1- نورٌ وظلماتٌ
2- مثالٌ عمليٌّ مِن فعل عليٍّ رضي الله عنه
مقدمة:
يحتاج النّاس كي يطبّقوا الأفكار الصّالحة المكلفة إلى قدواتٍ يسبقونهم إلى امتثال تلك الأفكار، فالمرء لا يُقدم على التّضحية في سبيل فكرةٍ ما تقليدًا، وهو يرى القائل بهذه الفكرة لا يؤمن بها إلى الدّرجة الّتي تحمله على التّضحية في سبيلها. وقد ندب الإسلام النّاس إلى الإيمان بما أتى به مِن معتقداتٍ، ولم يرضَ التّقليد الأعمى، فمَن نبع الإيمان مِن قلبه ضحّى، ونصب للنّاس القدوة الّتي يقتدون بها، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
فبين يدينا النّصّ المقروء، وتطبيقه العمليّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقُلْتُ: أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَتْ: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ).
وإنّ أهمّ ما في القدوة ألّا يخالف قوله عمله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصّفّ: 2-3].
قال الشّاعر:
يا أيّها الرّجلُ المعلِّمُ غيرَهُ هلاّ لِنفسِكَ كان ذا التّعلِيمُ
تَصِفُ الدّواء لذي السِّقَامِ وذي الضّنى كيما يصحّ به وأنتَ سقيمُ
وأراكَ تُصلِحُ بالرّشادِ عقولَنا أبدًا وأنت من الرّشادِ عقيمُ
لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مِثلَهُ عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ
فابدأ بِنفسكَ فانْهَهَا عن غيِّهَا فإذا انتهتْ عنهُ فأنتَ حَكِيمُ
فهناك يُقبلُ ما تقُول ويُقتدى بالعلم منكَ وينفعُ التّعليمُ
1- نورٌ وظلماتٌ
القدوات نوعان، قدواتٌ صالحةٌ؛ إذا مشى النّاس وراءها وصلوا إلى برّ الأمان، كسيّدنا إبراهيم وسائر الأنبياء {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة: 4].
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الممتحنة: 6].
فهم قدوةٌ لطالبي الآخرة {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].
فأولئك الأنبياء جعلهم الله قدوةً {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 73].
وللمرء أن يدعو أن يجعله الله كذلك {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].
فهي صفة عباد الرّحمن، وفي العلماء مَن عرف مكانته واتّباع النّاس له فتحمّل التّعذيب الشّديد ولم يقل ما يخالف معتقده، مع أنّ الآية ترخّص للمضطرّ أن يقول: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النّحل: 106].
لقد كتب في البويطيّ -وهو أحد تلاميذ الشّافعيّ- ابنُ أَبِي دُؤاد المعتزليّ إلى والي مِصْرَ، فامتحنه -أي في مسألة خلق القرآن- فلم يُجِب، وكان الوالي حَسَن الرّأي فِيهِ، فقال: قل فيما بيني وبينك، قَالَ: إنه يقتدي بي مائة ألفٍ، ولا يدرون المعنى، قَالَ: وكان قد أُمر أن يُحمل إلى بغداد فِي أربعين رطل حديد.
وفي المقابل قدواتٌ تورد مَن يتبعها الهلاك، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ).
وهذا فرعون {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود: 98].
{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 67-68].
فلينظر امرؤٌ وراء مَن يسير، وبهدى مَن يهتدي، قبل أن يعضّ على يديه ندمًا.
2- مثالٌ عمليٌّ مِن فعل عليٍّ رضي الله عنه
هذا مثالٌ عمليٌّ لشابٍّ يصلح قدوةً لشبابنا، ففي يوم الهجرة أَتَى جبريلُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: لَا تَبِتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ عَلَى فراشِك الَّذِي كنتَ تَبِيتُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ عَتْمَة مِنْ اللَّيْلِ اجْتَمَعُوا عَلَى بَابِهِ يَرْصُدُونَهُ مَتَى يَنَامُ، فَيَثِبُونَ عَلَيْهِ؟ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَانَهُمْ، قَالَ لعليِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: نَمْ عَلَى فِرَاشِي وتَسَجَّ بِبُرْدي هَذَا الحَضْرمي الْأَخْضَرِ، فَنَمْ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَخْلُص إلَيْكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ مِنْهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ فِي بُرْدِه ذَلِكَ إذَا نَامَ.
وفي يوم بدرٍ خَرَجَ بعد عُتْبَة بْن رَبِيعَةَ، بَيْنَ أَخِيهِ شَيْبة بْنِ رَبِيعَةَ وَابْنِهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتبة، حَتَّى إذَا فَصل مِنْ الصَّفِّ دَعَا إلَى الْمُبَارَزَةِ، فَخَرَجَ إلَيْهِ فِتية مِنْ الْأَنْصَارِ ثَلَاثَةٌ وَهُمْ: عَوْف، ومعُوّذ، ابْنَا الْحَارِثِ وَأُمُّهُمَا عَفْرَاءُ وَرَجُلٌ آخَرُ، يُقَالُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحةَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: رَهْطٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، قَالُوا: مَا لَنَا بِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ، ثُمَّ نَادَى مُنَادِيهِمْ: يَا مُحَمَّدُ، أخرجْ إلَيْنَا أكْفاءَنا مِنْ قَوْمِنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (قُمْ يَا عُبيدة بْنَ الْحَارِثِ، وَقُمْ يَا حَمْزَةُ، وَقُمْ يَا عَلِيُّ) فَلَمَّا قَامُوا وَدَنَوْا مِنْهُمْ، قَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالَ عُبيدة: عُبَيْدَةُ، وَقَالَ حَمْزَةُ: حَمْزَةُ، وَقَالَ عَلِيٌّ: عَلِيٌّ؛ قَالُوا: نَعَمْ، أكْفاء كِرَامٌ، فَبَارَزَ عُبَيْدَةُ -وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ- عُتبة بْنَ رَبِيعَةَ، وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبة بْنَ رَبِيعَةَ، وَبَارَزَ عَلِيٌّ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، فَأَمَّا حَمْزَةُ فَلَمْ يُمْهِلْ شَيْبَةَ أَنْ قَتَلَهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَمْ يُمْهِلْ الْوَلِيدَ أَنْ قَتَلَهُ، وَاخْتَلَفَ عُبَيْدَةُ وَعُتْبَةُ بَيْنَهُمَا ضَرْبَتَيْنِ، كِلَاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ، وكَرَّ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ بِأَسْيَافِهِمَا عَلَى عُتبة فذَفَّفا عَلَيْهِ، وَاحْتَمَلَا صَاحِبَهُمَا فَحَازَاهُ إلَى أَصْحَابِه.
وقال سَهْلٌ بْن سَعْدٍ رضي الله عنه: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ: (لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)، فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ، فَقَالَ: (أَيْنَ عَلِيٌّ؟)، فَقِيلَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ فَقَالَ: أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: (انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ).
وَخَرَجَ مَرْحَبٌ، فَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ
قَالَ: فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ.
فهل نحتاج بعد هذا إلى قدواتٍ مستوردةٍ!
خاتمةٌ:
لقد حثّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم النّاس على الاقتداء بمن يدعوهم إلى الخير، فعَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ بن عبد الله، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: {اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ}، (تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ -حَتَّى قَالَ- وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ).
في تاريخنا حشدٌ غفيرٌ كبيرٌ لا تتّسع له الخُطب مِن قصص قدواتنا المؤثّرين، لقد عفّ سيّدنا عمر رضي الله عنه فعفّت رعيّته، ولو رتع لرتعوا، وعلى هذا يمكن أن نقيس اتّباع الأفراد للقادة وللمدراء، واتّباع الأبناء للآباء؛ فالمدخّن يَسنّ لأولاده سنّة التّدخين وإن قال لهم لا تدخّنوا، فهم أوثق بفعله منهم بقوله، والصّادق يعلّمهم الصّدق وهكذا، فلينظر المرء أين أقامه الله! فلا يَضلّ ولا يُضلّ.
مشى الطّاووس يومًا باختيالٍ فقلّده بمشيته بنوه
وينشأ ناشئ الفتيان منّا على ما كان عوّده أبوه