بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وخير خلق الله أجمعين وعلى آله وأصحابه ومن استن بسنته إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد:
يا أيها المتسائلون عن سبب السقوط السريع لحلب، يا أيها الباحثون عن كوامن الفشل الذي أودى بتهجير أكثر من ربع مليون إنسان في حلب، يا أيها الناس، يا أيها الثائرون خذوا درس الحصار في حلب واحفظوه في سويداء قلوبكم.
والذي لا إله إلا هو ما كان للنظام المجرم بحصاره وآلته اﻹجرامية أن تسقط حلب برمتها، لو كنا على النحو الذي يرتضيه الله جل جلاله في تكاتفنا وتعاضدنا، في إعدادنا ﻷسباب الصمود والمواجهة، في حفظ وحماية صفوفنا من العملاء والغرباء، ولكن لنعترف أننا مخالفين لعدد من سنن الله في الكون وليس سنة واحدة فحسب:
الأمر الاول: خالفنا أمر الله بإصلاح الداخل الفردي والجماعي وانشغلنا وبتوافه وسفاسف اﻷمور، ونزل بالناس من جراء ذلك من الظلم ما لا يعلم حقيقته إلا الله، والظلم ظلمات مؤذنة بزوال العمران واﻷمم والحضارات.
الأمر الثاني: خالفنا أمر الله تعالى بوحدة الصف واجتماع الكلمة، واعتصموا، صفا كأنهم بنيان مرصوص، خالفنا ذلك فكنا شذر مذر وشغلنا ببعضنا مقدمين خدمة جليلة للنظام ليستقوي علينا، واستحق علينا الفشل، {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152]
الامر الثالث: خالفنا أمر الله تعالى فنسبنا النصر الحاصل في بعض الأحيان إلى قوتنا وعدتنا وأنفسنا بل جعلنا من ذلك معتمدا عليه ومتوكلا فكان الفشل حتى يذكرنا الله تعالى بدرس {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِين} [التوبة: 25]
فيا أيها العقلاء من أبناء ثورتنا تذكروا الدرس جيدا، واعملوا على إصلاح مواطن الخلل تصلح لكم النتائج.
الله أبرم لنا أمرا رشدا، والحمد لله رب العالمين.