1- بردٌ وخوفٌ وظلمةٌ
2- قرآنٌ ينزل بالنَّصر
مقدمة:
نزل بالنّاس شديد البرد، وشقّ على ضعفائهم بالغ المشقّة، لكن لنا في سيرة النّبيّ صلى الله عليه وسلم عبرةٌ وسلوى، لئِن نزل بنا البرد اليوم، فقد نزل قبلًا بمن هو خيرٌ منّا، وقد أمرنا الحقّ سبحانه أن نقصّ القصص: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176].
وما ذاك إلّا لنأخذ منها العِبرة: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111].
فهذا وصفٌ لليلةٍ شديدة البرد، شديدة الخوف، شديدة الظّلمة؛ مرّت برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم، زمانها شهر شوالٍ مِن السّنة الخامسة للهجرة، ومكانها مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبطلها الصّحابيّ الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وكان فيها نزول قول الحقّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 9-13].
1- بردٌ وخوفٌ وظلمةٌ
لنستمع إلى سيّدنا حذيفة رضي الله عنه يحدّث ابن أخيه عن تلك اللّيلة، فعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنِ أَخِي حُذَيْفَةَ، قَالَ: ذَكَرَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه مَشَاهِدَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ جُلَسَاؤُهُ: أَمَا وَاللَّهِ لَو كُنَّا شَهِدْنَا لَفَعَلْنَا وَلَفَعَلْنَا، فَقَالَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه: لَا تَمَنَّوْا ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَنَحْنُ صَافُّونَ قُعُودًا أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَحْزَابِ فَوْقَنَا وَقُرَيْظَةُ الْيَهُودِ أَسْفَلُ مِنَّا نَخَافُهُمْ عَلَى ذَرَارِينَا، وَمَا أَتَتْ عَلَيْنَا لَيْلَةٌ أَشَدُّ ظُلْمَةً، وَلَا أَشَدُّ رِيحًا مِنْهَا فِي أَصْوَاتِ رِيحِهَا أَمْثَالُ الصَّوَاعِقِ، وَهِيَ مُظْلِمَةٌ مَا يَرَى أَحَدُنَا إِصْبَعَهُ، وَجَعَلَ الْمُنَافِقُونَ يَسْتَأْذِنُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُونَ: بُيوتُنَا عَوْرَةٌ، وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ، فَمَا يَسْتَأْذِنُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَذِنَ لَهُ فَيَأْذَنَ لَهُمْ فَيَنْسَلُّونَ، وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إِذِ اسْتَقْبَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا رَجُلًا، فَقَالَ: (مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ اللَّيْلَةَ جَعَلَهُ اللَّهُ رَفِيقًا لِمُحَمَّدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، قَالَ: فَمَا مِنْهُمْ رَجُلٌ يَقُومُ، قَالَ: فَمَا زَالَ يَسْتَقْبِلُهُمْ رَجُلًا رَجُلًا حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ، وَمَا عَلَيَّ جُنَّةٌ مِنَ الْعَدُوِّ، وَلَا مِنَ الْبَرْدِ إِلَّا مِرْطٌ لَا يُجَاوِزُ رُكْبَتِي، قَالَ: فَأَتَانِي وَأَنَا جَاثٍ عَلَى رُكْبَتِي، فَقَالَ: (مَنْ هَذَا؟)، فَقَالَ: حُذَيْفَةُ، قَالَ: (حُذَيْفَةُ؟)، فَتَقَاصَرْتُ بِالْأَرْضِ، فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَقُومَ، فَقَالَ: (قُمْ)، فَقُمْتُ.
فتأمّل كيف استجاب حذيفة رضي الله عنه لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على صعوبته، فإذا سمعت منادي الصّلاة ينادي فجرًا في بردٍ شديدٍ فتقاصرت نفسك إلى الفراش فاقبل منها هذا التّقاصر، فإذا قال حيّ على الصّلاة فلا تقبل منها ألّا تقوم، فإذا تعللّت نفسك بعلّةٍ؛ فتذكّر تعلّل المنافقين ببيت عورةٍ -قد زعموا- وما هو بعورةٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 20-24].
ولنتذكّر أنّ هذه المشاقّ فيها الأجر العظيم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟) قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: (إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ).
وإسباغ الوضوء على المكاره يكون حالة البرد -إذ تكره النّفس ذلك وتتقاصر عنه- قال النّوويّ: "وَالْمَكَارِهُ تَكُونُ بِشِدَّةِ الْبَرْدِ وَأَلَمِ الْجِسْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ".
2- قرآنٌ ينزل بالنَّصر
لنُكمل مع حذيفة رضي الله عنه، بعد أن قام امتثالًا لأمر حبيبه: فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّهُ كَائِنٌ فِي الْقَوْمِ خَبَرٌ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ)، قَالَ: وَأَنَا مِنْ أَشَدِّ الرِّجَالِ فَزَعًا وَأَشَدُّهُمْ قُرًّا، فَخَرَجْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ)، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ عز وجل فَزَعًا وَلَا قُرًّا أَجِدُهُ فِي جَوْفِي إِلَّا خَرَجَ مِنْ جَوْفِي حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْ عَسْكَرِ الْقَوْمِ نَظَرْتُ فِي ضَوْءِ نَارٍ لَهُمْ تُوقَدُ، وَإِذَا رَجُلٌ ضَخْمٌ آدَمٌ يَقُولُ بِيَدَيْهِ عَلَى النَّارِ وَيُسَخِّنُ خَاصِرَتَهُ، وَيَقُولُ: الرَّحِيلَ، وَلَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَبَا سُفْيَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَانْتَزَعْتُ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي أَبْيَضَ الرِّيشِ فَأَضَعُهُ عَلَى كَبِدِ قَوْسِي لِأَرْمِي بِهِ فِي ضَوْءِ النَّارِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِي)، فَأَمْسَكْتُ وَرَدَدْتُ سَهْمِي، فانظر إلى شدّة التزام حذيفة رضي الله عنه بأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم وتقديمه أمر الشّرع على ما يبدو له مِن تصرّفٍ.
يقول: ثُمَّ إِنِّي شَجَّعْتُ نَفْسِي حَتَّى دَخَلْتُ الْعَسْكَرَ فَإِذَا أَدْنَى النَّاسِ بَنِي عَامِرٍ، وَيَقُولُونَ: يَا آلَ عَامِرٍ الرَّحِيلَ، لَا مُقَامَ لَكُمْ، وَإِنَّ الرِّيحَ فِي عَسْكَرِهِمْ مَا تُجَاوِزُ عَسْكَرَهُمْ شِبْرًا، قَدْ دَفَنَتْ رِحَالَهُمْ وَطَنَافِسَهُمْ، يَسْتَتِرُونَ بِهَا مِنَ التُّرَابِ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ بَيْنَهُمَا قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: اللَّيْلَةُ لَيْلَةُ طَلَائِعٍ، فَلْيَسْأَلْ كُلُّ رَجُلٍ جَلِيسَهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ صَوْتَ الْحِجَارَةِ فِي رِحَالِهِمْ وَفُرُشِهِمْ، الرِّيحُ تَضْرِبُهُمْ بِهَا فَقُلْتُ لِلَّذِي عَنْ يَمِينِي: مَنْ أَنْتَ؟ وَقُلْتُ لِلَّذِي عَنْ شِمَالِي مَنْ أَنْتَ؟ ثُمَّ خَرَجْتُ نَحْوَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا انْتَصَفَ بِيَ الطَّرِيقُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إِذَا أَنَا بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ فَارِسًا مُعْتَمِّينَ، فَقَالُوا لِي: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَاهُ الْقَوْمَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ بِشَمْلَةٍ يُصَلِّي، فَوَاللَّهِ مَا عَدَا أَنْ رَجَعْتُ رَجَعَ إِلَيَّ الْقُرُّ رَجَعْتُ أُقَرْقِفُ فَأَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ بِيَدِهِ، وَهُوَ يُصَلِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَأَسْبَلَ عَلَيَّ شَمْلَتَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى، فَأُخْبِرَ خَبَرَ الْقَوْمِ، وَأُخْبِرَ أَنَّهُمْ يَتَرَحَّلُونَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
وفي هذا الخبر ما يؤكّد إيماننا بالغيب، فنحن نؤمن أنّ الله المدبّر، أرسل الرّياح، وأرسل ما لا يراه النّاس مِن الجنود، وقد تكرّر هذا بعد عدّة سنواتٍ، فهذا يوم حنينٍ يُنزل الله الجنود الّتي ما رآها النّاس: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 25-26]، فهو أمرٌ متكرّر الوقوع.
خِتامًا:
نعتبر مِن قصص السّيرة النّبويّة، ونتفاءل بنهاياتها السّعيدة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ).
فهذا بردٌ وخوفٌ وقلّةٌ، حتّى ما يجد الصّحابيّ رضي الله عنه ما يردّ عنه البرد إلّا المرط يبلغ ركبتيه، ولا تنتهي اللّية إلّا بإعلانٍ سماويٍّ لنصرٍ مدوٍ؛ تتردّد أصداؤه في جزيرة العرب، ولا يكون ما بعده كما قبله، عن سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ أَجْلَى الأَحْزَابَ عَنْهُ: (الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ).
فقد كان بردٌ، وكان نصرٌ وعنايةٌ مِن الربّ العليّ القويّ لعبده الخائف الضّعيف، واليوم بردٌ وشدّةٌ، فإذا امتثلنا امتثالهم؛ فلننتظر النّصر والعناية.
وإذا العناية لاحظتك عيونها وحباكها من فضله الرّحمن
ناداك طائرٌ يمنها وسعودها نم فالمخاوف كلهنّ أمانُ