلنا نتذكر كلام الإمام أبي حنيفة في هذا الصدد؛ إذ كان يقول عند الإفتاء:«هذا رأي النعمان بن ثابت ـ يعني نفسه ـ وهو أحسن ما قدرت عليه؛ فمن جاء بأحسن منه فهو أوْلى بالصواب».
 ونقل عن الإمام الشافعي أنه قال: «ما ناظرت أحداً إلا قلت: اللهم أجْرِ الحق على قلبه ولسانه؛ فإن كان الحق معي اتبعني، وإن كان الحق معه اتبعته»
وكان يقول: «ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطئ».
وكان عبد الله بن أحمد بن حنبل يحكي عن أبيه أنه قال: قال الشافعي: «أنتم أعلم بالحديث والرجال مني؛ فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني به أي شيء يكون: كوفياً أو بصرياً أو شامياً حتى أذهب إليه إذا كان صحيحاً»

7/جمادى الأولى/1436ه
الموافق لـ 26/2/2015م
 

دور الخطباء في سوريا ؟!
دور فعال ومؤثر (صوتأ 120) 81%
غير فعال (صوتأ 27) 18%
لا أدري (صوتأ 2) 1%
تاريخ البداية : 26 ديسمبر 2013 م عدد الأصوات الكلي : 149