1- لماذا نحبُّ رسول الله؟
2- المحبَّة أفعالٌ، لا أقوالٌ
مقدمة:
أرسل الله رسوله محمّدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودِين الحقّ، رحمةً للعالمين، رؤوفًا رحيمًا بالمؤمنين، حريصًا على هدايتهم، عزيزًا عليه عَنَتُهم وتفرّقهم، وتنازعهم وتخاذلهم، فهو كما وصفه ربّه بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
وبقوله: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6].
وهذا يوجب على المؤمنين أن يُجلّوا رسول الله ويعظّموه، وأن يحبّوه محبّةً صادقةً خالصةً، وأن تتغلغل هذه المحبّة في سويداء قلوبهم، لتجعلها نقيّةً تقيّةً، لا بغي فيها ولا حسد، ولا عداوة ولا بغضاء، وبذلك يكمل إيمانهم، وتتحقّق سعادتهم في الدّنيا والآخرة، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).
ولذا فإنّ محبّة الرّسول صلى الله عليه وسلم مفروضةٌ على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ، فهو رسولنا وحبيبنا، وشفيعنا وأسوتنا {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].
وفي هذه المنزلة مِن المحبّة والإجلال تنافس المتنافسون، وعليها تفانى المحبّون، لأنّها قُوت القلوب، وغذاء الأرواح، وقرّة العيون، وهي الحياة الّتي مَن حُرمها فهو مِن جملة الأموات، وهي النّور الّذي مَن فقده عاش في بحار الظّلمات، وهي روح الإيمان والأعمال، وبكمال محبته وصدق اتباعه يحوز المؤمن على محبّة الله له، مع غفران ذنوبه وآثامه {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التّوبة: 24].
قال القاضي عياض: "كفى بهذا حضًّا وتنبيهًا، ودلالةً وحجّةً، على إلزام محبّته، ووجوب فرضها، وعظم خطرها، واستحقاقه لها، إذ قرّع الله مَن كان ماله وأهله وولده أحبّ إليه مِن الله ورسوله، وتوعّدهم بقوله: {فَتَرَبَّصُوا}، ثم فسّقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنّهم ممّن ضلّ ولم يهده الله".
فليست هذه المحبّة كلماتٍ يردّدها اللّسان، أو عباراتٍ تنطقها الشّفاه، بل هي محبّةٌ صادقةٌ في الجَنان، وطاعاتٌ يؤدّيها الإنسان، لينال بها كمال الإيمان، ويكرمه ربّه بالرّضوان.
1- لماذا نحبُّ رسول الله؟
لقد أرسل الله عز وجل إلى خلقه رسوله المصطفى، فأنقذهم به مِن ظلمات الشّرك والجهل، وكشف به الظّلمة، وأصلح به الأمّة، فهداهم بعد ضلالةٍ، وعلّمهم بعد جهالةٍ، وأرشدهم إلى الحقّ بعد غوايةٍ، وعرّف النّاس على ربّهم، ومعبودهم الأوحد، فلم يحتاجوا إلى تعريفٍ بخالقهم بعد هذا التّعريف {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: 51].
فهو المنّة الكبرى، والهداية العظمى، الّتي بها عرف الخلق خالقهم، واستبانوا الطّريق إليه، وما كُتبت سعادةٌ أبديّةٌ لأحدٍ مِن البشر إلّا وكان سببًا مِن أسبابها، دعا إلى الله سرًّا وجهرًا، ونصح للعباد ليلًا ونهارًا، بشّر وأنذر، ورغّب ورهّب، وصبر على استكبار المستكبرين، واستهزاء المستهزئين، وأذى المشركين والمنافقين، فما وطئ الأرض أقدامٌ خيرٌ مِن قدميه، ولا كان في الخلق أحدٌ أنصح للبشر منه، لأّنّه الرّحمة الّتي رحم الله بها العباد، فأخرجهم مِن الظّلمات إلى النّور، ومِن الذّلّ إلى العزّ {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15-16].
فكان حقّا على البشر جميعًا محبّته واتباعه، وتوقيره ونصرته، والاعتراف بفضله، وإنّ نظرةً إلى ما كان عليه النّاس قبل مبعث الرّسول الكريم، ترينا مبلغ الإصلاح المحمّديّ، كما ترينا عِظَم العبء المُلَقى على عاتقه، والله أعلم حيث يجعل رسالته، فاختار لهم أكرم النّاس نفسًا، وأزكاهم خُلقًا، وأوسعهم صدرًا، فكان رؤوفًا رحيمًا بالمؤمنين {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التّوبة: 128].
يبكي بكاءً شديدًا رحمةً بأمّته، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَلَا قَوْلَ اللهِ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}، وَقَالَ عِيسَى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: (اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي)، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ -وَرَبُّكَ أَعْلَمُ- فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: (إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ).
بل كان يؤثر أمّته على نفسه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ، فَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
فكان مِن الواجب على الأمّة أن تتفانى في محبّة رسولها المصطفى، الّذي سعدت به بعد طول شقاءٍ، واستنارت بنوره وقد كانت تتخبّط في الظّلماء.
2- المحبَّة أفعالٌ، لا أقوالٌ
إنّ محبّة رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني توقيره وتعظيمه، والإيمان بشريعته، والاهتداء بسنّته، ونصر دِينه بالقول والفعل، والرّضى بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمّد رسولًا، فمَن ادّعى محبّة الرّسول صلى الله عليه وسلم، ولم يتخلّق بأخلاقه، ولم يدافع عن شريعته، ولم يتبّع هديه، فهو كاذبٌ في دعواه، متبّعٌ لشهوته وهواه، وإنّها مِن أعظم واجبات الإيمان، وأصلٌ مِن أصوله، ومِن الواجب تقديم محبّة الله ورسوله على كلّ محبوبٍ؛ مهما كان، ولقد تفانى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المقام مِن المحبّة والإجلال، فوهبوه أرواحهم وأموالهم، وتركوا -مِن أجل نصرة دينه- ديارهم وأوطانهم، وإذا جلسوا معه جلسوا كأنّ على رؤوسهم الطّير، وإذا كانوا معه لم يذهبوا حتّى يستأذنوه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النّور: 62].
وإذا خاطبوه لم يرفعوا أصواتهم أدبًا معه {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات: 3].
وإذا غاب عن أحدهم لا تطيب له الحياة حتّى تراه عيناه، فكان أحبّ إليهم مِن أنفسهم وأموالهم وأولادهم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ)، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الْآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الآنَ يَا عُمَرُ).
وبهذا الحبّ نالوا أعلى درجات الإيمان، وتذوّقوا حلاوته، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا).
ومِن شدّة محبّتهم كان حديثهم بين جلّاسهم، وشغلهم الشّاغل لأفكارهم، حتّى في لحظات نزع أرواحهم، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ لِطَلَبِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَقَالَ لِي: (إِنْ رَأَيْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللَّه كَيْفَ تَجِدُكَ؟) فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَعْدُ! إِنَّ رَسُولَ اللَّه يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: أَخْبِرْنِي كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: عَلَى رَسُولِ اللَّه وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، قُلْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّه أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَقُلْ لِقَوْمِيَ الْأَنْصَارِ لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّه إِنْ خُلِصَ إِلَى رَسُولِ اللَّه وَفِيكُمْ شُفْرٌ يَطْرِفُ، قَالَ: وَفَاضَتْ نَفْسُهُ.
وهذا غيضٌ مِن فيضٍ مِن أخبار الصّحابة الأطهار، في محبّتهم للنّبيّ المختار، فلنسر على نهجهم، لننال بشرى رسولنا صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا: نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ).
خاتمةٌ:
إنّ محبّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم مِن أعظم العبادات الّتي يتقرّب بها المؤمن لربّ البريّات، فيضاعف له بها الحسنات، ويمحو عنه السّيّئات، ويرفعه أعلى الدّرجات، بل إنّها مِن أوجب الواجبات، حيث ينال العبد بها شفاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويُحشر في زمرته، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: (وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟) قَالَ: حُبَّ اللهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: (فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)، قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ: (فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ.
وإنّها تتجلّى في طاعته واقتفاء أثره، واحترام حديثه، وتحكيم شريعته في جميع مجالات الحياة {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النّساء: 65].
كما علينا أن نعلم أنّ محبّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم تكون -أيضًا- باحترام صحابته وأزواجه، وآل بيته وذرّيّته، الّذين أثنى الله عليهم بقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29].
وبقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18].
وأرشدنا إلى مكانتهم وعلّو مقامهم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي).
فالمرء يُحشر مع مَن أحبّ، والرّجل على دِين خليله، فلنجعل رسول صلى الله عليه وسلم الله حبيبنا وخليلنا، فنتّبع سنّته، وننصر شريعته، ونتخلّق بأخلاقه، ونستسلم لأحكام دِينه، ونحذر مخالفته، والانحراف عن نهجه {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النّور: 63].