1- طُهر أصله عليه الصّلاة والسّلام
2- تكريم الله لهذه الأمّة، وحرص نبيّها عليها
3- وجوب محبّته صلى الله عليه وسلم
4- التّأسّي والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم
5- نصيحةٌ وتوجيه
مقدمة:
ولد النّبيّ وجاءت الأحكامُ وتنكّست بظهوره الأصنامُ
وترنّمت فوق الغصون بلابلٌ فرحاً وكان لذلك استعظامُ
يا ليلة الميلاد حزتِ مفاخراً في العالمين وساد فيكِ سلامُ
يا ليلة الميلاد جئتِ بخير مَن نشر الهدى فانجادت الأوهامُ
ربّى النّفوس بحكمةٍ وعدالةٍ غرّاء حتّى أشرق الإسلامُ
تعيش أمّة الإسلام هذه الأيّام ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فميلاده ميلاد أمّةٍ، وميلاد فجرٍ جديدٍ، سطع على البشريّة ليخرجهم من الظّلمات إلى الّنور، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام، فكانت ولادته فتحاً، وبعثته فجراً، فتح الله به أعيناً عُمياً، وآذاناً صمّاً، وقلوباً غلفاً، وكثّر به بعد القلّة، وأعزّ به بعد الذلّة.
1- طُهر أصله عليه الصّلاة والسّلام
وُلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشرف البلاد وأكرمها على الله عز وجل وعلى العباد، ومن بحر بحرتها ظهرت درّته اليتيمة، وفي أفق سمائها طلعت شمس طلعته الوسيمة، فيالها من بلدٍ بركتها ناميةٌ، وموارد فضائلها طافيةٌ، وأركان بيتها بالأمن مأهولةٌ.
ولد صفوة سلالة قريش وصميمها، ونخبة بني هاشم راحلها ومقيمها، وأشرف العرب بدواً وحضراً، وأفضلهم بيتاً وأعزّهم نفراً من قبل أبيه ذي النّسب الزّاكي نور نضرته، ومن جهة أمّه ذات الحسب الزّاهي ضوء زهرته، ولقد احتجّ القرآن على قومه بخالص نسبه الشّريف فيهم فقال لهم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [التّوبة: 128].
ولقد حفظ الله سلسلة النّسب النّبويّ الشّريف فقال: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشّعراء: 218-219].
وأخبرنا صلى الله عليه وسلم عن نقاء هذا النّسب، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ، وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ، مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى أَنْ وَلَدَنِي أَبِي وَأُمِّي).
سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ؟ {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}، قَالَ: فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "عَجِلْتَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَكُنْ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ، إِلا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ".
ولقد بعثه الله من خير القرون والقبائل.
إذا افتخرت قريشٌ بالمعالي وبالشّرف الرّفيع لدى الكرامِ
فهاشمها خلاصتها ومعنى عبارة مجدها بين الأنامِ
وسرّ صميمها من لا يسامى رسول الله مصباح الظّلامِ
عن وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ).
وروى التّرمذي عَنْ المُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، قَالَ: جَاءَ العَبَّاسُ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَأَنَّهُ سَمِعَ شَيْئًا، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى المِنْبَرِ فَقَالَ: (مَنْ أَنَا؟)، فَقَالُوا: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْكَ السَّلَامُ. قَالَ: (أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ بَيْتًا وَخَيْرِهِمْ نَسَبًا).
تقلّبتَ في أصلاب أرباب سؤددٍ كذا الشّمس في أبراجها تتنقلُ
ولله وقتٌ جئت فيه وطالعٌ سعيدٌ على أهل الوجود ومقبلُ
هنيئاً لقومٍ أنت منهم وفيهم بدا بك بدرٌ بالجلال مسربلُ
فهذا هو محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة واسمه عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان وعدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم صلّى الله عليهما وعلى نبيّنا وسلّم.
2- تكريم الله لهذه الأمّة، وحرص نبيّها عليها
لقد جعل الله رسوله سبباً لهداية الخلق، حيث بعثه الله تعالى والنّاس في ضلالٍ وضياعٍ، وفي غوايةٍ وعمىً، يأكل القويّ الّضّعيف، جهلٌ مطبقٌ، وظلامٌ دامسٌ، وشريعة الغاب سائدةٌ، لا يُعرَف معروفٌ، ولا يُنكَر منكرٌ، كما بيّن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي).
لقد رحم الله به هذه الأمّة، فأكرمها وفضّلها وشرّفها، وخصّها من المكرمات، ومنحها من الأعطيات ما لا يكون في أمّةٍ من الأمم، فجعلها خير الأمم فقال: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110].
وسمّاها بالمسلمين فقال: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحجّ: 78].
وخصّهم بالإسلام فقال: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [آل عمران: 3].
وأكمل لها الدّين، وأتمّ عليها النّعمة فقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [آل عمران: 3].
وحطّ عنها من الإصر والأغلال ما كان موجوداً في الأمم السّابقة فقال: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157].
وجعل هذه الأمّة أولّ من يجتاز الصّراط يوم القيامة، وأولّ من يدخل الجنّة: عَن وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَهَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللهُ لَهُ، فَهُمْ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، فَالْيَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ).
وسيفديها بغيرها من الأمم: عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، دَفَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ).
وجعلها أكثر أهل الجنّة: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ: (أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ)، قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: (أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ)، قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: (أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ)، قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ).
وكلّ هذا التّكريم من الله تعالى لهذه الأمّة إنّما كان لتبعيّتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الّذي كان حريصاً على أمّته حرصاً لم يكن مثله عند بقيّة الرّسل عليهم الصّلاة والسّلام، حيث قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [التّوبة: 128].
ويبيّن حرصه على نجاتها ما رواه أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ أُمَّتِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَتِ الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهِ، فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فِيهِ).
ومن حرصه على أمّته تأخيره دعوته المستجابة لتكون شفاعةً لهم: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كُلُّ نَبِيٍّ سَأَلَ سُؤْلًا) أَوْ قَالَ: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا فَاسْتُجِيبَ، فَجَعَلْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ).
ومن المواقف المؤثّرة التي تدلّ على شدّة حرصه على أمّته؛ بكاؤه عليه الصّلاة والسّلام خوفاً على أمّته، فقد روى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم: 36].
وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118].
فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: (اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي)، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟)، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: (يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ).
فمن كان هذا حاله وحرصه وشفقته ورحمته بأمته كيف لا يُحبّ؟! وكيف لا يُفدى بالأرواح والمُهج؟!
3- وجوب محبّته صلى الله عليه وسلم
إنّ ما سمعناه عن حرصه عليه الصّلاة والسّلام على هذه الأمّة إنّما منبعه محبّة رسول الله لأمّته، ولقد علّمنا ديننا الحنيف أن نقابل الإحسان بالإحسان، وأن نبادل الحبّ بالحبّ، فبناءً على ذلك وجب علينا أن نحبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حبّاً يفوق حبّناً لأنفسنا، لأنّ رسول الله أولى بنا من أنفسنا، فقد قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6].
ولقد فرض الله علينا محبّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسدّ جميع الطّرق إلى جنّته إلّا طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت محبّته عقداً من عقود الإيمان، وعلامة الصّدق في هذه المحبّة لزوم سنّته واتّباع هديه، حيث قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31].
ولقد تفانى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في محبّته، وآثروه على أنفسهم وآبائهم وأمّهاتهم، قال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التّوبة: 24].
قال القاضي عياض: "فَكَفى بِهذَا حصا وَتَنْبِيهًا وَدِلَالَةً وَحُجَّةً عَلَى إلْزَامِ مَحَبَّتِهِ وَوُجُوب فرضا وَعِظَمِ خَطَرِهَا وَاسْتِحْقَاقِهِ لَهَا صلى الله عليه وسلم إِذْ قَرَّعَ تَعَالَى من كَانَ مَالُهُ وَأَهْلُهُ وَوَلَدُهُ أَحَبَّ إليْهِ مِنَ اللَّه وَرَسُولِهِ وَأوْعَدَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ من ضَلَّ وَلَمْ يَهْدِهِ اللَّه".
إنّما أوجب الله تعالى علينا محبّته، وشدّد على ذلك لأنّه علم أنّنا لن يكتمل الإيمان الحقيقيّ في قلوبنا، ولن نذوق حلاوته، ونحسّ بالرّاحة النّفسية الحقيقيّة والطّمأنينة، حتّى نحبّ رسول الله أكثر من كلّ شيءٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).
ومن لوازم محبّته صلى الله عليه وسلم أن تكون أوامرُ رسول الله ونواهيه مقدّمةً على كلّ الأوامر والنّواهي، في جميع ما جاء به من المكارم والمحاسن والفضائل، في العُسر واليسر، والمنشط والمكره، والحزن والفرح، والغضب والرّضا، وفي جميع المواقف، وهذا ما فعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وَإِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي، وَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي، وَإِنِّي لَأَكُونُ فِي الْبَيْتِ، فَأَذْكُرُكَ فَمَا أَصْبِرُ حَتَّى آتِيَكَ، فَأَنْظُرُ إِلَيْكَ، وَإِذَا ذَكَرْتُ مَوْتِي ومَوْتَكَ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعْتَ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنِّي إِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ خَشِيتُ أَنْ لَا أَرَاكَ، فَلَمْ يُرِدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَّلَ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ} [النّساء: 69]".
وروى ابن كثيرٍ عَن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: "مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي دِينَارٍ وَقَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُحُدٍ، فَلَمَّا نُعُوْا لَهَا قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: خَيْرًا يَا أَمَّ فُلَانٍ هُوَ بِحَمْدِ اللَّهِ كَمَا تُحِبِّينَ، قَالَتْ: أَرَوْنِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأُشِيرَ لَهَا إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ".
وعَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ لِطَلَبِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَقَالَ لِي: (إِنْ رَأَيْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟) قَالَ: فَجَعَلْتُ أَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى فَأَصَبْتُهُ وَهُوَ فِي آخِرِ رَمَقٍ وَبِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً مَا بَيْنَ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ وَضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَعْدُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: (خَبِّرْنِي كَيْفَ تَجِدُكَ؟) قَالَ: عَلَى رَسُولِ اللَّهِ السَّلَامُ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ قُلْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجِدُنِي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَقُلْ لِقَوْمِي الْأَنْصَارِ: لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَخْلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيكُمْ شُفْرٌ يَطْرِفُ، قَالَ: وَفَاضَتْ نَفْسُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ.
هكذا كان حبّهم الصّادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، صدقوا وأخلصوا في حبّهم لرسولهم، فتغلغل الحبّ في قلوبهم حتّى استولى عليها، وفاق حبّ كلّ شيءٍ، فهل بحثنا عن هذا الحبّ في قلوبنا؟! لأنّ من الواجب علينا محبّته صلى الله عليه وسلم، لأنّه يحبّنا ولولاه لهلكنا، فبه عرفنا طريق الله، وبه عرفنا مكائد الشّيطان، فما من طيّبٍ إلّا وأرشدنا إليه، وما من خبيثٍ إلّا ونهانا عنه، فكان من حقّه علينا أن نحبّه حتّى نحشر معه يوم القيامة، فالمرء مع من أحبّ يوم القيامة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (مَا أَعْدَدْتَ لَهَا)، قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاَةٍ وَلاَ صَوْمٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ).
نحبّ رسول الله لأنّه الرّحمة المهداة، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
إنّ البرهان الصّادق لمحبّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم هو تعظيمه وإجلاله وطاعته، وكذا تعظيم ما جاء به من الشّريعة الحنيفيّة السّمحة، كما فهمها سلف هذه الأمّة وطبّقوها في واقع حياتهم، ولكن للأسف فإنّنا نجد بعض النّاس يدّعي محبّة رسول الله، ولكن إذا نظرت في أقواله وأعماله رأيته مخالفاً لشريعته وهديه، وكان من الواجب عليه أن يبرهن عن صدق محبّته باتّباعه لرسول الله على الدّوام وفي كلّ الأحوال والتّصرفات.
إنّ محبّة رسول الله ليست مجرّد كلماتٍ ومدائح، ثمّ لا تترجم إلى عملٍ وسلوكٍ واتّباعٍ، بل المحبّة عملٌ واستقامةٌ واقتداءٌ وبذلٌ وتضحيةٌ لهذا الدّين، وهي كذلك محبّةٌ وشوقٌ وحنينٌ وطاعةٌ وتعظيمٌ، وتحاكمٌ إلى شريعته، ونصرته حيّاً وميتاً، والثّناء عليه بما هو أهله، فمن كان هذا نهجه فهو صادقٌ في دعواه، ومن خالفت أفعاله أقواله فدعواه مردودةٌ عليه، ونعوذ بالله من ذلك.
4- التّأسّي والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم
القدوة هي أسلوبٌ عمليٌّ في الدّعوة الإسلاميّة، وإن شئت فقل هي الدّعوة الصّامتة الّتي تفتح العقول والقلوب، وتأثيرها في النّفوس أشدّ من تأثير الخطب والدّروس، ولذلك فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صورةً حيّةً لتعاليم الإسلام السّامية في كلّ شيءٍ، ورأى فيه النّاس الإسلام رأي العين، فهو أعظم قدوةٍ في تاريخ البشريّة، ولقد تحرّكت نفوس النّاس بقدر وسعها نحو التّطبيق والعمل، يقتبسون من نوره، ويتعلّمون من آدابه، وإنّ سيرته صفحةٌ مكشوفةٌ يعرفها محبّوه ومبغضوه، ولقد نقل لنا الرّواة دقيق وصف بدنه، وقسمات وجهه، وصفة شعره، وطريقة حديثه، كما نقلوا تفصيل شأنه في مأكله ومشربه، ومركبه وسفره وإقامته، وعبادته ورضاه وغضبه، حتّى دخلوا في ذكر حاله مع أزواجه أمّهات المؤمنين في المعاشرة والغُسل والقسم، والنّفقة والمداعبة والمغاضبة، والجدّ والمزاح، وفصّلوا في خصوصيّات الحياة وضروراتها، ومن أبرز الأمثلة على القدوة في شخص رسولنا، ما شهدت به السّيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خُلّق النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: "كَان خُلقُه الُقرآن".
فكان صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الأرض، ومن هذه الأمثلة الواضحة في السّيرة النبويّة أيضاً على كونه صلى الله عليه وسلم يبدأ بنفسه قبل النّاس ليقتدي النّاس به، موقفه في بناء المسجد، حيث كان يشارك الصّحابة في الحفر ونقل التّراب ورفع البناء، وكانوا يرتكزون أثناء عملهم بقولهم:
لئن قعدنا والرّسول يعمل لَذاك منّا العملُ المضلّل
وشاركهم صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق حول المدينة، عندما سمع بقدوم الأحزاب لاستئصال شأفة المسلمين في المدينة، ولقد أرشد النّبيّ صلى الله عليه وسلم صحابته أن يقتدوا به في أقواله وأفعاله، ولا سيّما في العبادات، فلم يُعدّ مجلساً لشرح أركان الصّلاة وسننها ومبطلاتها كما نفعل الآن، وإنّما قال: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي).
وفي الحج قال: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ).
وهكذا في بقيّة العبادات، فقام صحابته بتطبيق كلّ التّوجيهات والتّعاليم الصّادرة منه عليه الصّلاة والسّلام على أتمّ وجهٍ، حتّى وصل الأمر بهم أنّهم قلّدوه في أحواله الاعتياديّة، فلشدّة اقتدائهم به صلى الله عليه وسلم اتّبعوه في خلع نعله أثناء الصّلاة –مع أنّ هذا الأمر خاصّ به لعارضٍ- دون غيره، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ، قَالَ: (مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ)، قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا -أَوْ قَالَ: أَذًى-) وَقَالَ: (إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ: فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا).
نعم، لم يكن عجيباً أن تصنع تلك الشّخصيّة الفريدة ذلك الأثر الكبير في نفوس الصّحابة ليقدّموا نجاحاتٍ مبهرةً على الصّعيد الفرديّ والجماعيّ، وفي المجال الحضاريّ والسّياسيّ والعسكريّ والاجتماعيّ، فهلّا سألت نفسك أيّها المسلم عن حالك وتأسّيك برسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاتك وعبادتك، ومطعمك ومشربك، وفي تعاملك مع أرحامك وجيرانك وزوجتك وأولادك، فراجع حساباتك، فإن وجدت حياتك تسير على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحمد الله الّذي وفّقك، واطلب منه الثّبات والاستزادة من ذلك، وأمّا إن رأيت نفسك وحياتك العمليّة تسير في وادٍ، وسيرةُ رسول الله في وادٍ آخر؛ فقف وتب إلى الله عز وجل، وتدارك ما فاتك من التّقصير، وقوّم اعوجاجك، وأحسن سَيرك على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل فوات الأوان؛ لتسعد في الدّنيا والآخرة.
5- نصيحةٌ وتوجيه
ما أحوج الأمّة أن ترجع من جديدٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسير على نهجه، فإنّه لا سعادة لنا في الدّنيا، ولا فوز لنا في الآخرة، ولا منقذ لنا ممّا نحن فيه من هذا الواقع المرير العصيب؛ إلّا إذا عدنا من جديد وسرنا على نفس الدّرب الّذي سار عليه رسول الله، وردّدنا مع السّابقين الأوليّن الصّادقين قولتهم الخالدة: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].
وممّا جاء عنه صلى الله عليه وسلم في خطبة حجّة الوداع: (وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟) قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ (اللهُمَّ، اشْهَدْ، اللهُمَّ، اشْهَدْ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وهو القائل: (عَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ).
فعلينا الرّجوع إلى مصدري الأمان والنّجاة من الفتن والمهلكات: كتاب الله عز وجل، وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم.