1-إن تنصروا الله ينصركم
2-لابد من جراح وآلام
3-أمة الإسلام لا تموت ولن تموت
4-الأمم الظالمة المعادية للمؤمنين أمم هالكة لامحالة
5-احذروا قاعدة الاستبدال
6- ا تخونوا الله والرسول
7-الفشل قرين التنازع
8-النصر لا يستورد
9-أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي
مقدمة:
إن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، وطريق الجهاد يصحبه البأساء والضراء والبلاء والابتلاء، وفي هذا الطريق الطويل قد يُصاب البعض باليأس والإحباط وخاصة عند رجحان كفة العدو على كفة المؤمنين؛ لذا كان لابد من التذكير المستمر بالمبشرات وبالمبادئ التي تمسك بها الأولون فكانت لهم مناراً مرشداً ودليلاً هادياً حتى وصلوا إلى برِّ الأمان.
وإليكم هذه المحطات التي تحتاجها الأمة اليوم:
عناصر الخطبة:
1- المحطة الأولى: إن تنصروا الله ينصركم.
2- المحطة الثانية: لابد من جراح وآلام.
3- المحطة الثالثة: أمة الإسلام لا تموت ولن تموت.
4- المحطة الرابعة: الأمم الظالمة المعادية للمؤمنين أمم هالكة لا محالة.
5- المحطة الخامسة: احذروا قاعدة الاستبدال.
6- المحطة السادسة: لا تخونوا الله والرسول.
7- المحطة السابعة: الفشل قرين التنازع.
8- المحطة الثامنة: النصر لا يستورد.
9- المحطة التاسعة: أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي.
1-إن تنصروا الله ينصركم
إن النصر لا يأتي بالتمني ولا بمجرد الكلام والخطب وسرد قصص من انتصروا قبلنا، بل لا بد من العمل، بل والعمل الدؤوب المخلَص المستمر، قال تعالى:( إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) [محمد:7] ونصر الله يكون بتطبيق شرعه.
وقد يقول قائل: إن هذا ليس في يدينا، وتطبيق الشرع مسئولية الحاكم.
والجواب: إن تطبيق الشرع يكون على ثلاثة مستويات:
على المستوى الفردي:
ففعل الطاعات واجتناب المحرمات هو تطبيق للشرع،
ورد الحقوق إلى أصحابها، وعدم ظلم وأذية الناس، وعدم الظن السيئ بهم لإيقاعهم في العنت، هو من تطبيق الشرع،
والصلاة والصيام والزكاة والحج تطبيق للشرع،
وعدم التعامل بالربا تطبيق للشرع،
والحجاب وبر الوالدين ورعاية الجار وحفظ حقوق الطريق تطبيق للشرع.
فهناك أمور كثيرة جداً من أمور الشرع يقع تطبيقها على الفرد لا على الحاكم.
على المستوى الجماعي:
يقول صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).
فأنت تستطيع أن تطبق الشرع في بيتك، ومع تلامذتك إن كنت مدرساً، ومع موظفيك في العمل إن كنت رئيساً، ومع زبائنك إن كنت تاجراً.
هناك أمور كثيرة في المجتمع نستطيع أن نطبق فيها الشرع دون حاكم، مثل: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاربة الفساد والرشوة بقدر ما نستطيع.
المستوى الثالث: وهو المستوى الذي يتطلب حاكماً لتطبيق الشرع
مثل: إقامة الحدود، وتسيير الجيوش للجهاد، ورفع الضرائب، ومنع الخمور، وإغلاق الملاهي وأماكن الرقص والفجور، ووقف المولاة مع أعداء الأمة، والاكتفاء بمولاة المؤمنين، فهناك أمور كثيرة لا بد أن يطبقها الحاكم.
فإذا كان المسلمون لا يطبقون الشرع على أنفسهم في الإطار الذي يستطيعونه فكيف يتوقعون أن ينزل الله عز وجل عليهم نصره، هذا عكس السنة التي لا تبديل لها ولا تحويل، (إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) [محمد:7].
2-لابد من جراح وآلام
إن أي فئة اختارت لنفسها طريق التضحية والفداء لابد لها أن تصبر وأن تتواصى بالصبر؛ لأن هذا الطريق مليء بالجراح والآلام والقروح، ولكن لتعلم أمتنا أنه ليست هذه أول الجروح والآلام،
فلقد ذبح الصليبيون في بيت المقدس سبعين ألفاً من المسلمين في يوم واحد، حتى هيأ الله صلاح الدين الأيوبي ومن معه من المجاهدين؛ ليطهروا الأرض من الصليبيين.
واستباح التتار بغداد وقتلوا من أهلها ألف ألف ( مليون مسلم ) في أربعين يوماً،
يقول ابن كثير رحمه الله في تاريخه واصفاً حال المسلمين يوم أن نزل بهم التتار:
" ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الِّرجال والنِّساء والولدان والمشايخ والكهول والُّشبان ودخل كثيٌر من النَّاس في الآبار٬ وأماكن الحشوش٬ وقنى الوسخ٬ ومكثوا كذلك أياًما لا يظهرون٬ وكان الجماعة من النَّاس يجتمعون إلى الخانات٬ ويغلقون عليهم الأبواب٬ فتفتحها التَّتار إَّما بالكسر وإما بالنَّار٬ فيهرب النَّاس إلى الُّسطوح٬ فيقتلونهم هناك حتَّى جرت الميازيب بالِّدماء في الأزقة!! وقتل خلال الأربعين يوًما ألف ألف وثمانمائة ألف!! فإنَّا وإنَّا إليه راجعون.. وكان الَّرجل يستدعى فيخرج بأولاده ونسائه فيساقون إلى المقبرة ثَّم يذبحون ذبح الِّشياه٬ ويؤسر من يختارون من بناته وجواريه.. ولما انقضت الأربعون خرج التَّتار من بغداد٬ وبقيت خاوية على عروشها٬ القتلى في الُّطرقات كالتَّلال٬ وسقط عليهم المطر فأنتنوا٬ وتغير الهواء٬ ووقع بسبب ذلك وباء مات بسببه خلق في الَّشام من سريان الهواء الفاسد إليهم!! أَّما من كان مختبئًا في المقابر والمطامير٬ فخرجوا بعد الأربعين يوًما كأنَّهم موتى نشروا من قبورهم.. قد أنكر بعضهم بعًضا.. لا يعرف الوالد ولده.. ولا الأخ أخاه.. فلم يلبثوا أن أصابهم الوباء فتصرعوا٬ ولحقوا بمن مضى٬ واجتمعوا تحت الثَّرى٬ بأمر الَّذي يعلم الِّسر وأخفى٬ الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى "
(ج 215/13 بتصرف)
وبعد هذه المحنة العظيمة٬ كشف الله تعالى الكربة٬ ورفع البلاء٬ وراجع المسلمون دينهم٬ وعاد لهم عّزهم ومجدهم و بعث الله قطز ومن معه من أبطال المسلمين، فكانت معركة عين جالوت، وكان النصر والتمكين.
بل حصل ما هو أشد من ذلك:
جهز القرامطة -وهم طائفة من أخبث طوائف الشيعة جيشاً لغزو مكة المكرمة، ودخلوا الحرم المكي والبيت الحرام في اليوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية في سنة 617هـ، واستباحوا مكة وأهلها، وسفكوا دماء كل من كان بالحرم من الحاجين، حتى من تعلق بأستار الكعبة، وتناثرت الأشلاء في الكعبة المشرفة، وسالت الدماء على أطهر بقعة في الأرض، وكان زعيمهم - عليه لعنة الله- أبو طاهر سليمان الجنابي يقف على باب الحرم يقول:
أنا لله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا
وهذا كفر بواح، بل وأرسل رجلاً من أتباعه فنزع الحجر الأسود من مكانه وأتي به إليه، فرفعه إلى السماء وقال في كفر صريح:
أين الطير الأبابيل أين الحجارة من سجيل
وانتزع الحجر الأسود من مكانه لمدة اثنتين وعشرين سنة كاملة، ولم يعد إلا في سنة 339 هـ، وظل المسلمون يحجون إلى بيت الله الحرام اثنتين وعشرين سنة بدون حجر أسود.
3-أمة الإسلام لا تموت ولن تموت
وإليك أخي المسلم هذه المبشرات:
قال تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة: 32)
(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (المائدة: 56)
(كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة: 21)
عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لن يبرح هذا الدين قائما، يقاتل عليه عصابة من المسلمين، حتى تقوم الساعة) (مسلم: 1922)
وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم فيه بطاعته إلى يوم القيامة ) (رواه ابن ماجه إلى قوله بطاعته /8، وحسنه الألباني في صحيح الجامع).
وعن تميم الداري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ( ليبلغن هذا الأمر مبلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز، أو بذل ذليل، يعز بعز الله في الإسلام، ويذل به في الكفر) (رواه أحمد/16957، وغيره، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي).
وعن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها..) (مسلم: 2889)
إن بقاء أمة الإسلام أمر حتمي .. تواترت عليه الأدلة من الكتاب والسنة.. ولابد أن يفقه المسلمون ذلك.
4-الأمم الظالمة المعادية للمؤمنين أمم هالكة لامحالة
إن الدول الكافرة الظالمة مهما عربدت وطغت وتكالبت على أمة الإسلام فإن الله سيهلكها، فدولة الروس والأمريكان والروافض وغيرها من الدول الظالمة كلها دول هالكة لا محالة إن بقيت على طريقها ومنهاجها؛ لأنها قد استجمعت أسباب الهلكة التي قررها الله في كتابه في قصص هلاك الأمم الظالمة، فقد اتصفت هذه الدول بالكبر والظلم والترف والعنصرية والبطر وغرقت في الذنوب وهي صفات لا تقوم مع وجودها الأمم.
فالأصل الإسلامي الذي ينبغي أن نستوعبه هو:
( لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) (آل عمران: 196-197)
( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ) (الكهف: 59)
( أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ * كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ) (المرسلات: 16-18)
( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ ) (محمد: 13)
5-احذروا قاعدة الاستبدال
إن الله عز وجل كان من سنته أن يهلك القرى الظالمة بكاملها قبل أمة الإسلام.. أما مع أمة الإسلام فإنه يمضي قانوناً خاصاً.. هو قانون الاستبدال،
فيهلك الجيل الفاسد من المسلمين، وينشئ جيلاً صالحاً مكانه،
ويستبدل بجيل ألف القعود جيلاً اشتاق إلى الجهاد والحركة والبذل والعطاء،
ويستبدل بجيل ألف السكوت ورضي بالذل والظلم جيلاً شجاعاً صدّاعاً بكلمة الحق ينير الطريق للحائرين،
ويستبدل بجيل ألف البخل والشحَّ جيلاً منفقاً سخياً يقدم مرضات الله على محبوبات نفسه،
هذه سنة إلهية ماضية،
قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (التوبة:38-39).
ويقول الله عز وجل في سورة محمد: ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) (محمد: 38).
6- ا تخونوا الله والرسول
إن كل من يوصل الأخبار اليوم للعدو كي يقتل المسلمين فهو خائن لله ورسوله والمؤمنين، فكم من أنفس أزهقت وأناس هجرت وبيوت هدمت ورجال ونساء وراء قضبان الحديد وسياط العذاب مرت عليهم السنين لا يعرفون الليل من النهار.. كل ذلك بسبب مخبر خان الله ورسوله والمؤمنين.
قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (الأنفال:27)
نزلت هذه الآية في أبي لُبَابَةَ بن عبد المنذر الأنصاري٬ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:( حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة ٬ فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير ٬ على أن يسيروا إلى إخوانهم بأذرعات وأريحا من أرض الشام. فأبى أن يعطيهم ذلك إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ٬ فأبوا ٬ وقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة ٬ وكان مناصحاً لهم لأّن ماله وعياله وولده كانت عندهم ٬ فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم ٬ فقالوا : يا أبا لبابة ما ترى ؟ أننزل على حكم سعد بن معاذ ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه : إنه الذبح فلا تفعلوا . قال أبو لبابة : والله ما زالت قدماي حتى علمت أن قد خُنت الله ورسوله٬ فنزلت فيه هذه الآية . فلما نزلت شد نفسه على سارية من سواري المسجد وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله علي٬ فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاما حتى خَّر مغشيا عليه ٬ ثم تاب الله عليه ٬ فقيل له : يا أبا لبابة قد تيب عليك ٬ فقال : لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني٬ فجاءه فحله بيده ٬ ثم قال أبو لبابة : إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب٬ وأن أنخلع من مالي٬ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يجزيك الثلث أن تتصدق به ). (أسباب النزول للواحدي).
7-الفشل قرين التنازع
ورد لفظ التنازع في القرآن سبع مرات، وورد لفظ الفشل في أربعة مواضع، وجاء الربط بينهما في ثلاثة مواضع:
قال تعالى:
( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (الأنفال: 46)
( وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم ) (آل عمران: 152)
( إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَـكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) (الأنفال: 43)
إن جزءاً كبيراً مما أصاب الأمة ويصيبها من الفتن والنكبات؛ إنما هو بسبب ما جرى في الأمة من التنازع والفرقة،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ وهذا التفريق الذي حصل من علماء الأمة ومشايخها، وأمرائها وكبرائها؛ هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها ].
إن النبي صلى الله عليه وسلم ما بنى دولته إلا بعد أن آخى بين المهاجرين والأنصار،
وصلاح الدين رحمه الله ما قاتل الصليبيين وانتصر عليهم إلا بعد أن جمع كلمة الأمة أولاً وذلك بتوحيده بين مصر والشام.
فيا أيها المؤمنون:
( عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ).
( من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ).
( لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً ).
( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ).
( إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث ).
( إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة ).
( إياكم والظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ).
( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ).
( بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ).
( كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله ).
( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ).
8-النصر لا يستورد
لا بد أن يفهم المسلمون أن النصر بضاعة محلية لا تستورد من الخارج، وإنما تصنع في بلاد المسلمين وفي أمة الإسلام.
إن أمم الكفر وإن تظاهرت بنصرة المسلمين فإنها كاذبة؛ لأن الله يقول: ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) (البقرة: 120)
فلا تعلقوا قلوبكم بهم فتخسروا ولاية الله ونصرته.
ويقول تعالى: ( وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) (البقرة: 217)
نعم وقفت فرنسا بجوار إخواننا من المسلمين في العراق!!
ولكن اعلموا جيداً أن فرنسا ما فعلت ذلك من أجل سواد عيون أهل العراق؛ وإنما للحفاظ على الوجود الفرنسي في مواجهة الغول الأمريكي المفترس،
ولا تنسوا ما فعلته فرنسا في الجزائر وتونس والمغرب وسوريا ولبنان وقبل ذلك في مصر، وأنها كانت لها اليد الطولى وما زالت في الفتنة الدائرة في بلاد الجزائر.
نعم وقفت روسيا أيضا مع أهل العراق، ولكن لا تنسوا إخوانكم في الشيشان، ولا ما حدث منذ سنوات في أفغانستان، وما تفعله الآن بكم يا أهل سوريا.
والأمم المتحدة كذلك، ولكن لا تنسوا ما فعلته الأمم المتحدة في فلسطين، ولا تنسوا قرار التقسيم الظالم الذي قسم فلسطين إلى قسمين: عربي وإسرائيلي في سنة 1947م، ولا تنسوا التخاذل والتهاون والغش والخداع، لا تنسوا الكيل بمكيالين، والعفو عن الظالمين وعقاب المظلومين.
فلا تعلقوا قلوبكم بتلك الدول ولا بأمريكا ولا بغيرها من أمم الأرض، فقرار النصر يكون من عند الله، ولا يصدر القرار من الله حتى يحين موعده، ( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ) (الكهف: 59)
توكلوا على الله ولا تعلقوا قلوبكم بغيره، فالنصر لايكون إلا من عنده، ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) (آل عمران: 160)
وتذكروا:
ما حكَّ جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك
9-أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي
هذه كلمة قالها الصديق رضي الله عنه وأرضاه عند الردة التي حصلت من الأعراب بعد موت رسول الله، يعبر فيها عن القيام بدوره حتى لو قعد الآخرون، فالمسئولية فردية، فنحن أمرنا أن نعمل مجتمعين ولكننا سنحاسب فرادى، ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) (المدثر: 38)، وقال تعالى: ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) (الأنعام: 94)، فلو قعد كل المسلمين فما المبرر لأن تقعد أنت؟
ولو تكاسل كل الخلق فما الداعي لأن تتكاسل أنت؟
ولو دخل كل أهل الأرض النار أيكون هذا مبرراً لأن تدخلها معهم؟!
والله لا يؤاخذ أحداً بجريمة أحد، وأنت لا تعمل لفلان أو لعلان، ولا لرئيس أو ملك، ولا لشهرة أو سمعة، ولا لمال أو سلطان، وإنما تعمل لله رب العالمين، وهو عز وجل حي لا يموت، ولا يظلم مثقال ذرة، فلماذا الركود والفتور والكسل؟ فاعمل بكل طاقتك، وتذكر: أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي.