السبت 11 شوّال 1445 هـ الموافق 20 أبريل 2024 م
صفاتُ الخطيبِ والخطبةِ الناجحةِ التي تسهِمُ في معالجةِ الاختلالاتِ الفكريّةِ
الأربعاء 10 جمادى الأول 1440 هـ الموافق 16 يناير 2019 م
عدد الزيارات : 2218
صفاتُ الخطيبِ والخطبةِ الناجحةِ التي تسهِمُ في معالجةِ الاختلالاتِ الفكريّةِ

مقدمة:

خطبةُ الجمعةِ عمليةٌ متكاملةٌ بين الخطيبِ وموضوعِ الخطبةِ، فلا يمكنُ أنْ نُغفِلَ أو نُهمِلَ دورَ الخطيبِ في معالجة الاختلالات الفكرية، كما لا يمكن إهمالُ موضوعِ الخطبةِ التي تعالج المجتمعَ من مختلف الاختلالات والأمراض الفكرية الموجودة فيه.

وسوف يتمّ تناول هذه القضايا بالبحث في مؤهلات الخطيب، وبحث منهج خطبة الجمعة.

مؤهلاتُ الخطيبِ:

يشترط في الخطيب أن يتصف بالصفات التالية:

  • أن يكون ذو ثقافةٍ واسعةٍ، يحمِلُ همومَ عصرِهِ، ويعرفُ أوضاعَ مجتمعِهِ، ويجعلُ هدفَهُ إصلاحَ المجتمعِ، يستمدّ تعاليمَه من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام
  • عالماً يعرِفُ الإسلامَ معرفةً جيدة، قرأ القرآنَ وفهمه، واطَّلع على السنة، وميَّز صحيحها وحَسَنَها وضعيفَها، نال حظَّهُ من المعرفة بأحكام الإسلام، ميَّز بين الحلال والحرام والمكروه والمباح، عرف معرفةً حسنة من تاريخ الإسلام وتاريخ بلاده وأهله وتاريخ العالم، ليتمكَّن من استخلاص العظات والعبر من مصارع الأمم وأوضاعها، كذلك يعرف من التاريخ قضايا الديانات وتقلّبَها عبرَ العصور، ولما في هذه المعرفة من فوائد وعظات ولا سيما أن القرآنَ الكريم نبَّه إلى هذا من حيث النظرُ في تاريخ الأمم وأحوالها كما في قوله سبحانه: {أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ ٱلأرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَاتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [الروم:9].
  • والخطيب يستطيع بمعرفة التاريخ والأمم أن يدحَضَ أقوال المتطاولين التي تطعَن في الإسلام وحضارته، أو تدَّعي أن الإسلامَ لم يحكم الحياة ولم يكن له تأثير في تاريخ الشعوب، ومعرفةُ الخطيب بالتاريخ ستمكِّنه من معرفة الفَرق بين الجاهلية والإسلام، وكيفَ غيَّر الإسلام أوضاعَ الجاهلية، وجاء بإصلاح عظيم في مجالات التشريع والأخلاق والعبادة والعقيدة.
  • أن يكون له إلمامٌ جيِّد بعلوم عصره ولا سيما في عصرنا الحاضر أيضاً، مما يعطيه قاعدة مهمَّة لإقناع مستمعيه بحديثه، مما يحضّ مستمعي خطبه إلى حسن الاستجابة لما يقول، ويكشِف أيضاً أخطاءَ ـولا سيما في عصرنا الحاضرـ دعاةِ التوجهات المادية ممن ينكرون الأديانَ أو يقلِّلون أو يحجمون ـإن صح التعبيرـ من شأن ديننا بخاصة لأنه دين ودنيا، وهو دين ودولة.
  • ولا بد أن يحرص الخطيب على الإخلاص فمن شأن الإخلاص أن يجعله صادقاً، ويحثّه على تبليغ الرسالة وهداية الخلق إلى الله، ويمتّعه بالرضا النفسي الذي يهوّن عليه مجابهة الشدائد ومكابدةَ إعراض الناس عن عظاته وتوجيهاته، ويجعله مصراً على الاستمرار حتى يجدَ من يستمع إليه.

منهجُ خطبةِ الجمعةِ:

أما منهجُ خطبةِ الجمعةِ فقد راعى الشرعُ فيه حالةَ المكلفِ، ولا شكّ أنّ الغرضَ الأساسَ منها هو التذكيرُ والوعظُ والتنبيهُ، إذْ من المفروض أنّ المسلمَ محتاجٌ إلى التذكير بآيات الله عز وجل وأحاديث رسوله، ليستقيم حاله وليزدادَ من الخير وليرتدعَ عن الغي ويقوّم اعوجاجه ويبادر للاستجابة، على حدّ قوله سبحانه: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ} [النور:51].

وقال سبحانه: {فَبَشّرْ عِبَادِي ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـئِكَ الذين هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـئِكَ هُمْ أُوْلُو ٱلألْبَـٰبِ} [الزمر: 18].

ومن هنا شرعَ الإسلام في الخطبة عدمَ التطويل حتى يعقلَ السامع كلامَ خطيبه، وتعظمَ هيبةُ الدين في النفوس، وتُجمع همة الحاضرين لأداء الصلاة بروح خاشعة وألباب واعية وقلوب داعية.

وعن عمّار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلميقول: (إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة). صحيح مسلم: باب تخفيف الصلاة والخطبة، رقم:869 – 2\594 – دار إحياء التراث العربي – بيروت

ولا شكَّ أنَّ مثلَ هذه الآدابِ في الخطبة هي آدابٌ تؤدّي إلى حصول الفائدة من الخطبة، وذلك بالعدول عن التطويل المملّ إلى الاختصار غير المخل، وخير الكلام ما قلّ ودلّ، وهو أسلوب تنفردُ به الخطبة عن المحاضرة، إذ الخطبة موجَّهة لعموم الناس على اختلاف طبقاتهم، وأيضاً ليسوا في [المحاضرة] ملزَمين بوجوب الإنصات ولا بلزوم الخصور، وإنما المحاضرة اختيارية، بينما الخطبة يجب أن ينصتوا، فلما وجَب عليهم الحضورُ والإنصات خوطب الإمامُ بأن يخفّف عليهم.

فالخطبة تقوم على الإيجاز وعلى الفكرة السريعة الخطابية والإقناع ببراهين الوحي من الكتاب والسنة، وهي أشدّ تأثيراً وحكمة وحكماً من براهين المنطق المجرّد.

وعند تتبُّعِ منهجِهِ صلى الله عليه وسلم في الخطبة نجد ما يلي:

  • السلام على الناس قبل الخطبة.
  • الحمد لله والثناء عليه، والشهادتين.
  • الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
  • الوصية بتقوى الله تعالى وتذكير الناس بما أراد بيانه لهم في الخطبة.
  • قراءة آيات من القرآن الكريم في الخطبة.
  • الدعاء للمسلمين والمسلمات عامة ولولاة أمرهم خاصة كما هو منهج السلف الصالح، مع مراعاة الإجمال في الدعاء وعدم التخصيص بذكر الأسماء، لا سيما ما يسبب الإثارة والفتنة. خطب الجمعة ومسؤوليات الخطباء ص: 7 - وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد –السعودية – 1425 هـ

قال جابر: كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب يوم الجمعة يقول بعد أن يحمد الله ويصلى على أنبيائه: (أيها الناس، إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، إن العبد المؤمن بين مخافتين، أجل قد مضى لا يدرى ما الله قاض فيه، وبين أجل قد بقى لا يدرى ما الله صانع فيه، فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الممات، والذى نفسى بيده، ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم). المواهب اللدنية بالمنح المحمدية – أبو العباس شهاب الدين- 3/ 279 – المكتبة التوفيقية – مصر

نلاحظ في هذه الخطبة أمربن:

  • قصر الخطبة.
  • اشتمالها على معاني كثيرة.

يدور معنى الخطبة على الخوف من الله تعالى واغتنام الشباب والدنيا بالعمل الصالح والرضا بقدر الله قبل فوات الأوان.

1 - صحيح مسلم: باب تخفيف الصلاة والخطبة، رقم:869 - 2\594 - دار إحياء التراث العربي - بيروت
2 - خطب الجمعة ومسؤوليات الخطباء ص: 7 - وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد -السعودية - 1425 هـ
3 - المواهب اللدنية بالمنح المحمدية - أبو العباس شهاب الدين- 3/ 279 - المكتبة التوفيقية - مصر
دور الخطباء في سوريا ؟!
دور فعال ومؤثر (صوتأ 114) 80%
غير فعال (صوتأ 27) 19%
لا أدري (صوتأ 2) 1%
تاريخ البداية : 26 ديسمبر 2013 م عدد الأصوات الكلي : 143