1- الأصل المشرِّف
2- النّتيجة السَّيِّئة
3- الطَّريق للمحافظة على الفطرة
مقدمة:
فطر الله سبحانه الخلق، وهو أعلم بما يصلح لهم، وما يُصلحهم، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].
وأنزل لهم كتاب هدايةٍ يهديهم إلى وجوه الصّلاح، وذلك بمقتضى لطفه وخبرته، فهو اللطيف الخبير، {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 1-2].
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185].
ولأنّه جل جلاله أعلم بما يصلحنا ويهدينا طلب منّا أن نستهديه، فترى المسلم يفعل ذلك في كلّ يوم سبع عشرة مرّة على الأقل: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6].
وبيّن الحقّ عز وجل أنّه توجد مللٌ ونحلٌ وتياراتٌ واتّجاهاتٌ لكنّه حصر الهدى في هداه: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].
واليوم يرى المرء هذه التّيّارات أوضح ما تكون تدعو النّاس أن تخالف ما فطرها الله عليه، تدعو إلى ترك هدى الله سبحانه واتّباع ضلالهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة: 16].
{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [البقرة: 175-176].
1- الأصل المشرِّف
كرّم الله سبحانه الإنسان، {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
ونفخ فيه مِن روحه، {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} [السّجدة: 9].
وجعله أهلًا لاستقبال أمره ونهيه بما مَنّ عليه مِن عقلٍ وقدرةٍ على الاختيار، فكلّفه بإقامة الدّين: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الرّوم: 30].
ونبّهه إلى أنّ بين جنبيه نفسًا قابلةً للتّزكية وللتّدنيس: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشّمس: 8].
فحمّله مسؤوليّة تزكيتها، كما نبّه النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى دَور الأهل في الحفاظ على فطرة الوليد السّويّة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟) ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ}.
ونبّه إلى مكر الشّيطان بالإنسان ليحرفه عن فطرته، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ: (أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ، مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا، كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا، وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ).
إنّ الفطرة السّويّة تظهر عند الشّدائد، فالأصل في الإنسان أن يوحّد الله سبحانه، لكنّه مع انغماسه في الدنيا يعبد هواه، ويعبد الدّرهم والدّينار والقطيفة تعيسًا منتكسًا، لكنّه ما إن يركب الموج الهائج، والخطر العظيم حتّى يعود إلى رشده: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} [الإسراء: 67].
{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65].
2- النّتيجة السَّيِّئة
إنّ اجتيال الشّيطان لابن آدم، وإهمال الأهل صيانة أبنائهم، بل حرص بعضهم على طمس فطرة الأبناء أدّى إلى ما نرى مِن قبيح الخصال في هذا الزّمان، فالأصل في الإنسان ألّا يرضى الفاحشة في أهل بيته، هذه الغيرة فطريّة، حتى إنّك تراها في بعض الكائنات مِن سوى البشر، لكنّ طمسًا هائلًا للفطرة حصل في زماننا، وتأمّل كيف أعان نبيّ الله صلى الله عليه وسلم شابًا على استعادة بريق فطرته؛ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ: (ادْنُهْ)، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: (أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟) قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ)، قَالَ: (أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟) قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ)، قَالَ: (أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟) قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ)، قَالَ: (أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟) قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ)، قَالَ: (أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟) قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ)، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: (اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ) قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.
أمّا الّذي سعى في طمس فطرته وعدم تزكية نفسه فلا عجب أن تُحرّم عليه الجنّة؛ عن عَبْد اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالْعَاقُّ، وَالدَّيُّوثُ) الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخَبَثَ.
إنّ انحراف المرء عن فطرته يتم شيئًا فشيئًا حتّى ترى النّتيجة السّيّئة، وكذلك تعزيز المرء للفطرة السّليمة يتأكّد مع كلّ امتحانٍ يجتازه، فلينظر المرء ما يُعرض عليه، وليتخيّر ما يعزّز فطرته السّليمة، قَالَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: (تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)، قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِسَعْدٍ: يَا أَبَا مَالِكٍ، مَا أَسْوَدُ مُرْبَادٌّ؟ قَالَ: شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا؟ قَالَ: مَنْكُوسًا.
3- الطَّريق للمحافظة على الفطرة
الطّريق إلى حماية الفطرة مِن الانحراف يمرّ مِن خلال محورَي: البناء والتّحصين.
فالبناء يكون بإشاعة العلم بكلّ ما يحافظ على الفطرة السّليمة ويعزّزها وينمّيها مِن خلال:
• غرس الإيمان بالله تعالى، وتوثيق الصّلة به سبحانه، والعلم بشرعه والالتزام به، ورعاية الجوانب التّربويّة، وتعزيز الهويّة، والفخر بالانتماء للدّين والمجتمع المسلم، مع التّأكيد على أثر ذلك كلّه في تحقيق السّعادة في الدّارين.
• الحثّ على التّفكّر في خلق الله والسّنن الّتي أودعها في الكون، وهذا مِن شأنه تعميق الإيمان بالله تعالى، وإدراك حقائق الوجود وكيفيّة عملها، وبالتّالي الحذر مِن مخالفتها لتجنّب آثارها.
• المحافظة على سنن الفطرة المتعلّقة بالطّهارة الشّخصيّة؛ حتّى تكون جزءًا أصيلاً مِن شخصيّة المسلم.
• العناية بالعلاقة الزّوجية وقيام الأسرة على أسسٍ صحيحة، وإعداد كلٍّ مِن الرّجل والمرأة لوظيفتهم فيها، مع التّركيز على إبراز مقاصد الشّريعة مِن الزّواج وتكوين الأسرة وإنجاب الأطفال، والاهتمام بالأولاد ورعايتهم، مِن خلال: تحقيق الاستقرار الأسريّ الّذي يوفّر البيئة لتعزيز الفطرة الصّحيحة، وتمثيل القدوة لهم بالالتزام الصّريح بالشّرع والقيم العليا والسّلوكيات الصّحيحة، وتحقيق الاستمراريّة لهذا الاهتمام في جميع مراحلهم العمريّة.
والتَّحصين يكون مِن خلال:
• محاربة العقائد والأفكار والسّلوكيّات الفاسدة الّتي يشيعها الغرب، وبيان عوارها ومخالفتها للدّين والعقل والفطرة.
• إبراز الآثار المدمّرة لهذه العقائد والأفكار والسّلوكيّات الفاسدة، الّتي ظهرت نتائجها في مجتمعاتهم، والّتي مِن أهمّها: فقدان الأخلاق والفضائل والتمرّد عليها، وضياع المعاني الحقيقيّة للرّجولة عند الرّجال والأنوثة عند النّساء، وانتشار الرّذائل والموبقات وما ترتّب عليها مِن ظهور الأمراض الجنسيّة الّتي لا تظهر لدى المرتبطين بعقد الزّوجيّة، وتهدّم الأسر وتفكّكها وانحسار مشاعر الاحترام بين أفرادها، وضياع الطّفولة البريئة.
• الحدّ مِن التعرّض للإعلام المروِّج لمُفسدات الفطرة، وهو لا ينحصر في نشر الرّذيلة بأشكالها المتنوّعة، بل هو شاملٌ أيضًا لكلّ ما يُفسد الأذواق مِن الموادّ التّافهة الّتي لا فائدة منها، ولا يترتّب على متابعتها سوى إضاعة الوقت والتّعلّق بشخصيّات أصحابها، وتحقيق لذّةٍ مؤقّتةٍ بمتابعتها، ثمّ الإدمان عليها إدمانًا لا يقلّ ضررًا عن ضرر إدمان المسكرات والمخدّرات.
• معالجة الأفكار السّلبيّة (الخاطئة) الّتي قد تنشأ لدى الأشخاص، وبخاصّةٍ الأطفال والشّباب؛ الأفكار الّتي يتلقّونها غالبًا مِن الإعلام أو مِن المحيط الّذي يعيشون فيه، وهذا يستدعي تقوية علاقة الوالدين بأولادهم وتحقيق استمراريّة التّربية كما تقدّم.
خاتِمةٌ:
آلةٌ إعلاميّةٌ ضخمةٌ تقف اليوم؛ لا همّ لها إلّا أن تطمس فطرة النّاس، وتحرفها إلى كلّ رذيلةٍ، هذا ومِن وظائف أمّة الإسلام أن تسير على خُطا نبيّها في بيان خصال الفطرة والحثّ على الالتزام بها، ومِن الأمثلة الصّغيرة على انحراف الفطرة القديم المتجدّد: الحرص على إطالة الأظافر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْآبَاطِ).
فتأمّل كيف سعى النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى إعادة هذا الأمر إلى نصابه، على ما يبدو للنّاظر أوّل وهلةٍ مِن بساطته، لكنّه نهجٌ ينبغي أن نسير عليه في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، ألّا نسمح بكسر الباب، فَمَن خالف فطرته في صغير الأمور اليوم، لا تأمن يوافقها غدًا، وإنّه وإنْ قاوم في الكبائر، وخسر في الصّغائر فقد أصاب منه الشّيطان غرضًا واجتاله نوع اجتيالٍ، لذا علينا أن نحرص على مَن كلّفنا الله سبحانه رعايتهم؛ مِن عيال وزوجاتٍ وطلّابٍ، أن نصون ما سلم مِن فطرهم، وأن نصلح ما اعوجّ.