1- رمضان شهر القرب من الله والأنس به
2- غار حراء والمقاصد العظيمة
3- اقرأ وارتق واقترب من الله
4- معاني التعلق بالله من غار حراء
5- الأخلاق الفاضلة بين حراء ومدرسة الصيام
1- رمضان شهر القرب من الله والأنس به
الحمد لله أننا نعيش هذه النعمة الإلهية، والحمد لله أننا نحيا هذه المنحة الربانية، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185]
فنحن في أيام مباركات وليالٍ خيّراتٍ، من صام فيهن النهارَ غُفر له، ومن قام فيهن الليلَ غُفر له، موسمٌ جليلُ القدر، كثيرُ الأجر، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ، الحسناتُ فيه متضاعفةٌ، وأبوابُ الجنة مفتّحةٌ، وأبوابُ النيرانِ مؤصدةٌ، ومُنادٍ من قِبَلِ الله يقول: يا باغي الخير أقبل، فيا عبد الله بادر، فرمضان يوشك أن يغادر.
رمضان تجلى وابتسم طوبى للعبد إذا اغتنم
أرضى مولاه بما التزما وسعى للخيرات واقتربا
إنّ رمضانَ شهرُ القرب من الله، شهرُ الأنس بالله، شهرُ التعرف على الله، إنّ القرب من الله أعظمُ المقصودِ، والسعيَ لمرضاة الله أعظمُ مطلوبٍ، فقد جاء في آخر آيات الصيام من سورة البقرة قولُ الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة:186].
وهو العملُ الذي قال الله فيه: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).
فحريٌّ بكل صائمٍ أن يعمل بل ويسعى لهدفٍ عظيمٍ ومطلبٍ جسيمٍ في هذا الشهر الكريم إنه: (القربُ من الله ونيلُ رضاه)، إذِ القربُ من الله هو أعلى المقامات وأجلُّ الدرجات وغايةُ الغايات، قال الله جل ثناه: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّات النَّعِيم} [الواقعة:10-11].
2- غار حراء والمقاصد العظيمة
وهذا ما كان يفعله نبينا صلى الله عليه وسلم حيث كان يأتي غار حراء يتحنث الليالي ذوات العدد، معه زاده طعاماً وشراباً، حتى كان ذلك اليومُ العظيمُ الجليلُ في تاريخ الإنسانية، والحدثُ الضخمُ في سجلِّ البشريةِ يومَ أوحى الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} [العلق:1-4].
من هنا نعلمُ أنّ رمضانَ هو غارُ حراءٍ للمسلم يتعرف فيه على الله، يتقرّبُ به من الله، يزدادُ طاعةً وتعلقاً بالله.
رمضانُ حِراءُ الإنسانِ يجدُ فيه راحةَ نفسِهِ، وسرورَ قلبِهِ بقربه من ربه.
رمضانُ حِراءُ الإنسانِ يجدُ فيه عظمةَ اللهِ في إنشاء خلقه وقدرةِ الله من تصريف عباده.
رمضانُ حِراءُ الإنسانِ يعبدُ فيه ربَّهُ يسجُدُ فيه لله ويقتربُ إلى رحمات الله.
رمضانُ حِراءُ الإنسانِ ينتصرُ فيه على نفسه وهواها ويزكي نفسه ويهديها.
أيها الصائمون: ليس هناك زمانٌ أقدسَ، ولا وقتَ أنفسَ للقرب من الله من هذا الشهر العظيم، فالقلوبُ متيقظةٌ، والهممُ وثابةٌ، والنفوسُ تواقةٌ، فهلُمُّوا معاشرَ الصائمين إلى أعظمِ ثمراتِ الصيامِ، ألا وهي القربُ من الملك القدوس السلام.
إنّ التقربّ إلى الله عز وجل يكون بما يُحِبُّ من الأقوال والأعمال الظاهرة البدنية والمالية والأعمال الباطنة الروحية القلبية، يقول الله في الحديث القدسي: (وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه).
فالطريقُ إلى القرب من الخالق بعدد أنفاس الخلائق، ولكنْ لعل مِنْ أنفَسِها وأقدَسِها خصالٌ ثلاثةٌ:
3- اقرأ وارتق واقترب من الله
الخصلة الأولى: الارتقاءُ العلميُّ للقربِ من الله: من أعظم ما نأخذ من غار حِراء في القرب من الله تعالى هي الكلمة الأولى من الوحي الرباني لقلب النبي محمد إنها (اقْرَأْ) وما أدراكم ما تفعل هذه الكلمة القرآنية العظيمة في رقي الهمة وبناء الأمة، إنها مفتاح النجاح والفلاح وسر النهضة البشرية وعنوان الحضارة الإنسانية، والقراءة هي ما تميز الإنسان عن سائر المخلوقات لذلك كان فاتحة الأوامر الإلهية في الآيات والبينات.
لولا عَظِيمُ الأمر في: (إِقْرَأْ) لَمَا بَــــدأتْ رِســـالَتَنا بِغــارِ حِــراءِ
إنّ القــراءَةَ للنّفــوسِ حيـــاتُهــا كالجَدْبِ يُخصِبُ من فراتِ الماءِ
إنّ القراءةَ فريضةُ اللهِ الأولى لنا، أولُ تكليفٍ في القرآن علينا، وبالقراءة يرتفِعُ الإنسانُ ويقترب من الملك العلام، يتعرّفُ على الخالق والمخلوق، قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11].
وأعظمُ ما تكون القراءةُ، وأجلُّ وأجملُ ما تكون لكتاب الله تعالى، ففيها الرقيُّ والدنوُّ والقربُ من الله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقال لقارئ القرآن: اقرأ ورتل وارتق كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها).
فأقبِلوا على كتابِ ربِّكم قراءةً ورُقياً، وأَقبلوا على كلامِ ربِّكم فهماً وتدبراً، وأقبِلوا على ذِكرِ ربِّكم علماً وعملاً، فو الله ليس هناك رِفعةٌ لنا في الدنيا وقربٌ لربنا في الآخرة أفضلَ من الاعتصام بحبل الله المتين ونوره المبين وذكره الحكيم، فهلمُّوا إلى كتاب الله قراءة ورُقياً.
هذا كتاب الله دستورُ الورى وبه رقيُّ الناس والأعـــراقِ
هـذا كتاب الله نــورٌ ســاطعٌ متلألئ كالكوكــب البــــرّاقِ
هذا كتاب الله مصدرُ عــزنا وبه سنشرق أروعَ الإشراقِ
هـو نهجنا وفلاحنا ونجاحنا ومـلاذنا وســـعادة العشّـــاقِ
واحذروا من ترك القراءة فأمةٌ لا تقرأ لا تستحق الحياة، وبلادُ الشام اليومَ بحاجةٍ إلى عقولٍ عالمةٍ، وأيدٍ صانعةٍ، تقرأُ فتبنيها، وتجاهدُ فتحميها، "مصحفٌ يهدي وسيفٌ يحمي".
ولقد بحَثَ عدوُّنا عن مكان قوتِنا ونقاطِ ضعفِنا فوجدها في القراءة، كما قال الخبيثُ موشي ديان: "أمةُ اقرأ لا تقرأُ"، صدقَ وهو كذوب، فلنأخُذْ من مدرسةِ حِراءَ ولنتعلَّمْ من جامعة حِراءَ أنّ اقرأ: رُقيٌّ في الحياة، وقربٌ من الله.
أو ما علمـــت بأن أول آيـــة اقرأ اقرأ أتتنا في الكتاب عمودا
إن القراءة للنفـــوس غذاؤها فاجعل لنفسك في السمو صعودا
لا عذر بعد الآن هيا فانطلق وافتــــــح كتاباً قارئ ومريــــدا
4- معاني التعلق بالله من غار حراء
الخصلة الثانية: الارتقاء التعبدي في القرب من الله تعالى: من دروس مدرسة حِراءَ العظيمةِ أن يعيش المسلم متحنثاً لله، عابداً لله منقطعاً عما سواه، لا يرجو إلا الله ولا يخاف غير الله، ولا يثق إلا بالله ولا يتكل إلا على الله، ولا يطلب العزة والنصرة إلا من الله، قدوته في ذلك رسول الله الذي كان يختلي بربه في غار حراء يتعبد الليالي ذوات العدد، نعم إنها دورة تعبدية لله يزداد فيها الصائم قرباً من الله، يقول صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
فتراه يحافظ على صلواته المفروضة في أوقاتها في جماعة، ويتقرب إلى الله بصلاة النافلة، ويحافظ على قيام الليل وصلاة التراويح محققاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة).
يغتنم فرصتين ويعيش بين فضيلتين، مردداً في محراب التعبد لله بلسان الخضوع والخشوع: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان:64-65].
ولسان حاله:
يا ليل قيامك مدرســـة فيها القــرآن يـدرسني معنى الإخلاص فألزمه نهجاً بالجنة يجلسني
ويبصرني كيف الدنيا بالأمل الكاذب تغمسني مثل الحــرباء تلونها بالإثم تحـاول تطمسنى
فأباعــــدها وأعانــــدها وأراقبهــا تتهجســني فأشـــد القلب بخالقه والذكـر الدائم يحرسني
أي والله أخي الصائم: إنّ مِن أعلى مَن يُعلي مقامَكَ عند ربك، ويُدنيك ويقرِّبُك مِن خالقك السجودٌ لله والخضوعُ له بقلبك وقالبك؛ فمَن عرَفَ ربَّه سَجَدَ له، ومَن سَجَدَ لله اقترَبَ من الله، وها هو ياباني أسلم جديداً فسئل: ما الذي استفدت من إسلامك؟ فقال: استفدت من إسلامي العزة والقوة والكرامة، فقالوا مندهشين: وأين وجدت ذلك؟ فقال: وجدته وأنا ساجدٌ بين يدي الله، فقالوا وقد أخذتهم الحيرةُ: وكيف ذلك؟ فقال: إنّ المسلمَ إذا سجَدَ صار قريباً من الله، واللهُ قويٌّ، والقريبُ من القوي قويٌّ، واللهُ عزيزٌ، والقريبُ من العزيز عزيزٌ، واللهُ كريمٌ، والقريبُ من الكريم كريمٌ، يا الله ما أجملها من معاني تحقق قول الله تعالى {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}.
بسجدة لك في الأسحار خاشعة سجود مُعْترف لله مُقترب
العــز في كنــف العــزيز ومن عبــــد العبيـــد أذلـــه الله
فيا أخي الصائم: إنها بوابةٌ عظيمةٌ للقرب من مولاك، ولأجل تحقيقِ مرادِكَ ومبتغاك، فبالسجود تكون قريباً من كل خير، قريباً من الله، وقريباً من رسول الله وقريباً من جنة الله، وهاكم قصة ربيعة رضي الله عنه عندما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا ربيعة هل لك من حاجة؟)، فقال: مرافقتكَ في الجنةِ. قال له صلى الله عليه وسلم: (إذاً أعنـّي على نفسكَ بكثرةِ السجودِ لله).
فيا لعظمة السجود تحقق به كل مطلوب ومرغوب، فقط اسجد واطلب وتمنى، وسيأتيك العطاء من الله العلي الأعلى، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقربُ مَا يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاءَ فإنه قَمِنٌ أن يُستجاب لكم).
فاسجُدْ وادْعُ لإخوانك المعتقلينَ، واسجُدْ وادْعُ للمجاهدينَ، واسجُدْ وادْعُ للمصابينَ، واسجُدْ وادْعُ للفقراءِ والمساكينَ، واسجُدْ وادْعُ للنازحينَ والمشرَّدينَ، فرُبَّ سجدةٍ صادقةٍ منك لله غيّرتْ أحوالَ كثيرٍ من خلق الله، ورحم اللهُ ابنَ القيم عندما قال معلقاً: لو يعلمُ الساجدُ بين يدي الله ما تَتَنزَّلُ عليه من الرحمات ما رفع رأسَهُ أبداً.
قف بالخضوع ونادي ربك يا الله إن الكريم يجيب من ناداه
5- الأخلاق الفاضلة بين حراء ومدرسة الصيام
الخصلة الثالثة: السمو الأخلاقي يسمو بك إلى الله: إنّ مدرسةَ حِراءَ غزيرةُ الفوائدِ، عظيمةُ الفرائد، فمِن دروسِ حِراءَ النبيلةِ وثمراتِها الجميلةِ: أنها تربي الإنسانَ على الأخلاق الفاضلة، فها هو رسول الله عندما عاد من غار حِراء إلى خديجة رضي الله عنها خائفاً فقالت له مهدئة ومبشِّرة: "كلَّا! والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحمِل الكَلَّ، وتَكسِبُ المعدومَ، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
رمضان كــم هامــت بك الأقلام واستبشر الضعفاء والأيتام
حيث القلوب مع الصيام يسودها نبل العطـاء يحفهــا الإلهام
من هنا نعلم يا أيها الصائمون : أن مما يقرب العبد إلى الله ويعلي شأنه عند مولاه السعي في قضاء حوائج عباد الله وإحسان إلى خلق الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحبُّ الناسِ إلى الله أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ تدخِلُهُ على مسلم، أو تكشِفُ عنه كربةً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرُدُ عنه جوعاً، ولَأَنْ أمشي مع أخي المسلم في حاجةٍ أحبُّ إليّ مِنْ أنْ أعتكفَ في المسجد شهراً)، هذا في الحقيقة ما ينتظرُهُ الناسُ منك أيها الصائم، فالناسُ في الشام بين مكروبٍ حزينٍ, ومهمومٍ مَدينٍ، و جريحٍ وسجينٍ, وأرملةٍ ومسكينٍ، وفقيرٍ ويتيمٍ؛ وهؤلاء جميعاً ينتظرون منك كفَّ الأذى وبذلَ الندى، ينتظرون منك معونةَ الفقيرِ، وفكَّ الأسيرِ، ينتظرون منك السعيَ لطَرْقِ أبوابِ المرضى ومواساةِ الجرحى، ينتظرون منك مسحَ رأسِ اليتامى، ورعايةَ الأرملةِ والثكالى، آه ما أعظمَهُ مِن صيامٍ، وما أروعَهُ مِن قيامٍ ونحن نتربى على آي القرآن: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [ البقرة: 177].
فلقد كان كذلك حبيبُكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، كما وصفه ابنُ عباسٍ عليه رضوانُ الله: "كان رسول الله صلى الله وعليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يأتيه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله وعليه وسلم حين يأتيه جبريل أجود من الريح المرسلة".
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "أحبُّ الصيامِ الزيادةُ في الجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم".
محمد أشرف الأعراب والعجـم محمد خير من يمشي على قـدم
محمد باسـط المعـروف جـامعه محمد صاحب الإحسان والكرم
محمد ثـابـت الميثــاق حـافــظه محمد طـيب الأخلاق والشـــيـم
محمد ضـاحـك للضيف مكرمه محمـــد جــاره والله لــم يضــم
أيها الصائمون: إننا إذا أردنا أن نعود لمجدنا التليد وعزنا المجيد إذا أردنا أن نعود للقمم وقيادة الأمم، فلنعد إلى معاني غارِ حِراءَ حيث النورُ والهدايةُ، حيث السعادةُ والسيادةُ، حيث الإمامةُ والقيادةُ، ورحم الله الإمام مالكاً عندما قال: "لا يصلُحُ أمرُ آخر هذه الأمةِ إلا بما صَلُحَ به أوّلُها"، وصلاحُ أولِها كان مبدؤه الوحي في غار حراء، فهناك الرقي العلمي بالقراءة قال الله {اقْرَأْ}، والرقي الروحي بالعبادة قال الله {وَاسْجُدْ}، والرقي الخلقي بالمساعدة قال الله: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، فهيا أخي الصائم اعمل وردد قائلاً:
أسمو وأجتاز السـماء جــلالا فأزيد أسراب الغيوم جمال
وألون الدنيا بأجمل بســـــمة وأكون للخير العميم مثال
وأراقب الرحمـن جل جـلاله وتقدست أسماؤه وتعالى
وأكون للوطن الحبيب مشيدا أنمى إليه وأستفيض جلال
وأبــر محتســــــــبا بأم وأب فاضا على محبة ودلال
وأكون في عمل التطوع قدوة وأصوغ من عزم الرجال مجال
فأكون بالقيم العظيمة جدولا أسقي الحياة محبة وجمال
هي هكـــذا قيم النجاة تحثني فأخوض فيها للنجاة نزال
لا تسأل المقدام عن سبل العلا ستراه طيرا بالعزيمة جال