1-أمة لا تحزن والتاريخ شاهد
2-اعتصوا بالله ولا تحزنوا
3-علاج الحزن والوهن
4-الجهاد يزيل الهم والغم
5-زوال همنا بوحدتكم
مقدمة:
عند اشتداد المدلهمات، واقتراب المهلكات، وعند ازدياد الكربات، وتكاثر الأزمات، ولما يتآمر عليك الأعداء ويحيط بك البلاء، عندها وفي تلك اللحظة الحرجة، وفي تلك الظلمة الضيقة، تأتي ساعة العطاء، ونسمع من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم النداء: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)
ما أحوجنا اليوم يا أيها الشاميون لهذا النداء، نعم أيها الأحبة أمة لا تحزن، فليس للحزن واليأس طريق لقلوبنا، وليس له سبيل لعزائمنا، بل إننا نؤمن أن الكرب كلما ضاق فقد دنا الفرج، وأن العسر مهما طال فقد اقترب اليسر والنصر، وأن الظلام مهما احتدم وتلاطم فقد آن أوان الفجر الصادق واقترب الوعد الحق.
كلُّ العِـــدَا قَدْ جَـنَّدوا طَاقَاتِهِم ضِــدَّ الهُــدَى والنُّــورِ ضِدَّ الرِّفْعَةِ
إِسلامُنا هُـَو دِرْعُـنَا وَسِـَلاحُنَا ومنارنا عَبْرَ الدُّجَــى فِي الظُّلْمَةِ
هُـَو بِالعَـقِيـدةِ رَافِـعٌ أَعْلامَـــهُ فَامْشِــي بِظِلِّ لِوَائهَــا يَا أُمَّتِــي
لا الغَـْربُ يَقصِد عِزَّنَا-كَلا- وَ لا شَـــــرْقُ التَحَلُّلِ، إنَّـــهُ كَالحَـيَّـــةِ
الكُلُّ يَقْـصــدُ ذُلَّـنَــا و هَوَانَنَـــا أَفَغَـيْرُ رَبِّي مُنْقِـــذٌ مِـــنْ شِـــدَّةِ؟
إن الشام يعاني ويقاسي محنة شديدة ومأساة عظيمة, تزيد مع زيادة الأيام, وتكثر مع كثرة الـأعداء والخصام، ولربما يدخل على بعض القلوب الوهن, وتصاب بعض النفوس بالخور, من هنا وفي هذا الظلمات المتلاطمات والأمواج العاتيات، أحببت في كلماتي هذه أن أطلق شعاعاً من النور ليبدد الضلال والظلام, وأردت أن أصنع سفينة نوح لننجو بها من أمواج الطغاة والبغاة والظُّلام.
أيها الأخوة المؤمنون: خطبة بعنوان (أمة لا تحزن) وإننا بحاجة إليها حاجة الأحياء إلى الماء، وحاجة الإنسان للهواء، وحاجة المريض للدواء، فربما يتسلل الحزن إلى قلوبنا عندما نرى أشلاء أولادنا متناثرة، عندما نرى مساجدنا ودورنا مدمرة، عندما نرى عقولنا ورجالنا مهاجرة، ربما يتسلل اليأس إلى النفوس عندما نرى الأعداء قد تكالبون لقتالنا، وتخلَّ الصديق عنا، وانتشرت البغضاء بيننا.
أخوتي وأحبتي: إن كل هذا وأكثر منه لن ينسيَ المؤمنَ نداء الله {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]
لا ولن يصدم قلبه حزن قاتل، أو يوهن عضده عدو صائل، لا لن تحزن أمة تقرأ في كتاب الله: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7].
فما بين غمضت عين وانتباهتها يبدل الله من حال إلى حال
1-أمة لا تحزن والتاريخ شاهد
نعم يا أمتي لا تحزني: فلقد مر على هذه الأمة في تاريخها المجيد من الأزمات ما يزلزل الجبال ويشيب الأطفال ويحير الرجال، ومع ذلك كله مضت الأزمة وبقيت الأمة، وما خبر الخندق عنكم ببعيد، وقد تكالب على الأمة جيوش الكفر والطغيان، وجاؤوا بقضهم وقضيضهم وعدهم وعديدهم وحدهم وحديدهم من كل مكان، جاؤوا مجتمعين لاستئصال شأفة المسلمين وكسر بيضة المجاهدين، في تلك الظروف الحالكة المظلمة الكئيبة المحزنة المخيفة، يأتي الأمل وبفأس العمل، يحطم رأس الحزن والكسل، ويعلو هتاف بسم الله، الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، بسم الله، الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، بسم الله، الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، في أيام الشدة والطغيان، تظهر حقيقة اليقين والإيمان، فإذا بالمنافقين يمترون ويكذبون ولا يصدقون، وإذا بالمؤمنين يستبشرون ويهللون ويكبرون، وما هي إلا سنوات معدودات، وخيول المجاهدين وسيوفهم وفتوحاتهم في الشام وفارس وصنعاء، صدقوا الله فصدقهم الله.
نعم يا أمتي، التاريخ شاهد: أن هذه الأمة لا تحزن لأنها أمة لا تموت، ولو اجتمع عليها من بأقطار الأرض {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران: 12].
في أيام التتار -وما أشبه أيام اللعين الخبيث ابن الخبيث بشار بأسلافه المغول والتتار-، جمع التتار كل الأشرار وأغاروا على الديار وأحرقوها بالنار، حتى ظن اليائسون أن الإسلام في الأرض قد زال، أحرقوا الأخضر واليابس، وقتلوا النفوس وقطعوا الرؤوس، واستباحوا كل شيء وجرت الدماء شلالا، وملئت الأرض خرابا ووبالا..
خطوبٌ لا تشابهها خطوب وكربٌ لا يماثله كروب
وأضلاعٌ سرى فيها التياع تكاد لهول رهبته تذوب
ولكن أمة العز لا تغلب ولا تضام، فبينما هي أمة مغلوبة قتيلة، إذا بها أمة غالبة منتصرة، يصرخ القائد الذي هزم الأحزان وركب مطية العزم والإيمان، القائد قطز هنا في بلاد الشام في عين جالوت يصرخ وينادي: وا إسلاماه وا إسلاماه، فيستجيب من اشترى الجنان ويلبي من خطب الحسان، ويجتمع الصفان، وتسل السيوف، وما هي إلا أياما، وتنتصر الأمة ويهزم التتار الغزاة، وتبقى الشام دار الإسلام رغم أنف التتار، وستبقى الشام دار الإسلام رغم أنف بشار.
فكيف تحزن أمةٌ أو تيأس ملةٌ كسرت كسرى وقهرت قيصر وتغلبت على كل الطغاة والغلاة، ولن تعجز بعون الله عن الروافض والنصيرية وأزلامهم وشبيحتهم، فهلاكهم محتم مؤكد، كما أُهلك النمرود وكما هُزمت النصارى واليهود.
فلست يا بشار أقوى أنت من كسرى وقيصر
أنت أدنى أنت أحقر أنت مـن أشلــاء خيبــر
يا أيها الشاميون المجاهدون الصامدون: ربما يدب شيء من الهلع والجزع لقلب أحدكم بسبب تكاثر العدو واجتماعه عليكم، فها هي روسيا وأمريكا والصين وإيران والتحالفات الدولية جاءوا للقضاء على جهادكم وثورتكم، وفي زعمهم ومخططهم أن يهزموكم هزيمة نفسية قبل الهزيمة الحربية، ولكن اعلموا أن اجتماعهم عليكم هو في الحقيقة بداية نصركم، نعم هذا ما ألمح إليه البيان الإلهي في قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ , سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 44-45].
فكيف تحزن أمة يقول ربها لها: أن جموع الكفار ستهزم، وأن رأس الباطل سيهدم ويحطم؟!
مهما فعلتم يا أفاعي فالسقوط معجل
فلتنسجوا أكفانكم و لتحملوا ما يُحمل
فقبوركم في أرضنا و هنا الأماني تُقتل
فلقد دنا العهد الذي قال النبي سيحصل
هذا يقين صادق إنى لأقســــم مقبل
2-اعتصوا بالله ولا تحزنوا
لا لن نحزن أو نضعف أو نيأس مهما نزلت بنا الكروب، وأحاطت حولنا الخطوب، وذلك أننا نعتصم بالله ومن اعتصم بالله كفاه، ذلك لأننا نتعامل مع الله ومن تعامل مع الله أعطاه، هذا لأن هتافنا كان وما زال وسيبقى هي لله، وما لنا غيرك يا الله، فكيف تحزن أو تقنط أمة تقرأ في كتاب ربها {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون} [التوبة: 51].
فما ينزل بنا هو لنا لا علينا، كيف تحزن أمة تقرأ في كتاب الله {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ۖ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} [التوبة: 52].
نعم سننال الحسنيين بعون الله وبقوته، سننال رغم أنف الكافرين، سننال النصر والتمكين، فنحن أمة قال لنا ربنا: {وَلَا تَهِنُوا فِي اِبْتِغَاء الْقَوْم إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّه مَا لَا يَرْجُون} [النساء: 104].
ورحم الله خبيب بن الأرت وهو على خشبة الصلب، وقد أحاط به الأعداء من كل صوب، قام فصلى لله ركعتين، ثم وقف شامخاً لا حزن يرديه، ولا خوف يعتريه، وقال شعراً قوياً مدوياً ما زلنا نقوله ونرويه:
لقـد أجمـع الأحـزاب حولـي وألبوا قبائلهــم واستجمعــوا كــل مجمـــع
إلى الله أشكو غربتي بعد كربتي ومــا أرســل الأحزاب عند مصرعـــي
ولســت أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلــك فــي ذات الإلــه وإن يشــأ يبـــارك علـــى أوصــال شلــو ممزع
الاعتصام بالله في وقت الشدائد يعني أنك لا تبالي بالنكبات ولا تهمك الأزمات، فمهما نزل من البلاء فأنت تعلم أن ما عند الله خير وأبقى , فالخوف والجوع وفقد الأبناء والأعزاء وذهاب الممتلكات والأشياء هي في نظرنا ليست إلا السبيل إلى البشرى العظيمة {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155-157].
عندما تعتصم بالله فلن يقهرك أحد , ولن يغلبك أحد , بل ستسمع عن الواحد الأحد نداء يهز القلوب ويسعد النفوس: (وعزتي وجلالي ما من عبد اعتصم بي، ثم كادت له السماوات والأرض ومن فيهن، إلا جعلتُ له من بينهن فرجاً ومخرجاً، وعزتي وجلالي ما من عبد اعتصم بغيري، إلا أسخت الأرض من تحت قدميه) فالأذلاء الحقراء هم الذين يعتصمون بغير الله، والخونة العملاء هم الذين يلتجئون لغير الله، أما المؤمنون الشجعان فهم الذين يفوضون أمرهم إلى الله قال تعالى: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر:45].
يَا أُمَّتِي مَـا خَــابَ مَـــنْ بِزِمَامِ خَالِقِهِ اعْتَصَمْ
مَـــا كَـانَ رَبُّـــكَ غَـافِـــلاً وَهُوَ الحَكِيمُ المُنْتَقِمْ
لَوْ شَاءَ أَهْلَكَ مَنْ طَغَى لَوْ شَاءَ دَمَّرَ مَنْ ظَلَمْ
فِرْعَـــوْنُ أَغْرَقَـــهُ وَلَــــمْ تُعْجِــــزْهُ عَـــادٌ أَوْ إِرَمْ
يا أهل الشام: حاشاكم ثم حاشاكم أن يدب القنوط واليأس إلى نفوسكم وأنتم تعلمون أن موتاكم شهداء عند ربهم أحياء، واللهِ إن للشهداء عند ربهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، لا لن نحزن ونحن نقرأ موعود الله للشهداء {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران: 170].
أخـي إن نمُـتْ نـلـقَ أحـبابـنا فــروْضــــــاتُ ربـــي أعــــدت لـنـــا
وأطـيـارُهــا رفـرفـــت حـولـنـــا فـطوبى لـنــا فـي ديـــار الخـلــود
سـأثـــــأرُ لكـــن لــربٍ وديــــن وأمـضي عـلى سـنـتي في يقـين
فـإما إلى النـصـر فـوق الأنــام وإمــــا إلـــى الله فــي الـخــالـديـن
أيها المؤمنون: إننا على ثقة ويقين أن اليأس ليس له إلى قلوبكم سبيل، بل إننا نرى فيكم عزائم لا تفتر، وهمماً لا تكسر، نرى رجالاً يذكروننا بالرعيل الأول صبراً وثباتاً، وهمة وجهاداً فتجدنا مولعين بحبكم مُكبرين لعملكم، إنا لنرجوا أن تكونوا كما قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].
هذا ما يبدد حزننا ويزيد في يقيننا أن الأمة ستنصر بكم، وأن الإسلام سيعز بكم، فطيبوا نفساً يا أهل الشام ففيكم جاء قوله عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ بِالْغُوطَةِ، إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ، مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ)
طيبوا نفساً يا أهل الشام بمديح رسول الله الأنام عليه الصلاة والسلام (عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ)
طيبوا نفساً ببشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا طوبى للشام يا طوبى للشام يا طوبى للشام، قالوا يا رسول وبم ذلك قال : تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام)
الشام رمـز للعلــو وسؤدد هاجت عليه زمرة المتبدد
يرجون ذﻻً للأبي الصامــد أنى لهم تعبيد حر ساجد
ما هابه قتل الغبي المعتد أو رده أن القريـــب تبلـــد
يا رب جنــداً للظــلام يبدد نصرا قويما للأحبة يسعـد
3-علاج الحزن والوهن
إن من أعظم ما علينا فعله اليوم هو تثبيت الأقدام مع الزيادة في الإقدام، ولعل بعض النفوس يدخلها حزن وألم، وتحسر وندم، فما هو الدواء لهذا الداء، ولعمر الله إن داء الخور أخطر علينا من الأعداء، وإن الهزيمة الداخلية أشد علينا من الهزيمة في ساح الوغى، فهلموا فنتعلم من كتاب ربنا وسنة بنينا علاج الهرع والجزع.
اعلموا يا أيها الأحبة: أن أعظم علاج للجزع والهلع الصلاة الصلاة، فكيف يقنط من يتصل بالله يوميا خمس مرات، بل إن أعظم أسباب السعادة الخضوع مع الخشوع لله رب العالمين في السجود والركوع، الله ما ألذها من لحظات تناجي فيها رب الأرض والسماوات، تعرض عليه فيها الطلبات وتسأله فيها الحاجات، فالصلاة معراج المؤمن وراحة المسلم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم (أرحنا بها يا بلال)
واسمع الآن يا أيها اليائس الجازع الهلع كيف يصف الله لك الدواء الناجع فيقول: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 19-22].
فأوصيكم بالصلاة ليلاً ونهاراً، فإن صلحت سعدتم ونصرتم في الدنيا والآخرة، فالصلاة طريقك للنصر وطريقك للجنة. يا موكب النور بدد حالك الظُّلَـمِ فأمــة الحــق لـم تهدأ ولم تنـم
هذي الزحوف أبو الزهراء قائدها صـرح الجهالة بسم الله فانهدم
قم يـــا بلـال و أعلنهــا مدويــــة إن الحقود عن الإيمان جد عم
اللّـــه أكبـــر قــــد دوت بكعبتنــا يا راية الله خَفقاً في سمائهم
4-الجهاد يزيل الهم والغم
واعلموا يا أحبتي: أن من أسباب السعادة والقيادة، ومما يزيل الهم والغم، ويقضي على الحزن واليأس إنه بصراحة واضحة إنه ذروة سنام الإسلام إنه الجهاد في سبيل الله.
أيها المجاهد الحبيب: إن في صدرك من السعادة، وفي نفسك من العزة، وفي قلبك من اليقين ما لو وزع على أهل الأرض لكفاهم، وأما القاعدون المتخلفون فليس لهم شفاء لهمهم وذهاب لهلعهم وجزعهم إلا الجهاد، وهذا مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجهاد في سبيل الله، فإنه باب من أبواب الجنة، يذهب الله به الهم والغم)
وهذا ما نراه سيذهب همنا وحزننا إنه جهاد أخوتنا الأبطال في حلب وإدلب ودرعا وسائر الشام , عندما نرى قوافل المجاهدين تدك حصون الكافرين نمتلئ سروراً وحبوراً، عندما نرى قائدَكم واحداً وجسدَكم واحداً ورايتَكم واحدة تغمرنا السعادة والابتهاج، ونهتف معكم ونردد:
ماضٍ، وأعرف ما دربي وما هدفي والموت يرقص لي في كل منعطف
ومـــا أبالي بـــه حتـــى أحــــاذره فخشية الموت عنـــدي أبرد الطُّرَفِ
ولا أبالــي بأشـــــواكٍ ولا محـــــن على طريقي وبي عزمي، ولي شغفي
أنا الحسام بريق الشمس في طرفٍ مني وشفرة سيف الهند في طرف
أهفو إلى جنة الفردوس محترقاً بنار شوقي إلى الأوفياء والغرف
5-زوال همنا بوحدتكم
يا قادة الجهاد في بلاد الشام: اعلموا علماً ستسألون عنه بين يدي الله أن من أعظم ما يزيل أحزاننا ويذهب يأسنا ويبدد غمنا وهمنا هو وحدة كلمتكم واجتماع صفكم، فقد رمينا عن قوس واحدة، وقد اجتمعت علينا كلاب الدنيا، فإذا أردتم أن تذهبوا غيظ قلوبنا وتفرحوا أطفالنا ورجالنا فتوحدوا واجمعوا صفكم وحققوا قول ربكم {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ} [آل عمران: 103].
فهي الفرحة الكبرى التي ينتظرها جميع المسلمين، فوحدتكم طاعةً لربكم، وسروراً لإخوانكم، وغيظاً لعدوكم، إلا تفعلوها تكن هزيمة محزنة ونهاية وخيمة.
واعلموا أن مما يبدد ظلمة اليأس ويقضي على شبح الحزن: الدعاء الدعاء فهو النور في الظلمات وهو السلاح في الأزمات وهو السهم الذي لا يخطئ والجواد الذي لا يكبو، قال الله تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} [النمل: 62].
يا صاحب الهم ان الهم منفرج ...ابشر بخير فان الفارج الله
اليأس يقطع أحيانا بصاحبه... لا تيأسان فان الكافي الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة ...لا تجزعن فان الصانع الله
فإذا بليت فثق بالله وارض به ...إن الذي يكشف البلوي هو الله
والله مالك غير الله من أحد ...فحسبك الله في كلٍ لك الله
يا أهل الشام: حاشاكم ثم حاشاكم من اليأس والقنوط ولو تقطعت منكم الأشلاء ولو بترت منكم الأعضاء، فمن مثلكم قدمتم لدينكم ولدياركم ولمسرى نبيكم، فهنيئاً لكم ثم هنيئاً لكم فأنتم أمل الأمة اليوم، وأنتم غيثها القادم وليثها المحتدم وعزها الدائم.
وإننا لنرجو فيكم يا أهل الشام بين صابر مرابط وبين مقاوم مجاهد، إننا لنرجو فيكم يا أهل الشام الكبير منكم والصغير وليس فيكم صغير، إننا لنرجو أن تكونوا غيوث وليوث الأمة في هذا الزمان، بكم تحيا الأمة وتنتصر الملة، فاثبتوا ولا تضعفوا وتوحدوا ولا تتفرقوا وتناصروا ولا تتقاتلوا وأملوا ولا تحزنوا، وأبشروا بقول الله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139].