1- غيابة الجبِّ
2- الشِّقُّ المائل
مقدمة:
مِن أسماء ربّنا جل جلاله العدل، وبالعدل تقوم السّماء والأرض، وقد أمرنا الحقّ سبحانه بالعدل مرارًا {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النّحل: 90].
وأمرنا عز وجل بالعدل إذا كتبنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282].
وبالعدل إذا أمللنا {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282].
وبالعدل إذا حكمنا ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النّساء: 58].
وبالعدل إذا أصلحنا {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9].
وأمر سبحانه قبلنا الأنبياء والمرسلين أن يحكموا بالعدل، وهم قدوتنا الّذين بهم نقتدي {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26].
وأمر سبحانه به سيّد المرسلين صلى الله عليه وسلم {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [الشّورى: 15].
1- غيابة الجبِّ
غياب العدل يؤدّي إلى مصائب كبيرةٍ تحيط بالأسرة والمجتمع، وقد استشعر إخوةٌ يومًا أنّ أباهم يحبّ أخاهم أكثر منهم فأوشكوا أن يقتلوه، ثمّ خفّفوا الحكم فألقوه في غيابة الجبّ {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ * إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف: 7-9].
وقد حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن عدم العدل بين الأبناء؛ عن النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رضي الله عنه، أَنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ، سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهَا، فَالْتَوَى بِهَا سَنَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا وَهَبْتَ لِابْنِي، فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمَّ هَذَا بِنْتَ رَوَاحَةَ أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟) قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: (أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟) قَالَ: لَا، قَالَ: (فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ).
لقد أمر صلى الله عليه وسلم بالتّسوية بين الأولاد في العطيّة، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنّ تخصيص بعضهم بها جَور لا يصلح، ولا تنبغي الشّهادة عليه، وأمر صلى الله عليه وسلم فاعله بردّه ووعظه وأمره بتقوى الله تعالى، وأمره بالعدل لكون ذلك ذريعةً ظاهرةً قريبةً جدًّا إلى وقوع العداوة بين الأولاد وقطيعة الرّحم بينهم، كما هو المشاهد عيانًا، فلو لم تأت السّنة الصّحيحة الصّريحة الّتي لا معارض لها بالمنع منه، لكان القياس وأصول الشّريعة وما تضمّنته مِن المصالح ودرء المفاسد يقتضي تحريمه.
وفي روايةٍ أخرى للحديث بيانٌ لعلّة الأمر بالعدل بين الأولاد؛ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُشْهِدُهُ عَلَى نُحْلٍ نَحَلَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ: (أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَ الَّذِي نَحَلْتَهُ؟)، قَالَ: لَا، قَالَ: (فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟)، قَالَ: بَلَى، قَالَ: (فَلَا، إِذًا).
تأمّل قوله صلى الله عليه وسلم للنّعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه وقد خصّ ابنه بالنّحل "أتحبّ أن يكونوا في البرّ سواءً" كيف تجده متضمّنًا لبيان الوصف الدّاعي إلى شرع التّسوية بين الأولاد، وهو العدل الّذي قامت به السّماوات والأرض، فكما أنّك تحبّ أن يستووا في برّك وأن لا ينفرد أحدهم ببرك وتحرمه مِن الآخر، فكيف ينبغي أن تفرد أحدهما بالعطيّة وتحرمها الآخر؟
واستثن المريض وشبهه فإنْ خصّهم الأب بمزيد عنايةٍ فلا يخرج هذا عن العدل، فالعدل إعطاء كلٍّ ما يستحقّ.
إنّ ظلم الأب لبعض أبنائه مرّ على النّفس مرارةً بالغةً كما عبّر عن ذلك طَرَفَة بن العبد:
وظُلمُ ذوي القُرْبى أشَدُّ مَضَاضَةً على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّدِ
2- الشِّقُّ المائل
الأسرة ميدانٌ لظهور العدل، ليس بين الأبناء فقط، بل بين الزّوجات أيضًا، وقد ظهر التّعدّد في مجتمعنا إثر استشهاد الرّجال في ميادين القتال، وظهرت الدّعوات له، لكن لا يتمّ التّصوّر الشّرعيّ للتّعدّد إلّا إذا عرفنا أنّه مطلوبٌ مع العدل، قال الحقّ سبحانه: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النّساء: 3].
أي ذلك أقرب ألا تجوروا أو لا تكثر عيالكم.
وقرّرت الآية الأخرى أنّ ميل القلب لإحداهما أمرٌ خارجَ إرادة الزّوج {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النّساء: 129].
وفي ذلك جاء الحديث: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ، وَيَقُولُ: (اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي، فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي، فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا أَمْلِكُ).
حذّرت الأحاديث مِن عدم العدل بين الزّوجات؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ).
أَيْ: أَحَدُ جَنْبَيْهِ وَطَرْفُهُ (سَاقِطٌ)، قَالَ الطِّيبِيُّ: "أَيْ نِصْفُهُ مَائِلٌ، قِيلَ: بِحَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُ الْعَرَصَاتِ".
لِيَكُونَ هَذَا زِيَادَةً لَهُ فِي التَّعْذِيبِ، وَهَذَا الْحُكْمُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى امْرَأَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَتْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ كَانَ السُّقُوطُ ثَابِتًا.
وقد عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين زوجاته، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى النِّسَاءِ -تَعْنِي فِي مَرَضِهِ- فَاجْتَمَعْنَ، فَقَالَ: (إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدُورَ بَيْنَكُنَّ، فَإِنْ رَأَيْتُنَّ أَنْ تَأْذَنَّ لِي فَأَكُونَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَعَلْتُنَّ فَأَذِنَّ لَهُ).
وعن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا، وَلَيْلَتَهَا غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ". سنن أبي داود: 2138
فإذا عدل خير الخلق صلى الله عليه وسلم في المرض والسّفر فاعلم أنّ العدل مطلوبٌ في كلّ حالٍ.
خاتمةٌ:
حرّم الله جل جلاله الظّلم على نفسه، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا).
وقد يقول قائل: أين عدل الله سبحانه والنّاس غير متساوين، فيهم الظّالم والمظلوم؟ في الحقيقة إنّما يظهر تمام عدل الله عز وجل في الآخرة {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49].
والميزان علامة العدل {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47].
وفي ذلك اليوم يكرّم الله سبحانه المقسطين؛ فِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عز وجل، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا).
فلنعدل اليوم حتّى مع مَن لا نحبّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].
ولْيحكم العدلُ كلّ جوانب حياتنا حتّى في أسواقنا {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [الإسراء: 35].
وكلّما علا منصب المرء زادت مسؤوليّته في إقامة العدل، فإن كان العدل في الأسرة مطلوبٌ، فهو خارجها مطلوبٌ كذلك، فمدير المؤسّسة ومعلّم المدرسة وموظّف توزيع الإغاثة والقاضي والضّابط والوزير وسائر الموظّفين وغير الموظفين مِن تجّار ونحوهم يجدر بهم العناية بالعدل ليكونوا غدًا على منابر مِن نورٍ، فالدّولة العادلة تقوم وتبقى وإن كانت كافرةً، وتزول الدّولة المسلمة إن كانت ظالمةً.