الحمد لله مجيب الدعاء، وهو ملجأ العباد لطلب كل خير، وصرف للبلاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو القائل سبحانه: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [البقرة: 62].
وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، خير من دعا في سراء أو ضراء، فصل يارب وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ذوي المقامات الرفيعة والثناء.
على مدار العمر، في كل يوم، بل في كل صلاة، أنت تناجي ربك وخالقك فتقول، {إيّاك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة:4].
وإن من أركان العبادة والاستعانة به سبحانه أن تلجأ إليه جل جلاله، وأن تتذلل بين يديه عزّ سلطانه، وترفع إليه الشكوى في رفع كل بلوى، وتسأله من فضله فهو بالخير أدرى.
فيامن تبحث عن الناصح الأمين، توجّه بالسؤال وطلب الخير والاستخارة من رب العالمين، عن جابر رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كالسورة من القرآن: (إذا هم بالأمر فليركع ركعتين ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: في عاجل أمري وآجله- فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به، ويسمي حاجته).
وأنت يامن تشعر أنك من الناس بعيد، بعد أن فقدت أنيسا لك أو حبيب، وأنت يامن تجد أن مطلبك صعب الحدوث أو أنه بعيد، ناجي في الجهر والخفاء من هو أقرب إليك من حبل الوريد، واذكر قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} [البقرة:186].
واعلم أخي الحبيب أن دعاءك لله والتجاءك إلى إليه، هو أمر من الله وفرض فرضه الله: قال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة) ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
فألِحَّ الدعاء والتمسه في مواطن الاستجابة كما في الثلث الأخير من الليل، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر. فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟).
واحذر مما حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم من موانع استجابة الدعاء: (ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟)
رباه:
قــــد مسَّــنا قــــرحٌ وجـار بلاءُ وتعاظمتْ في أرضنا البأسـاءُ
وأصـابنا ضـــرٌّ تمادى حسـرة في القلــب منها لوعـةٌ وبكـاءُ
والمسلمـــون بكل أرضٍ يشتكو ن: إلهنا اشـتدتْ بنا البلـواءُ
فرِّجْ كــروبَ المؤمنين برحمــةٍ إنَّا إليــــكَ إلهنــا فقــــــــــراءُ
واكشفْ مصائبَ مَنْ أتوك تذللًا وقلــوبُهم لك رغبــــة ورجاءُ
سـيجــودُ ربي بالغياث تكـــرمًا وسـيُعقب الــداءَ الأليـــمَ دواءُ
وسيكشف الضرَّ العظيمَ بنظرةٍ وتحل مِنْ بعد الضنى النعماءُ
فخـــزائنُ الرحمــن ملأى للعبا دِ إذا ارتجـــوه وكفُّــه سـحَّاءُ